الرئيس عون التقى وفدا من نقابة الطيارين.. تشديد على أهمية سلامة الطيران
هل ستستعين إيران بالقاضي البيطار؟!
قارن بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في إيران انفجار ميناء رجائي الضخم، السبت الماضي، بانفجار ميناء بيروت عام 2020. واعتمدت قناة “إيران انترناشيونال” المعارِضة للنظام الإيراني هذه المقارنة، فأشارت إلى أنّ انفجار مرفأ بيروت كان سببه تخزين 2750 طنًّا من نيترات الأمونيوم في الجمارك لمدة 6 سنوات من دون إجراءات أمانٍ كافية. وقالت الوكالة: “تُظهر مقاطع الفيديو المنتشرة أنّ نوافذ إحدى المدارس في بندر عباس قد تحطّمت على الرَّغم من بُعدها 25 كيلومترًا عن موقع الانفجار في ميناء رجائي”.
ويستطيع من شاهد الفيديو ان يرى أوجه شبه بعيدة المدى بين انفجارَيْ المرفأين اللبناني والإيراني لجهة سُحب الدخان العملاقة التي تصاعدت منهما ولا سيما ما يتعلق باللون البرتقالي لهذه السُّحب.
لكنّ السفير الإيراني لدى لبنان، مجتبى أماني، سارع في يوم انفجار بندر عباس الى نفي مقارنته بانفجار بيروت. واعتبر أماني، في منشورٍ عبْر منصّة “أكس”، أنّ “هذه الحادثة كانت أصغر حجمًا بكثير من انفجار مرفأ بيروت ولا يمكن مقارنتها به”.
انطلق السفير الإيراني في المقارنة من ناحية حجْم كلّ من الانفجاريْن، وهذه وجهة نظر تُؤخذ بالاعتبار. لكن لا بدّ من الإشارة في الوقت نفسِه، الى أنّ السفير أماني نفسه كان في موقعٍ مثيرٍ للجدل في لبنان الأسبوع الماضي عندما استدعته الخارجية لمساءلته حول نشره موقف عبر منصة “أكس” أيضًا هاجم فيه قرار نزع سلاح “حزب الله”. وقد تكرّر استدعاء أماني لامتناعه عن تلبية الاستدعاء الأوّل، فحضر إلى الخارجية الخميس الماضي حيث ذكّر الامين العام للوزارة هاني الشميطلي السفير الإيراني بـ”ضرورة احترام الأصول الدبلوماسية المتعلّقة بسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
في أيّ حال، ما قاله السفير أماني حول حجم انفجار مرفأ بلاده لم يكن كافيًا لتبيان حقيقة هذا الانفجار والذي من المفيد متابعته.
فقد أشارت تقارير مختلفة حول انفجار ميناء رجائي جنوبي إيران إلى رسوّ السفينة تُدعى “جيران” في هذا الميناء، قبل أقلّ من شهر، وهي السفينة الثانية، التي تنقل مواد كيميائية مرتبطة بوقود الصواريخ من الصين إلى إيران.
وأدّى دخول وتخزين نحو ألفيْ طن من مادة بيركلورات الصوديوم في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس إلى إثارة تساؤلات بشأن السبب، الذي أدّى إلى الانفجار الهائل السبت الماضي. وقد أكّدت السلطات الإيرانية أنّ مواد كيميائية تسبّبت بالانفجار، إلّا أنّ تفاصيل إضافية لم تُنشر بعد، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المواد المُستوردة من الصين لصناعة وقود الصواريخ هي سبب الانفجار أم لا.
وكانت مجلة “نيوزويك” الأميركية قد نقلت عن موقع “ماريتايم إكزكيوتف”، المتخصص في الشؤون البحرية، في 30 آذار الماضي، أنّ السفينة التجارية “جيران”، الخاضعة للعقوبات الأميركية، أبحرت من الصّين ورسَت في بندر عباس، ويُشتبه في أنّها كانت تحمل مواد كيميائية تُستخدم في تصنيع وقود الصواريخ ذات الوقود الصلب.
وفي الوقت نفسِه، أفادت مصادر لقناة “إيران انترناشيونال” بأنّ الحاويات، التي انفجرت في ميناء رجائي، تعود لشركة “بناكستر”، التابعة لشركة “سبهر إنرجي”، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوباتٍ في 7 شباط الماضي، بتهمة التعاون مع برامج عسكرية إيرانية وبيع النفط لصالح النظام الإيراني، إضافة إلى المساعدة في دعم روسيا خلال حربها ضد أوكرانيا.
وعلى الرَّغم من إعلان سلطات الجمارك الإيرانية أنّ سبب الانفجار هو وجود بضائع خطرة ومواد كيميائية، فإنّ العديد من الأسئلة ما زالت مطروحةً حول الطبيعة الدقيقة للشحنات المخزنة والدور المحتمل لها في وقوع الحادث.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”، الأربعاء 22 كانون الثاني الماضي، أظهرت معلومات استخباراتية من بلديْن غربييْن أنّ السفينتين “غلبن” و”جيران”، اللتيْن ترفعان العَلم الإيراني، كانتا تحملان أكثر من ألف طن من مادة بيركلورات الصوديوم. وهي شحنة كان من المفترض أن تُسلّم إلى الحرس الثوري الإيراني.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤولين رسميين -لم تُفصح عن أسمائهم- أنّ هذه الكمية من بيركلورات الصوديوم يمكن أن تُنتج نحو 960 طنًّا من أمونيوم بيركلورات؛ وهي مادة تشكل 70 في المائة من وقود الصواريخ الصلب، وأوضحوا أن هذه الكمية تكفي لتزويد 260 صاروخًا إيرانيًا متوسط المدى، مثل صواريخ “خيبر شكن” أو “حاج قاسم” بالوقود.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، بعد غارات 26 تشرين الأول الماضي على أهداف داخل إيران، أنّه دمّر مصانع لإنتاج وقود الصواريخ الصلب، بالقرب من طهران وغرب إيران.
واستنادًا إلى بيانات موقع تتبع السفن “مارين ترافيك”، فإنّ السفينة “غلبن” كانت قد رسَت لعدّة أيام قرب جزيرة “دايشان”، ثم غادرت إلى بندر عباس، بينما شوهدت السفينة “جيران” صباح الأربعاء 22 كانون الثاني الماضي، على بُعد 75 كيلومترًا جنوب “دايشان”، بالقرب من مدينة نينغبو في إقليم جيجيانغ الصيني.
وقالت السلطات إنّه لا يمكنها تأكيد ما إذا كانت الحكومة الصينية على علمٍ بهذه الشحنات أم لا. وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها قد اتهموا الصين مرارًا بدعم حكومتيْ إيران وروسيا.
وفي تعليق لها، قالت السفارة الصينية في واشنطن إنّها غير مطّلعة على هذه المسألة، وأكّدت أن بكين ملتزمة بالحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتسعى إلى حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني.
ويقع بندر عباس في موقع استراتيجي على طول مضيق هرمز، حيث يلتقي الخليج العربي بخليج عمان – وهو ممرّ شحن مزدحم للنفط والغاز الطبيعي في العالم.
في عام 2020، شنّت إسرائيل هجومًا إلكترونيًا أعاق العمليات في ميناء الشهيد رجائي كجزءٍ من حرب الظلّ طويلة الأمد مع إيران. ولم يردّ مسؤولون إسرائيليون على الفور على طلب للتعليق على انفجار أمس السبت.
لكن في محاولةٍ واضحةٍ لدحض شائعات التورّط الإسرائيلي، أصدر مكتب المدعي العام الإيراني بيانا ندد فيه بـ”النشطاء على الإنترنت” الذين ينشرون شائعات تقوض “الأمن النفسي للمجتمع”.
وجاء الانفجار في الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون الأميركيون والإيرانيون الاجتماع في عمان السبت، أي يوم الانفجار، لإجراء جولة ثالثة من المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني.
في الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إسرائيل خططت لمهاجمة المواقع النووية الإيرانية في أقرب وقت ممكن في الشهر المقبل، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفض ذلك، لأنه أراد التفاوض على اتفاق مع طهران بدلًا من ذلك. وتعهد ترامب أيضًا بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، بما في ذلك عن طريق العمل العسكري إذا لزم الأمر.
ما أشبه ما نُشر عن انفجار مرفأ بيروت الهائل بما نقرأه اليوم عن انفجار بندر عباس. وكشفت معطيات انفجار بيروت أنّ بيت القصيد بمئات الاطنان من نيترات الامونيوم كان تزويد براميل نظام الأسد البائد بالمواد المتفجرة التي ازهقت آلاف السوريين ودمّرت مساحاتٍ واسعةً من سوريا بعد العام 2014 مباشرةً بعد وصول شحنة الامونيوم الى مرفأ العاصمة اللبنانية. امّا اليوم، فإنّ أطنان الصوديوم التي انفجرت في المرفأ الإيراني فهي من أجل صواريخ النّظام المعدّة لأمور غير سلمية بالتأكيد.
تشاء الاقدار، وعشية انفجار بندر عباس، أعلنت وزارة الداخلية السورية، الجمعة الماضي، عن مقتل العميد الطيار علي شلهوب، أحد أبرز قادة الطيران الحربي في النظام السوري المخلوع، خلال اشتباك مسلح مع وحدة أمنية في حي وادي الذهب بمدينة حمص وسط البلاد، في إطار حملة وُصفت بـ”الدقيقة” تستهدف ضباطًا سابقين متورطين بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال سنوات الحرب.
ويُعدُّ شلهوب من أبرز قادة سلاح الطيران في عهد بشار الأسد، وارتبط اسمه باستخدام مروحيات “البراميل المتفجّرة” ضدّ مناطق مدنية خلال النزاع السوري، حيث خدم في مطارات عسكرية بارزة مثل تفتناز وجب رملة وحماة وحميميم، وتلقى تكريمات من قادة أمنيين كبار في النظام السابق، من بينهم اللواء جميل الحسن والعميد سهيل الحسن.
نعود الى لبنان الذي يشهد تواصل التحقيقات في انفجار المرفأ والتي يُجريها المُحقق العدلي القاضي طارق البيطار بعد تعثّر طويل بسبب تهديدات أطلقها مباشرة ضدّه “حزب الله” على لسان مسؤول التنسيق والارتباط في “الحزب” وفيق صفا. ويصل الى بيروت اليوم وفد قضائي فرنسي للمساهمة في هذه التحقيقات.
ويملك القاضي البيطار من دون أدنى شك الكثير من المعطيات المتّصلة بقضية المرفأ التي كانت ولا تزال حدثًا تاريخيًا في لبنان والعالم. ماذا لو حدثت تحوّلات تسمح لإيران الاستفادة من خبرات القاضي اللبناني كي تسهّل على نفسِها مهمة سبْر أغوار انفجار مَرفئها الأهم في الجمهورية الإسلامية؟ يقتضي التشابه بين انفجار 4 آب 2020 في بيروت وبين انفجار بندر عباس الإيراني السبت الماضي طرح هذا السؤال.
أحمد عياش -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|