الصحافة

مفاوضات الرّياض: زيلينسكي “أكل الضّرب”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يوم الثلاثاء الفائت اجتمع وفدا الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا في عاصمة المملكة العربيّة السعوديّة لمناقشة الحرب في أوكرانيا. لم يُدعَ إلى هذا الاجتماع “أولياء الدم”، الأوكرانيون، وأصحاب الأرض، الأوروبيون، فتصاعد التوتّر بين حلفاء ضفّتَي الأطلسيّ وبين كييف وواشنطن.

اجتماعات أوروبيّة عاجلة

ما إن علم الأوروبيون بالاجتماع الذي سيعقد في الرياض حتّى سارعوا إلى إجراء المشاورات لحجز مقعد لهم إلى طاولة المفاوضات كي لا تأتي على حساب مصالحهم، خاصّة في ما خصّ أمن القارّة.

دعت الممثّلة العليا للسياسة الخارجيّة للاتّحاد الأوروبيّ كايا كلّاس صباح الأحد 16 شباط وزراء خارجيّة الدول الأوروبيّة الحاضرين في مؤتمر ميونخ للأمن إلى الاجتماع. ويوم الإثنين 17، أي قبل يوم من اجتماع الرياض، عُقدت قمّة أوروبيّة مصغّرة في باريس ضمّت، إضافة إلى فرنسا، ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا والدنمارك وهولندا. اتّفق المجتمعون على رفض استبعادهم عن المفاوضات في الرياض، واختلفوا على فكرة إرسال قوّات حفظ سلام إلى أوكرانيا. “أزعج” الطرح المستشار الألماني أولاف شولتز. من جهته رحّب دونالد ترامب بالطرح وقال: “إذا أرادوا فعل ذلك، فأنا أؤيّد بالكامل”، مشيراً إلى أنّه لن يتعيّن على الولايات المتّحدة المساهمة في أيّ قوّات “لأنّنا، كما تعلمون، بعيدون جدّاً”.

المخاوف الأوروبيّة

ما تخشاه أوروبا هو بكلّ بساطة أن يكرّر فلاديمير بوتين بعد سنوات ما فعله في أوكرانيا في شباط 2022، وقبله في 2014 عندما ضمّ شبه جزيرة القرم. ما يزيد من المخاوف الأوروبيّة السياسة التي يعتمدها دونالد ترامب تجاههم منذ ما قبل عودته إلى البيت الأبيض ومقاربته للسلام في أوكرانيا:

– تهديد ترامب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسيّ ما لم يدفع الأوروبيون “فواتيرهم”. وطالبهم برفع الميزانيات الدفاعيّة لدولهم إلى ما فوق 2 %. 

3- يثير استعجاله إنهاء الحرب في أوكرانيا قلق الأوروبيين، خاصّة أنّه يشجّع فلاديمير بوتين على رفع سقف مطالبه للسلام. وبعد اجتماع الرياض يبدو أنّ قطار إنهاء الحرب الأوكرانيّة انطلق بسرعة، إذ أعلنت المتحدّثة باسم الخارجيّة الأميركيّة “تعيين فرق رفيعة المستوى للبدء في العمل على مسار إنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن بطريقة دائمة ومستدامة ومقبولة من جميع الأطراف”.

– اعتبار ترامب وإدارته أنّ احتلال روسيا لأربع مقاطعات في شرق أوكرانيا أصبح أمراً واقعاً، وقول ترامب إنّ الروس “في موقع قوّة إلى حدّ ما لأنّهم سيطروا على الكثير من الأراضي. لذا هم في موقع قوّة”، يثير قلق الأوروبيين أيضاً لأنّه سيشجّع “القيصر” الروسيّ على القيام بغزو آخر بعد سنوات لفرض أمر واقع جديد.

4- انطلاق المفاوضات يشير إلى الأخذ في الاعتبار أمن روسيا أكثر من أمن أوروبا. فكلّ التسريبات والتحاليل تشير إلى أنّ عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسيّ أصبح أمراً محسوماً. في المقابل لا يزال الحديث غير واضح عن أمن أوروبا.

ترامب – زيلينسكي

أكثر ما برز قبل اجتماع الرياض وبعده هو تدهور العلاقة الشخصيّة بين فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب. اتّهم الثاني الأوّل بأنّه “ديكتاتور حكم بدون انتخابات”، في إشارة إلى انتهاء ولايته في أيّار الفائت. وحمّله مسؤولية بدء الحرب وقيامه بـ”عمل فظيع”. أضاف ترامب: “لقد تحطّمت بلاده، ومات الملايين والملايين من الناس دون داع”.

من جهته، انتقد زيلينسكي المحادثات التي “تجري بين ممثّلين لروسيا وممثّلين للولايات المتحدة بشأن أوكرانيا ومن دون أوكرانيا”. الرجلان على طرفَي نقيض في العقلية والممارسة السياسيّة. ترامب رجل أعمال. حساباته تنحصر بالربح والخسارة. بينما زيلينسكي بدا، منذ بدء الغزو الروسيّ لبلاده، عقائديّاً مقاوماً. فهو خلع اللباس الرسميّ وارتدى البزّة شبه العسكريّة ليؤكّد إصراره على المقاومة.

سلام موجع

أبعد من العلاقة المتوتّرة بين الرجلين، ما تخشاه أوكرانيا هو إرغامها على القبول بسلام موجع بعد ثلاث سنوات من الحرب تكبّدت خلالها الكثير من الخسائر في البشر والحجر. هناك مؤشّرات تفيد بأنّ استرداد شبه جزيرة القرم لن يكون بنداً على طاولة المفاوضات. والمقاطعات الأربع التي احتلّتها روسيا لن تعود تحت سلطة كييف المركزيّة. كما أنّ حلم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسيّ سيبقى حُلماً. فالأميركيون يعتبرون أنّ هناك “فرصاً استثنائية للشراكة” مع روسيا. ولذا لن يمارسوا الضغوط الكافية عليها للتخلّي عن القرم والانسحاب من الأراضي التي احتلّتها.

تريد واشنطن إنهاء هذه الحرب والفصل بين روسيا والصين للتفرّغ للخطر العالميّ الأكبر الذي تشكّله هذه الأخيرة. تقول مصادر مقرّبة من الكرملين إنّ الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها روسيا “خطّ أحمر. هذه المناطق انتقلت إلى السيادة الروسيّة بعد استفتاءات محليّة عكست رغبة مواطنيها، وغدت جزءاً لا يتجزّأ من روسيا”.

وساطة بريطانيّة

رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر عرض الوساطة بين واشنطن من جهة، والاتحاد الأوروبيّ وأوكرانيا من جهة أخرى. فهو سيزور واشنطن الأسبوع المقبل من أجل تقريب وجهات النظر بين الحلفاء. هل ينجح؟ الأمر ليس مضموناً. فقطار المفاوضات انطلق. والأوروبيون ليسوا على متنه. ربّما سيستقلّونه فيما بعد. ولكنّهم سيكونون متأخّرين لتحصيل مطالبهم وضمان أمن القارّة من خطر “الدب الروسيّ”.

شكّلت حرب أوكرانيا عند اندلاعها تهديداً للأمن العالميّ. خاف العالم من اندلاع حرب عالميّة ثالثة. فهل تضمن نهايتها الأمن العالميّ؟ المفاوضات لا تزال في بداياتها وستستغرق وقتاً ولو أنّ ترامب يستعجلها.

فادي الأحمر-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا