عندما قال المشنوق للرّئيس عون: إحذر الامتحان
ما إن أقلعت طائرة الرئيس السابق ميشال عون من مطار الملك خالد في الرياض منهية زيارة للمملكة العربية السعودية استمرّت ليومَي 9 و10 كانون الثاني 2017، حتى طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الداخلية في حينه نهاد المشنوق على متن الطائرة في طريق العودة أن يجلس بالقرب منه. تقدّم الوزير المشنوق، فبادره الرئيس ميشال عون بالقول: “ما هو تقويمك للزيارة؟”، فأجابه الوزير المشنوق: “فخامة الرئيس الزيارة وضعتنا أمام امتحان كبير، فإمّا أن ننجح فينجح معنا لبنان أو أن نرسب في الامتحان فتكون الطامة الكبرى”.
لم يتأخّر الوقت كثيراً حتى فشل عهد ميشال عون وحكومته بالسقوط في الامتحان.
مع إعلان وزير الدولة السعودي بعد ثلاثة أيام في 7 تشرين الثاني 2017 بأنّ السعودية ستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب ميليشيات “الحزب”.
ثماني سنوات بين الرحلتين
بعد ثماني سنوات بالتمام والكمال مع فارق بسيط من بضعة أيام، تتوجّه الطائرة الرئاسية نفسها إلى المملكة العربية السعودية يوم الإثنين 3 آذار 2025 وعلى متنها الرئيس عون، وهذه المرّة ليس ميشال بل جوزف عون.
في الطائرة الأولى، عاد رئيس الجمهورية ميشال عون ليباشر التحضير للخضوع للامتحان الكبير، امتحان انتقال السلطة من الدويلة إلى الدولة واحتكار السلاح بيد الجيش والقوى الأمنيّة الشرعية وتطبيق الطائف بحذافيره نصّاً وروحاً، والالتزام بالقرارات الدولية ذات العلاقة بالشأن اللبناني من 1559 وصولاً إلى 1701.
رسب عهد ميشال عون في الامتحان الذي حذّره منه نهاد المشنوق. إلّا أنّ الطائرة الرئاسية التي تتوجّه خلال الساعات المقبلة إلى الرياض، لن تخضع للامتحان في زمن باتت فيه الامتحانات بكلّ أنواعها تُجرى عبر تقنيّة “الأونلاين”.
الامتحان أُجرِي والعبرة في التّنفيذ
أجرى الرئيس جوزف عون قبيل انتخابه عندما زار السعودية قائداً للجيش والتقى وزير دفاعها الأمير خالد بن سلمان، وصولاً إلى نيل حكومة العهد الأولى برئاسة نوّاف سلام الثقة البرلمانية على بيانها الوزاري، كلّ الامتحانات المطلوبة وبنجاح ملحوظ.
1- في خطاب القسم كانت الإجابات واضحة على أسئلة الامتحان الأوّل، حين أكّد الرئيس جوزف عون احتكار الدولة وفقط الدولة للسلاح، والتزامه تطبيق الطائف نصّاً وروحاً.
2- الامتحان الثاني الناجح كان أمام وفد دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، مع إدراك الرئيس عون أنّ دار الفتوى وما تمثّله من بُعد ديني ووطني ضمانة الطائف ودرع الحراسة له. فقال: “لم آتِ إلى الرئاسة كي أعمل بالسياسة بل أريد أن أعمل للوطن والمواطن”.
3- الامتحان الثالث والأهمّ جاء في لقائه رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف بعد تشييع السيّد حسن نصرالله. وشتّان ما بين قاليباف عندما زار لبنان خلال العدوان الإسرائيلي وقاليباف اليوم، وسبحان مغيّر الأحوال.
واضحة قالها الرئيس جوزف عون لقاليباف: “لبنان تعب من حروب الآخرين”. فتح قاليباف عينيه مندهشاً. الرسالة وصلت، وقاليباف يعلم أكثر من غيره من هم المقصودون بكلام الرئيس جوزف عون.
4- الامتحان الأخير جاء في البيان الوزاري الذي ما ترك فاصلة إلّا وأحصاها، وما ترك زاوية إلّا وملأ الفراغ الموجود فيها، مع التباس واحد لا بأس بتحمّله وسط كلّ هذه الضغوط، وذلك في عبارة “حقّ لبنان بالدفاع عن أراضيه المحتلة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة”، وليس حقّ الدولة كما طالب عدد من الوزراء في جلسة الصياغة لأنّهم يدركون أنّ بين المواطنين والدولة ترتكب ألف وألف خطيئة.
3 آذار 2025 هو عيد لبناني سعودي، ليس لأنّ الرئيس يزور الرياض عاصمة السعودية، وليس لأنّ الرياض تستقبل رئيسنا، بل لأنّ يد الأمير محمد بن سلمان ستُمدّ إلى لبنان، كما سيمدّها لمصافحة رئيس جمهوريّتنا والبسمة تملأ وجهه. ألا تذكرون محمد بن سلمان عندما قال: “أريد أن يكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، وذكر أنّ لبنان ضمن هذا الشرق الأوسط الجديد”.
أُجري الامتحان بنجاح، وتبقى العبرة في نجاح القوى السياسية، كلّ القوى السياسية، في أن تبني على هذا النجاح كي ينجح لبنان.
زياد عيتاني - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|