ياسر عباس في بيروت: تثبيت التشكيلات في المخيمات تمهيداً لسحب السلاح واستعادة ممتلكات فلسطينية
"الطاقة الشمسية" تُظهر عجز الدولة
في ظلّ الانهيار المُستمرّ في قطاع الكهرباء في لبنان، يتزايد الحديث عمّا يُسمّى "الاكتفاء الذاتي بالطاقة الشمسية"، كحلّ بديل لجأ إليه المواطنون بعد سنوات من العتمة والانقطاع المتواصل للتيار. ورغم أن هذا التحوّل يُظهر قدرة اللبناني على التكيّف وابتكار الحلول، إلّا أنه في الواقع ليس مكسبًا للدولة، بل يُعدّ دليلًا صارخًا على فشلها في تأمين أبسط حقوق المواطنين، وأهمّها الكهرباء.
بدل أن تكون الطاقة الشمسية مجرد خيار، في إطار خطة وطنيّة شاملة لتنويع مصادر الطاقة، تحوّلت إلى ملاذٍ اضطراري، كشف عن عمق الأزمة وعجز الدولة عن إصلاح القطاع. ولكن هذا الإجراء التكميلي ليس بديلًا من خطة واضحة تجنّب اللبنانيين جميعًا العتمة الشاملة.
الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة كريستينا أبي حيدر، توضح لـ "نداء الوطن"، أنّه "يُقال اليوم أن لبنان بات يتمتع بما يُسمّى "اكتفاءً ذاتيًا بالطاقة الشمسية". وهنا تسأل: "لكن ما معنى هذا القول فعليًا؟ وهل هو توصيف دقيق أم مجرد هروب إلى الأمام؟".
تتابع أبي حيدر: "أولًا، يجب وضع الأمور في إطارها الصحيح. الناس في لبنان لم تتجّه نحو الطاقة الشمسية برغبة منها أو عبر توجيه أو تشجيع من الدولة، بل نتيجة العتمة وفشل الدولة في تأمين الكهرباء، وخصوصًا بعد تفاقم الأزمة مع انهيار سعر الصرف عام 2019، وما تبعها من انفجار للمرفأ وأزمة محروقات خلال العامين 2020 و2021 إضافة إلى تقنين حاد حتى من قبل أصحاب المولدات. أمام هذا الواقع، اضطر المواطنون إلى تركيب أنظمة طاقة شمسية لتأمين حاجاتهم الأساسية من مصادر خاصة وتمويل خاص".
إذاً، "هذه الظاهرة لا تُعتبر مكسبًا للدولة، بل على العكس، هي انعكاس لعجزها، إذ لجأ الناس إلى حلول فردية لتأمين الكهرباء"، وفق أبي حيدر.
تضليل
تضيف: "ثانيًا، ما يُتداول عن أرقام مثل "1000 ميغاواط" أو "1500 ميغاواط" من الطاقة الشمسية المنتجة في لبنان يفتقر إلى الدقة. لماذا؟ لأن أغلب هذه الأنظمة وُضعت للاستعمال الفردي وهي غير مرتبطة بالشبكة العامة لمؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي لا يمكن قياس إنتاجها بدقة أو إدراجها رسمياً ضمن القدرة الوطنية لإنتاج الطاقة المتجددة".
وتلفت إلى أنّ "الاعتماد على أرقام الاستيراد كمؤشر للإنتاج مضلّل، فقد شهد لبنان ذروة في استيراد أنظمة الطاقة الشمسية عام 2021، لكن ليس كل ما استُورد جرى تركيبه أو ما زال مستخدمًا اليوم، خصوصًا أن الطلب تراجع تدريجيًا في السنوات اللاحقة".
وتُشدّد على أنّ "المشكلة الأساسية اليوم هي في توقّف معظم معامل كهرباء لبنان عن الإنتاج بسبب النقص في الفيول والموارد وهذه نقطة جوهرية".
أين تكمن العبرة؟
تؤكّد أبي حيدر أنّ "العبرة تكمن في تطبيق القوانين، وهو ما يجب ان تعمل عليه الحكومة حاليًا، وذلك من خلال تطبيق القانون 462 الصادر عام 2002. تكمن أهمية هذا القانون في كونه ينظم قطاع الكهرباء ويشترط تعيين الهيئة الناظمة. لماذا هذا الأمر أساسي؟ لأن تعيين الهيئة الناظمة وفق القانون 462 يفتح الباب لتطبيق القانون 318 الصادر عام 2023 والخاص بإنتاج الطاقة المتجددة الموزعة".
وإذ تُوضح أنّ "أهمية القانون 318 أنه يسمح للمواطنين أولاً بإنتاج الطاقة المتجددة حتى 10 ميغاوات، كما تسمح لهم بربط أنظمة الطاقة الشمسية التي ركّبوها بالشبكة العامة، بحيث يتمكنون عند توفر الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان من تبادل الطاقة معها، وبيع الفائض إما للمؤسسة أو حتى للجيران أو لجهات أخرى. كما يتيح القانون اعتماد حلول مجتمعية، مثل أن تقوم البلديات بتركيب حقول طاقة شمسية إمّا مباشرة أو بالشراكة مع القطاع الخاص وذلك عبر استعمال الشبكة العامة. تطبيق القانون 318 يبقى معلّقًا إلى حين تعيين الهيئة الناظمة. كما تلفت إلى أهمية تطبيق القانون 462 بما يسمح بمشاركة القطاع الخاص في إنتاج وتوزيع الكهرباء".
وعندها فقط يمكن القول، حسب أبي حيدر، إنّ "لبنان بدأ السير فعليًا على خطى الإيفاء بالتزاماته الدولية بإنتاج الطاقة المتجددة ، أي على مستوى وطني شامل، وليس فقط على مستوى المبادرات الفردية التي لا يمكن اعتبارها جزءًا من الالتزامات الوطنية للدولة".
أزمة "المصدر"
وتلفت أبي حيدر إلى أنّ "كهرباء لبنان تعتمد بشكل شبه كامل على مصدر واحد من الفيول، وهو الفيول العراقي. والعمل حاليًا على عقد صفقات جديدة لشراء الفيول من دول أخرى مثل الكويت وغيرها أمر جد إيجابي. إضافة إلى تطبيق قانوني تنظيم قطاع الكهرباء وقانون الطاقة المتجددة الموزعة، والعمل على بناء معامل تعمل على الغاز بالشراكة مع القطاع الخاص، كل ذلك يُعتبر خطوات إيجابية تصب في تعزيز ما يُعرف بـ "الأمن الطاقوي" وتحقيق الاستقرار على هذا الصعيد.
وتختم مؤكّدة أنّه "كلما اعتمدنا على أكثر من مصدر واحد للطاقة، تراجعت المخاطر المرتبطة بأي انقطاع محتمل، وبالتالي تقلّص خطر العودة إلى العتمة الشاملة التي أرهقت اللبنانيين".
رماح هاشم -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|