محليات

التصويت لا يفسد للود قضية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تداولت الانباء والتعليقات السياسية قرار تعيين الأستاذ كريم سعيد حاكماً أصيلاً لمصرف لبنان بتركيز مفرط على أن خلافاً بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قد أدّى إلى طرح اسمه على التصويت في مجلس الوزراء بدلاً من أن يتمّ الأمر بالتوافق.

وانهمك بعض السياسيين والمحللين، وبينهم زائد، باعتبار هذا الحدث بمثابة انكسار لدولة الرئيس الدكتور القاضي نواف سلام. وهناك حتى من غدا خبيراً بلغة الجسد فتفضل بتنويرنا بأن دولة الرئيس قد خرج من قاعة المجلس إلى غرفة الصحافة في القصر الجمهوري وهو متجهّم الوجه، وتوجّه بالخبر إلى وسائل الإعلام بتوتر، ثم انصرف ممتنعاً من فرط غضبه عن تلقي اية أسئلة من مندوبيها. لا بل تم التعليق سلباً على أن ما ذكره بأن الحاكم يلتزم قانوناً بالسياسة المالية للحكومة جاء وكأنه قال لزوم ما لا يلزم.

سيسألك امرؤ "تصويت؟ وماذا في ذلك؟" وسيتابع آخر بالقول "وكأننا لم نشبع من بدعة "الديمقراطية التوافقية" التي تجلت بالمحاصصة وأتت بنتائج وخيمة على البلد من سوء إدارة وفساد قلّ نظيره في العالم!"

توافق بالمعنى المجرّد النقيّ، نعم. وإذا تعذّر، فليكن هناك تصويت، وفي كلّ المحطات حتى، ضمن إطار الممارسة الحقّة للديمقراطية، بحسب مبدئها الأساسي وحسب ما يطبق في كافة مجالس الحكم والتشريع في بلدان العالم المتمدّن وصولاً الى المحكمة العليا في الولايات المتحدة.

كم اشتقنا إلى اللعبة السياسية والبرلمانية في لبنان ما قبل حرب 1975 الأهلية، حيث كانت هناك اكثرية وأقلية، وموالاة ومعارضة للحكومة و/أو للعهد، كلّها عابرة للطوائف، وكان التصويت الفيصل بينها، ولو تمثّل بانتخاب رئيس للجمهورية بأغلبية صوت واحد (المرحوم فخامة الرئيس سليمان فرنجية، عام 1970).

ما قد يستشفه ذوو التفكير النقدي أن هناك عدداً من اللاعبين على المسرحين السياسي والاعلامي في لبنان لم يستوعب بعد ان رئيسي الجمهورية والحكومة الجديدين هما من خامة مختلفة عن تلك التي اتسمت بها الطواقم المعهودة، ان من نواحي العلم والتحصيل والكفاءة المهنية، أو من نواحي قوة الشخصية والارادة والتصميم، وأن لهذه الجزئية أبعاداً راقية في الجانب الأخلاقي لكل منهما ايضاً.

هل هناك جرأة في الموقف أبرز من ان يأتي دولة الرئيس نواف سلام إلى الغرفة الصحافية في بعبدا ليبلغ الموجودين بذلك القرار وحيثياته بنفسه وبكل شفافية، بدلاً من أن يترك تلك المهمة لمعالي وزير الإعلام حسب المتبع؟ يا سادة، هذا الرجل لم يهب نتنياهو ومن وراءه من قوى مؤثرة في العالم وهو على رأس محكمة العدل الدولية، هل نسينا ذلك؟ حكماً وحتماً فإن شخصاً بهذه الصلابة ليس سريع العطب!

من ناحيته، فإن فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أثبت انه مقدام بمكان أن يخرج مكتب الرئاسة ببيان رسمي ينتقد بعض تصريحات السيدة مورغان اورتاغوس من على منبر قصر بعبدا عقب زيارتها له في شهر شباط الماضي، وأن يشتكي حديثاً انتهاكات إسرائيل وهجماتها العدوانية إلى رؤساء الدول الكبرى مباشرة.

هذا الرجل، الذي نرى مقدار احترام نظرائه العرب والأجانب له، ومدى احترامه لنفسه وللآخرين، لن يدع أحداً يدق اسفيناً بينه وبين رئيس حكومة عهده الأولى في الوقت الذي يجهدان فيه سوياً لتحقيق النتائج المثمرة للبلد وبسرعة. ولا شك أنّهما لن يضيعا أي ذرة من وقتهما الثمين للتلهّي بالصغائر التي يحيكها المتربّصون بهما بغية إفشالهما!

الإختلاف في الرأي حق، وما حصل لا يعدو عن كونه مجرّد تباين في وجهات النظر (وسيحصل غيره لاحقاً، لم لا؟)، والتصويت في هذه الحالة لا يفسد للودّ قضية، خاصة أنّ الرجلين يؤمنان "بالكتاب" (أي بالدستور) وبالاحتكام اليه.

المسيرة انطلقت بقيادة عماد ناجح وقاض راجح، ولهاتين القامتين القادرتين والنزيهتين والجديتين، منّا نحن أبناء هذا الشعب المنهوب والصابر، كلّ الدعم والتشجيع والحماية المعنوية. يكفي أنّهما، وبحسب سيرتهما، من الصنف الذي يجمع ولا يفرّق.

ويكفي أكثر أنهما يعيدان إحياء أفضل الممارسات الديمقراطية الحرة التي كانت قد طمست، ما أدى إلى عدم احترام الاستحقاقات الدستورية وإلى تعطيل البلد لسنوات ولأشهر من دون أي وازع أو ضمير وطني.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا