محليات

الجمهورية الإسلامية في لبنان «حلم» حتى إشعار آخر

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


في 2 تشرين الثاني 1987، وزّع شباب ملتحون في أحياء مدينة بيروت بيان  «الحركة الإسلامية في لبنان» تعلن فيه «ترشيح نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله والسيد صادق الموسوي (مرشد الحركة الإسلامية) والشيخ سعيد شعبان، لرئاسة الجمهورية في لبنان.

رفض المشايخ الذين أدرجوا مع مرشد الحركة هذا الترشيح، فقد وصف الشيخ شمس الدين البيان بأنه «اقتراح غير مسؤول»، فيما أكد السيد فضل الله أنه «ليس معنياً بهذا الاقتراح الذي يعد من قبيل الدعاية والإثارة»، ورأى أن «وصول مسلم إلى رئاسة جمهورية غير إسلامية قد يسهم في إجهاض مشروع إقامة دولة إسلامية»، في حين أكد الشيخ شعبان وجوب القضاء على نظام الحكم اللبناني قبل التفكير في تقديم مرشحين للرئاسة، أما الموسوي فأعلن أن الأخلاقيات الإسلامية تقضي بأن يقدم الناس من يجدونه صالحاً ليحمل مسؤولية معينة، وليس ضرورياً أن يقدم هو نفسه، وشدد على أن «الجمهورية الإسلامية هدفنا ونصرّ على تحقيقه بكل الوسائل».

هذه الخطوة وإن كانت متقدمة و«فاقعة» في طرحها، لم تكن وليد ساعتها، إنما كانت محطة من مسيرة، ابتدأت مطلع السبعينات، ولا تزال في وجدان أفراد وجماعات حتى يومنا هذا.

البداية

بحسب ما ورد في كتاب «تاريخ الشيعة في لبنان» في جزئه الثاني الصادر عن «أمم للتوثيق والأبحاث» عام 2023، ترافق وصول السيد موسى الصدر إلى لبنان مع انطلاق «حزب الدعوة الإسلامية» في العراق، حيث  كان يسعى في أهدافه إلى تسلم السلطة وتطبيق أحكام الإسلام. وانخرط العديد من المشايخ الذين كانوا يتلقون علومهم الدينية في النجف في تلك الفترة ضمن هذا الحزب أو تأثروا بأفكاره.

ومع مطلع السبعينات، بدأ الكثير منهم بالعودة إلى لبنان، كالشيخ صبحي طفيلي وحسن كوراني وحسن ملك والشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد حسين فضل الله، وبدأت تنتشر الحلقات الدراسية الدينية والسياسية والفكرية في مختلف المناطق وفي الضواحي الشرقية والجنوبية لبيروت، حيث الاكتظاظ السكاني للنازحين من الأرياف الجنوبية والبقاعية، وانقسمت توجهات المشايخ بين من التزم فكر السيد موسى الصدر القائم على العمل والدعوة والإصلاح من داخل النظام وبالوسائل السلمية، وبين المتشددين الذين يطمحون إلى الوصول إلى السلطة وترسيخ النظام الإسلامي، والذين لم يستطيعوا التمدد كثيراً في تلك الفترة بفعل نجاح وروجان أفكار الصدر واعتناق البيئة لأفكاره، انخرط الكثير منهم ومن مؤيديهم وتلامذتهم في حركة الصدر، وبدأ يتأسس العديد من الأطر التي سعت إلى تسويق الحالة الإسلامية في لبنان كالاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين ومجلته «المنطلق» ونشرته «البيان».

الإشهار

مع إخفاء السيد موسى الصدر في أيلول 1978 وانتصار الثورة الإسلامية في إيران في شباط 1979، بدأت تظهر على الساحة اللبنانية شخصيات وجماعات تنادي بالحكم الإسلامي، فبرز السيد صادق الموسوي المنظر الرئيسي لهذا المشروع، والذي أسس «الحركة الإسلامية في لبنان»، كما ظهرت جماعات وتجمعات آنية مثل «علماء الدين المسلمون الشرفاء» و«حركة طلبة العلوم الدينية اللبنانيين المناضلين» في قم و«علماء الدين المناضلون في لبنان» و«تجمع العلماء المسلمين».

