طريق المطار... يا ماما
عندما غنى غسان الرحباني أغنية "طريق المطار" عبّر فيها وبإبداع عن الأبعاد العاطفية والتاريخية للبنان، ومع كل استحقاق جديد وانقسام سياسي، تجدني أسمعها وأبتسم لإبداع الرحباني كما لسخرية القدر. من خلال كلمات هذه الأغنية، تستحضرني مشاعر متضاربة فأجد نفسي أمام جملة "والجسر الطويل... من ضهرو فيك بسهولة تقشع الغسيل"، والحق يقال أبدع اللبناني على مر التاريخ "بنشر غسيلو" أمام العالم.
خاصة مع تصاعد الأحداث السياسية في الآونة الأخيرة، حيث شكّلت قضية الطائرة الإيرانية التابعة لـ"مهان إير" اختباراً فعلياً لعهد الرئيس جوزاف عون، خصوصاً لناحية التعاطي الجازم مع التداعيات الأمنيّة الخطيرة التي انزلق إليها طريق المطار، حيث نظم "حزب الله" احتجاجاً على طريق المطار أدى إلى صدامات بين المحتجين ووحدات الجيش اللبناني كما قام بعض المحتجين بالتعدي على قوات "اليونيفيل" وقد كان بعض الموقوفين في إشكال طريق المطار من غير الجنسية اللبنانية، فهل يذكرنا ذلك بالماضي وحرب الغير على أرضنا؟ وعلى طريقة الرحباني "الحق مش كلو عليك...الحق ع الاستعمار".
حرص رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على عقد اجتماعٍ رئاسي ثلاثي والخروج بتوجيهات بفرض سيطرة الأجهزة العسكرية والأمنية على طريق المطار وعدم السماح بإقفال الطريق والمحافظة على الأملاك العامة، فضلاً عن تكليف وزير الخارجية والمغتربين متابعة الاتصالات الديبلوماسية لمعالجة مسألة الرحلات الجوية بين طهران وبيروت والأهمّ المباشرة بتطبيق التدابير والإجراءات المتّبعة في تفتيش الطائرات كافة وتكليف جهاز أمن المطار متابعة الالتزام بالتوجيهات اللازمة، والتنسيق مع وزير الأشغال العامة والنقل لتمديد مهلة تعليق الرحلات من وإلى إيران. هذا المسار لاقى دعماً سعودياً سريعاً إذ أعربت المملكة عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية والتعامل بحزم مع الاعتداء على قوات "اليونيفيل"، مجدّدةً الدعم والثقة في العهد وهو ما انعكس بشكل واضح من خلال الاندفاع العربي الخليجي وموجة الاستثمارات باتجاه كافة القطاعات في لبنان. هذان الالتمام والالتفاف العربيان يعيدان الطمأنينة لقلوبنا بلغتنا الأم، لغة العلم والثقافة. كما أكدت الولايات المتحدة دعمها للبنان، ومواصلة جهودها لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان، والتزامها بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار وحل المسائل العالقة دبلوماسياً.
فهل يكون الحل بافتتاح مطارات أخرى كمطار القليعات وحامات ورياق؟ هل هو حل للتحرر من استخدام طريق المطار كورقة ضغط أم أنه هروب من المواجهة؟ هل هو ترجمة لفرض سلطة الدولة والخروج من مهزلة التبعية والصور واليافطات لاستبدالها مثلاً بصورة لـ"قلعة بعلبك" و"لجبران خليل جبران"؟ هل هو حل اقتصادي تنموي ينشّط الاستثمارات أم أنه تقسيم وانقسام داخلي؟
الأسئلة كثيرة، وطريق المطار حاله حال الكثير من المناطق اللبنانية التي تعاني من الاحتكار والاستغلال الفئوي وبات من الضروري أن يبصر البيان الوزاري النور حاملاً خططاً وآليات عمل تلحظ ملف المطار.
إن الطائفة الشيعية هي جزء من الجسم اللبناني والإجراءات التي اتخذت في ما يخص شركة الطيران الإيرانية مرتبطة بالعقوبات المفروضة عليها ولا تستهدف أي فئة لبنانية، وهي بعيدة كل البعد عن أي تبعية أو ارتهان. فالعهد الحالي هو عهد لبنان الفينيقي، السيد المستقل. فهل يكون ما حصل بداية فعلية لاستعادة القرار اللبناني الحر مما يسهّل انطلاقة الدولة لإعادة انتظام مؤسساتها؟ أم أننا أمام جولة جديدة من المواجهات؟
وسط هذه التساؤلات يترقب لبنان يوم غد مراسم التشييع وهو حدث من شأنه أن يعيد خلط الأوراق فهل يكون محطة لمزيد من التصعيد أم مناسبة لإعادة ترتيب الأولويات الداخلية وفق منطق الدولة والقانون؟
ونبقى على أمل أن نسترجع لبنان "قطعة سما" لينتصر "قدموس" لبنان في فكر سعيد عقل.
جو رحال-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|