الصحافة

لا أصداء لدعوة الهجري إلى "الجهاد": السويداء ترفض "الإدارة الذاتية"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد نحو أربعة أيام على حالة الاحتقان التي سادت بعض الأوساط السياسية والميدانية في مدينة السويداء، على خلفية حادثة إطلاق نار خلال محاولة محتجّين اقتحام مبنى قيادة فرع "حزب البعث" في المدينة، وما تلاها من تصريحات ذات سقف مرتفع، أطلقها أحد المشايخ الثلاثة للطائفة الدرزية في السويداء، حكمت الهجري، عادت بوادر الهدوء بشكل تدريجي. ويأتي هذا بالتزامن مع استمرار الحركة الاحتجاجية التي باتت مألوفة في المدينة، وبالتحديد في ساحة الكرامة، من دون أن تؤثر هذه الحركة على الحياة وعلى الدوائر الحكومية، في وقت أشعل فيه اتصال هاتفي أجراه مسؤول أميركي بالشيخ الهجري جدلاً واسعاً.

الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثاني، ما زالت تُقابَل بحالة حرص وضبط أمني واضح، الأمر الذي أمّن طوال الشهر الماضي المدينة من أي فوضى، كما ساهم بشكل فعّال في ضمان عودة الدوائر الحكومية والفعاليات الاقتصادية والتجارية إلى نشاطها، بعدما تعرّضت خلال الأيام الأولى للاحتجاجات لبعض المضايقات وقطع بعض الطرق، وهو ما تم تجاوزه في وقت لاحق، بعد لقاءات أجراها مشايخ عقل ووجهاء في المدينة مع مسؤولين حكوميين، استمعوا خلالها إلى مطالب الحاضرين، وسط وعود بدراستها، وفق ما أكدت في وقت سابق مصادر تحدثت إلى «الأخبار».

وفي أعقاب تسجيل حادثة إطلاق نار في المدينة، تصدّر الهجري المشهد الإعلامي بعد تسريب تسجيل مصوّر للقاء أجراه مع عدد من المواطنين، رفع فيه سقف تصريحاته وشن هجوماً على إيران، ودعا إلى ما سمّاه «الجهاد»، قبل تسريب تسجيلات أخرى له يؤكد فيها التزامه المبادئ الوطنية، إضافة إلى تشديده على ضمان سلمية الاحتجاجات. وتفاوتت، إزاء ذلك، ردود أفعال شيوخ العقل، حيث حافظ حمود الحناوي، الذي هاجم مطلق النار، ويوسف جربوع، على هدوء تصريحاتهما وضبطا الانفعالات، الأمر الذي يكشف عن وجود خلافات في وجهات النظر بين الشيوخ الثلاثة، على رغم إعلانهم تأييد مطالب المحتجين، وهي خلاف يؤيده أيضاً غياب أي بيان موحّد جديد من المشايخ الثلاثة على غرار بيان سابق صدر في بداية الاحتجاجات.

وبالتزامن مع عودة احتجاجات السويداء إلى المشهد الإعلامي، تم تسريب أخبار حول اتصال هاتفي أجراه النائب الجمهوري، فرينش هيل، مع الشيخ حكمت الهجري لتثير مزيداً من البلبلة، وخصوصاً أن الشيخ الهجري لم ينف هذا الاتصال، وإنما ذكر مدير مكتبه الإعلامي أنه واحد من عشرات الاتصالات التي يتلقّاها الهجري من وجهاء وسياسيين من الداخل السوري ومن الخارج. وبعيداً عن موجة التشكيك التي أثارها هذا الاتصال وخلفياته وربطه بالاحتجاجات القائمة في المدينة، أظهرت بيانات أصدرتها كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، محاولة فجّة لاستثمار التظاهرات، في استكمال لمحاولات بدأت بوضوح مع أول احتجاجات شهدتها المدينة قبل نحو شهر، ووصلت إلى حد ربط ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بين ما يجري في السويداء وما جرى في درعا عام 2011، على اعتبار أن المحافظتين تقعان جنوب سوريا، علماً أن السويداء التزمت الحياد طوال السنوات الماضية ولم تنخرط في أي مظاهر معارضة أو احتجاجية من قبل.

وفي ردة فعل عاجلة، بدت كأنها منتظرة، أصدر حساب السفارة الأميركية على منصة «X» بياناً عقب حادثة إطلاق النار في السويداء، ذكر أن واشنطن «تعبّر عن قلقها إزاء التقارير التي تتحدث عن استخدام العنف في السويداء»، وهو المضمون ذاته تقريباً الذي تضمّنته بيانات المبعوثة الفرنسية الخاصة إلى سوريا، بريجيت كرمي، والممثلة البريطانية الخاصة بشأن سوريا، آن سنو، والمبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، في وقت نشرت فيه المؤسسة البحثية الأميركية «المجلس الأطلسي» تقريراً أملت فيه استمرار الاحتجاجات في السويداء.

وبعيداً عن الاتهامات المتبادلة التي أثارها اتصال عضو الكونغرس الأميركي بالهجري، والبيانات التي أصدرتها واشنطن وحلفاؤها، يوضح الاهتمام الأميركي والغربي البالغ بتظاهرات السويداء الرغبة الواضحة في استثمار ما يجري في المحافظة الواقعة في خاصرة سوريا الجنوبية، ويعيد إلى الأذهان عشرات المحاولات السابقة للزج بالمدينة التي تتمتع بخصوصية تتعلق بموقعها الجغرافي (قرب الأراضي المحتلة) والديني (امتداداتها الدينية نحو لبنان والجولان السوري المحتل)، بما فيها مساع سابقة تم إجهاضها للدفع نحو إنشاء «إدارة ذاتية». وهي مساعٍ ما زالت قائمة، وتواجَه برفض واضح ومباشر من وجهاء المدينة وشيوخها، حتى الآن، وسط توقعات بالتزام حركة الاحتجاجات القائمة مسارها الحالي من دون أيّ انزياح نحو فوضى أظهرت أجهزة الحكومة السورية حرصها على عدم الانجرار إليها، وأظهرت مواقف شيوخ المدينة ووجهائها الالتزام نفسه حيال احتمالاتها. ويأتي ذلك على رغم بعض التصريحات الانفعالية والسياسية التي خرجت عن هذا السياق، والتي تشكّل بالنسبة إلى واشنطن وحلفائها فرصة لا تعوّض لاستثمارها، وخصوصاً أنها تأتي في سياق هجمة أميركية متواصلة لاستعادة المشهد السوري، سواء عبر حملة التصعيد الميدانية أو السياسية، أو حتى الإعلامية عن طريق وسائل إعلام أعلنت الخارجية الأميركية تقديم دعم مالي لها بهدف «تعزيز أولويات سياسة الحكومة الأميركية في سوريا».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا