الصحافة

حسابات ما بعد الحداد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من حقّهم أن يبكوا، أن يحزنوا، أن يهتفوا… هم لا يشيّعون الأحد مجرّد زعيم حزبي أو ديني، بل يشيّعون قائداً تمثلّوا به، عرف لغتهم وخاطبهم بها، استخدم الإعلام بذكاء وظهر بصورة الحامي و"المخلّص" لهم.

من حقّهم أن يبكوا، فالوداع لم يحصل بعد، وبالتّالي فترة الحداد لم تبدأ، محبّو السيد حسن نصرالله لم يعبّروا بعد عن حزنهم العلني بعد ذاك الاغتيال غير المتوقّع، والتهجير والحرب الإسرائيلية المدمّرة. يوم التشييع هو يوم التعبير المنتظر.

من حقّهم أن يبكوا، بعيداً من عبارات المكابرة أمام عدسات الإعلام، فكثيرون يتساءلون: "محرزة كانت هالحرب؟ خسرنا نصرالله وأولادنا وأزواجنا وبيوتنا واستقرارنا… هل كانت كل تلك الحروب والمواجهات ضرورية؟".

من حقّهم أن يبكوا، وفي داخلهم يمرّ شريطٌ طويل من الذكريات، من الوعود التي لم تتحقق، من الأوهام التي بِيعت لهم على أنها انتصارات، بينما كانت خسائرهم تتراكم بصمت. من الجنوب المُدمَّر في 2006 إلى القتال في سوريا، من عزلة لبنان الدولية إلى الانهيار الاقتصادي، وصولاً إلى حرب الإسناد القاتلة. هل هذه الحرب المستمرة التي زُجّوا فيها، من فلسطين إلى اليمن، كانت فعلاً حربهم؟ وهل كان لا بدّ أن يكونوا دائماً وقوداً لمعارك لم تخدمهم، ولا خدمت الوطن، ولا حتى القضية الفلسطينية التي ادّعى "حزب الله" حمل رايتها؟

من حقّهم أن يبكوا، فهم أيضاً خسروا أحباء لهم في تفجير مرفأ بيروت، ولم يُمنعوا فقط من الحقيقة والعدالة كما كل أهالي ضحايا التفجير، بل مُنعوا من الوقوف معهم في صفٍ واحد حتّى، فهُدّدوا وأُجبروا على الانفصال عنهم.

المشهد بعد يوم سيكون بارزاً، بلا شك، لكنه لن يكون مشهداً موحّداً، لأن لبنان ليس موحّداً مع كل الاحترام لحرمة الموت. فلبنان بكى كثيراً على شهداء "ثورة الارز"، وعلى من قُمِعوا وقُتِلوا لأنهم تجرّأوا على رفع الصّوت في وجه "محور الموت"، لبنان شبع دموعاً على اغتيال سيادة لبنان نفسها حين تحوّل الوطن إلى ساحة صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.

الأحد، سيكون هناك من يودّع نصر الله كقائد، وهناك من يرى في هذا الوداع لحظة بداية النهاية لحقبة كلّفت البلاد الكثير. لكن السؤال الحقيقي هو ماذا سيفعل في اليوم التالي، من يبكي اليوم؟ هل سيكون هذا الحداد فرصة لمراجعة المسار، لا لتكراره؟ هل ستُبنى القناعة بأن الأوطان لا تُصان بالخسائر المتراكمة، ولا بالبكاء على الأطلال، بل برؤية جديدة تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار؟ لقد بكى هذا البلد بما يكفي، أما آن له أن يبدأ مرحلة لا يكون فيها البكاء هو الحدث المنتظر التالي؟

ماريان زوين - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا