محليات

تراجع التهريب من سوريا فتفجّرت أزمة دواء في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شكّل اعتماد أعداد كبيرة من اللبنانيين على الأدوية زهيدة الثمن والمهربة من الأراضي السورية طريق نجاة للمرضى لاسيما بعد رفع الدعم عن الغالبية الساحقة من الأصناف. فقد استعان آلاف المرضى بالأدوية السورية الصنع لمعالجة الأمراض المزمنة خلال السنوات الماضية، من خلال الحصول عليها بطرق مختلفة.

منذ نهاية العام 2019 وبعدما تسبب نقص الدواء في البلاد، بمشكلة حقيقية للكثير من المرضى، تشرّعت الأسواق أمام دخول أدوية من مصادر مختلفة، حتى أن جزءاً كبيراً منها، لم يكن معترفاً به دولياً ولا خاضعاً للكشف الطبي محلياً، وكان الثقل الأكبر من الأدوية غير الخاضعة لضوابط وزارة الصحة تدخل من المعابر السورية.

أما اليوم، وبفعل إغلاق العديد من المعابر بين لبنان وسوريا، وضبط عمليات التهريب إلى حدّ ما تراجعت قدرة تجار الحدود وحتى المواطنين على إدخال الأدوية السورية إلى البلد، ما شكّل حاجة فعلية لدى آلاف المرضى الذين يعتمدون على أصناف دوائية زهيدة الثمن.

تقول بتول رباح مواطنة من سكان الضاحية الجنوبية لـ"المدن": اعتدت على شراء أدوية الضغط من خلال وسيط، بسعر أقل بنحو الضعفين من السعر في الأسواق اللبنانية". بحسب رباح، كان الوسيط يعمل كسائق على خط بيروت -دمشق، وكان شهرياً يؤمن الأدوية مقابل مبلغاً يتقاضاه نظير قيامه بهذا العمل.

اليوم باتت رباح مجبرة على شراء الأدوية من لبنان بأسعار تفوق قدرتها المادية، إذ أن سعر علبة الدواء تتراوح ما بين 20 إلى 25 دولاراً.

ماذا عن جودة الدواء؟
يتبع إدخال الأدوية في لبنان بروتوكولاً معيناً، يتطلب موافقة قانونية من وزارة الصحة، وفحص من قبل لجنة مولجة بمراقبة الأدوية، وتتبع تركيبتها العلمية، ومن ثم يتم رفع الطلب إلى لجنة طبية، للموافقة على إدخاله الأراضي اللبنانية. لكن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان، أدخلت الدواء في نفق مظلم، بحسب مصدر من وزارة الصحة، يعمل على إعطاء الموافقات على تراخيص الأدوية الجديدة. ووفق المصدر، بات السوق اللبناني مشرعاً، ليس فقط أمام الدواء السوري، ولكن ايضاً الإيراني، التركي، المصري، حتى أن الكثير من العائلات المغتربة وبهدف مساعدة ذويها، باتت تشحن حقائب مليئة بالأدوية إلى لبنان، ويتم توزيعها أو بيعها وتناولها من دون موافقة طبيب.

أدوات التهريب
قضية الأدوية المهربة في لبنان ليست قضية جديدة، وإنما التغييرات الحاصلة بالمشهد السياسي العام، جعلت هذا الملف يظهر على شكل أزمة بالنسبة لشريحة من اللبنانيين. يقول نقيب الصيادلة جو سلوم، لـ"المدن": كان هناك محاولات عديدة، لتوعية المواطنين اللبنانيين من الحصول على الأدوية بطرق غير شرعية، إذ كان الكثير من المرضى يلجأون إلى أدوية بديلة من مصادر عديدة، لكن تلك الأدوية لم تكن مرخصة في لبنان، ولم تخضع لأي فحوصات مخبرية، ما يجعل مخاطرها أكبر من منافعها.

يعمل ع.ح. كسائق دولي بين لبنان وسوريا، منذ أكثر من 30 عاماً. يقول لـ"المدن": أعتدت بسبب طبيعة عملي، على توصيل الكثير من السلع بين البلدين، مثل علب الحليب، الدخان، الأدوية، وغيرها، نظير مبلغ مالي بسيط". ويضيف: التطورات السياسية في كلا البلدين، دفعت إلى ازدهار هذا النشاط، سواء بسبب قانون قيصر الذي فرض عقوبات على سوريا، ورفع مستوى حاجات الأسر السورية للسلع من لبنان، أو بسبب تصاعد خدة الأزمة الاقتصادية في لبنان وانهيار العملة ودفع المواطنين إلى البحث عن سلع متدنية الاسعار كالسلع السورية. توقف عمل السائق منذ شهر كانون الثاني 2025، بسبب الإجراءات الجديدة المتبعة على الحدود بين البلدين.

في المقابل، يشرح محمد علي وهو مريض يعاني من الربو لـ"المدن"، كيفية حصوله على الأدوية من مصادر مختلفة ويقول: هناك تجار تعمل بشكل غير شرعي على إدخال الأدوية إلى لبنان. بحسب محمد علي، هناك شبكة من التجار، يمكن التواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقوم بتأمين أي دواء خلال ثلاثة أيام، وتوصيله إلى المنزل. ويضيف بأنه اعتاد الحصول على أدوية تركية، ومصرية وأدوية بديلة لعلاج الربو، بسعر لا يتعدى 10 دولارات، فيما يصل سعر الدواء في لبنان لأكثر من 30 دولاراً.

أزمة مزدوجة
أزمة الدواء في لبنان، لم تكن تتعلق فقط بالأدوية التي تدخل بطرق غير شرعية، وتغزو الأسواق، بل كانت أزمة مزدوجة يأمل سلوم بوضع حدّ لها. فعلى عكس رباح التي كانت تستفيد من الأدوية السورية، كانت هناك فئات عديدة من اللبنانيين يعانون من نقص الدواء في لبنان بسبب تهريبه إلى سوريا. يقول نقيب الصيادلة في لبنان جو سلوم: مع تشكيل حكومة جديدة، وبداية عهد جديد، بالإضافة إلى التغييرات الحاصلة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، من المرجح أن نشهد تنظيماً لقطاع الدواء في لبنان. وبحسب تعبير سلوم، فإن لبنان عاش في فوضى في وقت سابق بسبب تهريب الأدوية، وتحديداً الأدوية من لبنان الى سوريا.

ويضيف: كانت تهرب العديد من الأدوية من لبنان إلى الأراضي السورية، وفي مقدمتها أدوية الأمراض المستعصية المدعومة من وزارة الصحة، وهو ما كان يشكل فعلاً مشكلة بالنسبة للمرضى". يأمل اليوم سلوم، بتغيير الواقع، ووضع خطة جديدة لمعالجة الثغرات السابقة، وإيلاء ملف الدواء أهمية أكبر ضمن سياسة الدولة الصحية.

أما المرضى الذين كانوا يعتمدون على الأدوية السورية فيواجهون صعوبات لتأمين أدويتهم من السوق اللبنانية غالباً لارتفاع أسعارها وأحياناً لعدم توفّرها على الإطلاق. ما يجعل من ملف الدواء ملفاً طارئاً تزامناً مع ضبط الحدود ووقف التهريب بين لبنان وسوريا.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا