عند كلّ انتخاب ورطة... 3 حالات فراغ خُتمت بنار أو بتسوية!
هي بانوراما انحدارية ضمن مسار متآكل للديموقراطية تختصر الاستحقاقات الرئاسية التي لم تحترم المواعيد الدستورية، فكان الشغور الرئاسي البديل.
تجارب ثلاث طبعت جمهورية الطائف، لتنتج خمسة رؤساء: رينيه معوض، الياس الهراوي، إميل لحود، ميشال سليمان وميشال عون.
تمديدان وحالات فراغ ثلاث. وعند كل مرحلة ورطة طبعت الرئاسة الأولى ليتم الخروج منها إمّا بالنار وإما بتسوية ترقيعية "أكلت" ما بقي من النظم الدستورية.
رينيه معوض الرئيس الأول بعد الطائف، اغتيل. دخلت البلاد الوصاية السورية رسمياً. انتخب الرئيس الياس الهراوي، في زمن "الإحباط المسيحي والإقصاء"، وأتى التمديد ليعمّق هذا الشعور.
عام 1998، بدأ عهد الرئيس إميل لحود. هو أتى من "فرح الناس" وخرج وحيداً من قصر بعبدا على وقع حملة "فل".
أشعلت ولايته حجم الكوارث، وأطلق التمديد الشرارة. حلّت موجة اغتيالات غير مسبوقة في المدة الزمنية القصيرة بين تصفية وأخرى. رئيس حكومة، صحافيون مناضلون، نواب ممن دخلوا "لائحة الشرف" ولم يبصموا على التمديد، تمت تصفيتهم، الواحد تلو الآخر، حتى حلّ الفراغ المقيت، لا في الرئاسة فحسب بل في الحياة السياسية!
حرب تموز!
وما أشبه اليوم بالأمس. تموز 2006 وقعت الحرب.انسحب الوزراء الشيعة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وضُربت الميثاقية. غادر لحود، وحيداً، قصر بعبدا، في 24 تشرين الثاني 2007. فكان الفراغ الأول. لم نخرج منه بسهولة. كان لا بد من الدم. وقعت حوادث 7 أيار 2008، وكادت الفتنة تشعل لبنان، جبلاً وساحلاً. سريعاً، تداعى المسؤولون نحو الخارج، ونسجوا "اتفاق الدوحة" الذي كرّس ميشال سليمان رئيساً.
في 25 أيار 2008، بدأت الولاية. مجدداً، تثبت التركيبة اللبنانية على المعادلة الآتية: نصف الولاية يمر على خير، والنصف الثاني تعصف به "الويلات".
عام 2011، انطلق"الربيع العربي"، فشهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة من عهد سليمان اضطرابات وتفجيرات. بعد عامين، استقالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ليحاول الرئيس تمام سلام عبثاً تشكيل حكومة. مرّ 11 شهراً، قبل أن تؤلف حكومة "بالتي هي أحسن"، فاقتربت ولاية سليمان من النهاية، بلا خلف، وكان لا بد من حكومة "تقطّع" الفراغ.
25 أيار 2014، انتهى عهد سليمان، وحلّ الفراغ الثاني.
عامان و5 أشهر. 45 جلسة انتخاب. بقي البلد "يجرّ" نفسه على رجل واحدة، وكأن عادة أن يغادر سيّد القصر، بلا تسليم وتسلّم، باتت قاعدة الجمهورية. بدأ لبنان "يتطبّع" مع الفراغ فتطول مدته عند كل استحقاق.
فجأة، وفي وقت مستقطع دولي، قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، تقاطع الداخل حول الرئيس ميشال عون، فوقّع "اتفاق معراب" في 18 كانون الثاني 2016، ليحمل عون، "الرئيس القوي"، إلى بعبدا في 31 تشرين الأول 2016.
غير مسبوق. كان عهد عون، بأزماته السياسية، المالية وحتى الصحية. اجتمعت الأزمات المقصودة وغير المقصودة، في ولاية واحدة. من 17 تشرين الأول 2019: تاريخ اندلاع "الحراك الشعبي"، رفضاً للفساد و"المافيا"، إلى 4 آب 2020: تاريخ انفجار مرفأ بيروت الذي طبع البلد بالحزن، وما بينهما أزمة "كورونا". مسار عطّل مرافق الدولة.
استثناء ميّز العهد، فهو لم "يقلّع" أصلاً في نصفه الأول حتى يضعف في نصفه الثاني، بل "دحرجت" الأعوام الستة لبنان نزولاً. فلا الإصلاحات أقرّت، ولا حقيقة المرفأ أعلنت، ولا مسار المؤسسات انطلق. أفل العهد رسمياً في 31 تشرين الأول 2022، وسرنا نحو الفراغ الثالث.
عامان مرا. 12 جلسة انتخاب، ولا رئيس. "أطبق" على النظام. وليكتمل الانهيار، اندلعت حرب لم تقرّرها السلطة، فجرفت البلاد نحو المجهول، و"اختفى" انتخاب الرئيس بين ضرورة وقف النار وإنقاذ بلد ضائع بين أبنائه!
قبل عام و4 أشهر!
آخر جلسة انتخاب، عقدت قبل عام و4 أشهر، في 14 حزيران 2023، تنافس فيها رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور، فحصل الأول على 51 صوتاً، ونال أزعور 59 صوتاً. بعدها، أقفل الرئيس نبيه بري القاعة العامة، وبقي النائب ملحم خلف معتصماً في الداخل، تطبيقاً للدستور!
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|