وتفاعلت تلك الحالة مع بدء مشروع تصدير الثورة الإسلامية إلى لبنان ووصول طلائع الناشطين الإيرانيين مع الشيخ محمد منتظري في مطلع عام 1980، وأضحى ظهور الحالة الإسلامية داخل حركة "أمل" واضحاً وفاعلاً وبخاصة بعد حلّ حزب «الدعوة» نفسه بناء على فتوى من السيد الخميني تقول أن «الأحزاب في الساحة الإسلامية هي ظاهرة غريبة والتنظيم الحزبي من موروثات الغرب»، فانضم أعضاء "الحزب" في لبنان إلى الحركة التي وقفت إلى جانب طهران في صراعها مع العراق.

مع انخراط حركة "أمل" من خلال رئيسها نبيه بري في هيئة الإنقاذ الوطني التي شكلها الرئيس الياس سركيس في حزيران 1982، بدأت الانشقاقات في الحركة تظهر، فأسس حسين الموسوي «حركة أمل الإسلامية»، وأعلن ممثل الحركة في طهران إبراهيم الأمين رفضه مع عدد من الكوادر هذه المشاركة، فبدأ تكوين ما عرف بـجماعة «حزب الله» التي تعتبر المولود الشرعي لمشروع تصدير الثورة الإسلامية في لبنان ودرّته.

الجمهورية الإسلامية مطلب دونه الواقع

تدرجت المطالبة بإنشاء جمهورية إسلامية في لبنان من البيانات والمواقف إلى المؤتمرات والمظاهرات والعرائض وصولاً إلى العمل العسكري، حيث أعلنت منظمة تطلق على نفسها «منظمة الجمهورية الإسلامية» قصف القصر الجمهوري في أيار 1985، وكان السيد صادق الموسوي من أشد المتحمسين لهذا المشروع، مستنداً إلى المواقف الإيرانية الداعمة لهذا الطرح، إذ دعا السيد علي خامنئي خلال لقائه وفداً مشتركاً من حركة "أمل" و"حزب الله" في كانون الأول 1985 إلى تشكيل حكومة إسلامية في لبنان، وتحدثت نشرة «التقرير» في 15 آذار 1986 عن اجتماعات عقدت في العاصمة الإيرانية دامت 5 أسابيع لشخصيات وتنظيمات دينية وسياسية لبنانية تعهدت بالعمل على إقامة «جمهورية إسلامية» في لبنان، تبع ذلك، حملة إعلامية كبيرة لـ «الحركة الإسلامية» تعرض مواقف القادة في إيران كالخميني وخامنئي ومنتظري ورجال دين لبنانيين تدعم فكرة إقامة دولة إسلامية، وظهرت عرائض تضم آلاف التواقيع.

رفضت المرجعيات الشيعية الوطنية فكرة وجود نظام إسلامي في لبنان، فقد اعتبر السيد محمد حسن الأمين أن «الجمهورية الإسلامية في لبنان خطوة تقسيمية»، وقال الشيخ محمد مهدي شمس الدين إن «أي طرح عن جمهورية إسلامية أو مسيحية هو قضاء على مشروع لبنان وعلى كيان لبنان كمجتمع سياسي واحد»، فيما أكد السيد محمد حسين فضل الله أن «دولة الإنسان خطوة مرحلية للوصول إلى دولة الإسلام».

واعتبرت حركة "أمل" أن وراء هذا الإعلان جهات استخباراتية خارجية، فيما سارع «حزب الله» إلى التبرؤ من هذا الإعلان ووُزع بيان شدد على أن «حزب الله" لا علاقة له بهذا الإعلان لا من قريب ولا من بعيد. واقتناعه الواضح هو  الذي أعلنه في رسالته المفتوحة للمستضعفين بأن لديه أساليبه المتميزة التي تخدم هذا الاقتناع بعيداً عن الاستعراض والغوغائية».

لم يكن رفض «حزب الله» لهذا الطرح مبني على رفض فكرة إقامة الحكم إسلامي في لبنان، إنما من باب رفض «الاستعراض والغوغائية»، فمنذ بداية هذه الجماعة أعلنت ان هدفها الأساسي هو  أن يكون لبنان جزءاً من الدولة الإسلامية العامة، وأنه يجب عدم التسرع والتمهيد والتحضير وتهيئة متطلبات هذا الأمر، وهذا ما أكده السيد إبراهيم الأمين في بداية تكوين «حزب الله» في حديث للشراع في 13 آب 1984 عندما أعلن صراحة: «نريد لبنان جزءاً من الدولة الإسلامية وليس كياناً منفصلاً». 

عباس هدلا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا