الصحافة

ترامب يغيّر وجه العالم؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

سلط مقال في موقع “كارنيغي” الضوء على سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب “الرامية إلى تفكيك النظام الدولي متعدد الأطراف والانسحاب من المنظمات والمعاهدات العالمية”. وأوضح الكاتب ستيوارت باتريك أن هذه السياسات تمثل قطيعة مع النهج الأميركي الذي اعتمد إبان الحرب العالمية الثانية، وقام على تعزيز نظام عالمي قائم على المؤسسات والقانون الدولي لخدمة السلام والرخاء المشترك.

وحذر المقال من أن رؤية ترامب ستؤدي إلى مزيد من الفوضى، في وقت يحتاج فيه العالم إلى قيادة حكيمة لمواجهة الأزمات العالمية. وذكّر بأن “ترامب وقّع في الرابع من شباط 2025، أمراً تنفيذياً واسع النطاق قد يغيّر بصورة جذرية عقوداً من انخراط الولايات المتحدة في الشؤون العالمية. وفرض هذا التوجه مراجعة شاملة خلال 180 يوماً لجميع المنظمات متعددة الأطراف التي تنتمي إليها الولايات المتحدة، وكذلك لجميع المعاهدات الدولية التي وقّعت عليها، بهدف تقييم مدى ضرورة استمرار دعمها أو الانسحاب منها. وهكذا، بدأ العدّ التنازلي لأحد أكثر جوانب السياسة الخارجية الأميركية تميزاً منذ العام 1945: القرار الاستراتيجي المتّخذ من إدارات جمهورية وديموقراطية متعاقبة بتوظيف القوة الأميركية ضمن مؤسسات متعددة الأطراف لدعم عالم يسوده السلام والرخاء والعدالة، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية المشتركة.

انسحابات مستهدفة

وفي المدى القريب، تبدو الأهداف الأولية لهذا القرار متوقعة ومحدودة. إذ ينصّ الأمر التنفيذي على انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما فعلت خلال الولاية الأولى لترامب، وإعادة النظر في عضويتها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، التي طالما كانت هدفاً للانتقادات الجمهورية، إضافة إلى وقف جميع أشكال التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.

لكن الأخطر من ذلك هو تكليف وزير الخارجية الأميركي بإجراء مراجعة شاملة لجميع المنظمات الدولية التي تنتمي إليها الولايات المتحدة، وكل المعاهدات التي وقّعت عليها، لتقييم مدى تعارضها مع “المصالح الأميركية”، وما إذا كانت قابلة للإصلاح. وبناءً على هذه المراجعة، سيقدّم الوزير توصيات للرئيس بشأن الانسحاب المحتمل من هذه الالتزامات. من حيث المبدأ، قد يمهّد هذا القرار لإلغاء آلاف المعاهدات وانسحاب الولايات المتحدة من مئات المنظمات متعددة الأطراف.

تفكيك النظام الدولي؟

وسبق أن انسحبت إدارة ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وأعلنت نيتها الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وتخلّت فعلياً عن التزاماتها القانونية بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951. كما يخطط الرئيس لإعادة هيكلة النظام التجاري الدولي عبر فرض تعريفات جمركية ثنائية بديلة، ما قد يمثّل الضربة القاضية لمنظمة التجارة العالمية التي تعاني أصلاً من مشكلات بنيوية.

لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحدّ. فمن المرجّح أن يشمل التقويض المزيد من الاتفاقيات والمنظمات الدولية، وصولاً إلى احتمال انسحاب الولايات المتحدة بالكامل من الأمم المتحدة. وسيكون لهذه الخطوة وقع تاريخي يماثل رفض الولايات المتحدة الانضمام إلى عصبة الأمم عام 1919، نظراً الى الدور المركزي للأمم المتحدة في النظام العالمي، حيث تضم جميع دول العالم، وتتمتع بميثاق ملزم قانونياً، ومسؤولية فريدة عبر مجلس الأمن في إقرار استخدام القوة العسكرية.

المعضلة الدستورية والانعكاسات القانونية

من الناحية القانونية، يثير هذا التوجه تساؤلات جوهرية حول مدى امتلاك الرئيس للسلطة الدستورية التي تخوّله الانسحاب من الأمم المتحدة ناهيك عن إلغاء آلاف المعاهدات الدولية من دون المرور بالاجراءات التشريعية اللازمة. لكن هذه المسائل القانونية قد لا تكون عائقاً كبيراً أمام إدارة ترامب، التي أثبتت خلال أسابيعها الأولى عدم اكتراثها بالضوابط التقليدية، كما أن هناك العديد من الطرق لتعطيل المؤسسات الدولية من دون الحاجة إلى انسحاب رسمي.

رؤية ترامب: من النظام إلى الفوضى؟

اليوم، يسعى ترامب إلى تفكيك النظام العالمي الذي صاغته الولايات المتحدة، واستبداله برؤية تهيمن فيها القوى الكبرى على مناطق نفوذها، وتمارس الضغوط على الدول الأضعف لتحقيق مصالحها الذاتية، بدلاً من تعزيز التعاون العالمي من خلال الأطر متعددة الأطراف. في ظل هذا النهج، يتم استبدال الديبلوماسية المتعددة الأطراف بمقاربات ثنائية قائمة على الابتزاز والضغط.

يأتي ذلك في وقت يواجه فيه النظام الدولي تحديات غير مسبوقة، مثل تصاعد التنافس الجيوسياسي، وتنامي النزعات القومية الشعبوية، وتفاقم أزمة المناخ، والتقدم التكنولوجي المتسارع، والتفاوت الاقتصادي العالمي.

تبرّر إدارة ترامب سياساتها بأن المنظمات الدولية تقوّض السيادة الأميركية، وتقيّد حريتها في اتخاذ القرار، وتشكّل عبئاً مالاًا غير مبرّر. ولكن من الناحية المالية، بلغت مساهمة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عام 2022 نحو 18 مليار دولار، أي ما يعادل 2% فقط من ميزانية الدفاع الأميركية البالغة 820 مليار دولار.

وختاماً، لا ضير من إعادة تقييم الالتزامات الدولية للولايات المتحدة، شريطة أن يتم ذلك بحكمة، ومن خلال مشاورات معمّقة مع الكونغرس، وهو أمر لا يبدو حتى الساعة أن إدارة ترامب مستعدة للقيام به”.

حسناء بو حرفوش 

لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا