حزب الله والهروب إلى الأمام

البلد أمام مغامرة جديدة سيقوم بها حزب الله، فهل هو أمام حربٍ عبثيةٍ جديدة؟ خصوصًا عندما يقول الشيخ نعيم قاسم: “نحن لا نبني على الخسائر بل على الموقف”، فهذا يعني أنّ حزب الله لا تهمّه الخسائر، أيًّا يكن حجمها، وبالمناسبة فإنّ هذه الخسائر باهظة وهائلة.

في ساعاتٍ معدودة، أطلق حزب الله “صلية” مواقف، إذا ما جُمِعَت مع بعضها البعض، فهذا يعني أن الحزب اتخذ قرارًا بالمواجهة الإعلامية والسياسية، على الأقلّ، وقد تتوسّع المواجهة إلى أبعد ما هو إعلامي وسياسي.
“الصلية الأولى” أطلقها مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا، الذي اعتبر أنّهَ “لا توجد قوة تستطيع نزع السلاح”، مشيرًا إلى أنَّ الحديث عن الإستراتيجية الدفاعية يأتي بعد انسحاب العدو الصهيوني وعودة الأسرى ووقف الاعتداءات، مشدّدًا على أنَّ الاستراتيجية الدفاعية تبدأ بتسليح الجيش وليس بتسليم سلاح حزب الله.
وعن موضوع نزع سلاح حزب الله، لفت صفا إلى أن هذا الموضوع يُثار من قبل بعض المحرّضين على وسائل التواصل الاجتماعي، والواقع أنّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تحدّث عن الإستراتيجية الدفاعية في خطاب القسَم.
لم يكتفِ صفا بذلك بل توجَّه إلى “جمهور المقاومة” قائلًا: “إنّ كلّ ما تسمعونه هو مجرّد “هوْبرَات”، يجب ألا تتأثّروا بها”.
ربّما فات الحاج وفيق أنه اقتبس بطريقة غير دقيقة من خطاب القسَم الذي تحدّث عن “حقّ الدولة في احتكار السلاح”، وهذه الجملة تعني أن لا سلاح خارج الدولة.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن “حزب الله” قرّر المواجهة من خلال “الهروب إلى الأمام”، ربّما لم يقرأ أيضًا ما قاله رئيس الجمهورية عن “أنّ عام 2025 سيكون عام تسليم السلاح”.

وما لم يقله الحاج وفيق صفا نهارًا، قاله الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مساءً الذي تحدَّث عن “تحرير الأرض التي تمتدّ إلى فلسطين المحتلّة”، بهذا الكلام يكون الشيخ نعيم قاسم قد عاد إلى سرديّة عدم الاكتفاء بـ”تحرير الجنوب”، بل إن “التحرير” يمتدّ إلى فلسطين.
بهذا المعنى، يكون البلد أمام مغامرة جديدة سيقوم بها حزب الله، فهل هو أمام حربٍ عبثيةٍ جديدة؟ خصوصًا عندما يقول: “نحن لا نبني على الخسائر، بل على الموقف”، فهذا يعني أن حزب الله لا تهمّه الخسائر، أيًّا يكن حجمها، وبالمناسبة فإنّ هذه الخسائر باهظة وهائلة.
ولكن إلى أين يريد حزب الله أن يصل من خلال هروبه إلى الأمام؟ الواضح حتّى الآن أنّ الهروب إلى الأمام لن يوصل سوى إلى… الانهيار.

جان فغالي - هنا لبنان