الغطاء الأخضر في لبنان بخطر... والحرائق على الأبواب!
شانتال عاصي - "الديار"
يوماً بعد يوم، تتقلّص مساحة لبنان الحرجية أكثر فأكثر، فبعد أن كانت المساحات الخضراء تغطّي مساحات شاسعة منه، باتت محدودة جداً ومعرّضة للتقلّص في كل حين. خسر لبنان 28% من الأحراج خلال السنوات العشر الماضية بسبب الحرائق التي اندلعت فيه، والنسبة مرشّحة للارتفاع في ظل التغير والتطرف المناخي الكبير الحاصل، فضلاً عن النشاطات البشرية المدمّرة للطبيعة.
3501 حريق منذ بداية العام
على مدى عقدين من الزمن، وبدءاً من عام 2002 حتى عام 2022، شهد لبنان استنزافًا مذهلاً لمساحة تبلغ 16.4 مليون متر مربع من غطائه الحرجي بسبب حرائق الغابات. وصنّف موقع "غلوبال فورست واتش" عام 2021، بأنه الأكثر تدميرا لغابات لبنان، مع فقدان 4.25 مليون متر مربع خلال ذلك العام وحده، وهو ما يمثل 63% من إجمالي الخسائر. وبحسب المصدر عينه، تحملت عكار وطأة هذه الحرائق، حيث شهدت أكبر قدر من الدمار، فالتهمت النيران عام 2021 جزءا كبيرا من غابات الصنوبر فيها، بمساحة إجمالية تبلغ 390 ألف متر مربع.
وبحسب بيانات المركز الوطني للاستشعار عن بُعد، الذي يعمل تحت رعاية المجلس القومي للبحث العلمي، فقد اندلع إجمالي 3501 حريقا منذ بداية عام 2023 حتى يومنا هذا. ومن بين هذه الحوادث، أدت 503 حوادث إلى تدمير أشجار مثمرة ثمينة، في حين وقعت 709 حوادث داخل حدود غاباتنا الثمينة.
ومع انقضاء فصل الصيف وانخفاض مستويات الرطوبة، يصبح مؤشر خطر الحرائق واضحًا بشكل متزايد في مناطق الغابات المتبقية. وبالتالي، فإن الخريطة اليومية الصادرة عن المركز الوطني للاستشعار عن بُعد تعتبر اللون الأحمر المنذر بالخطر، كتحذير صارخ من أن الخطر مستمر حتى هطل أمطار الشتاء الأولى.
وتتركز مؤشرات الحرائق المثيرة للقلق في المقام الأول في المناطق الشمالية والبقاع، والتي تتميز بارتفاع درجات الحرارة وغياب واضح للرطوبة التي تعمل عادة كرادع طبيعي للحرائق. وفي مثل هذه الظروف، فإن احتمال الاشتعال يلوح في الأفق بشكل كبير ويتطلب يقظة شديدة للتخفيف من التهديد الذي يلوح في الأفق.
مخاطر عالمية!
بحسب الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل، ترتفع نسبة مخاطر تزايد الحراق في هذه الفترة من السنة، نظراً لارتفاع درجات الحرارة والتي تترافق مع سرعة في الهواء، وبلغ مجموع خسائر المساحات الخضراء في الأعوام الـ15 الأخيرة إلى 360 مليون متر مربع، واشار الى انه عالميًا اشتعلت الحرائق في العديد من الدول، بما في ذلك كندا ودول أوروبية مختلفة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير طبيعي بما يتجاوز المعايير الموسمية، لتجد فرق الإطفاء نفسها عاجزة في مواجهة هذه الحرائق، وتكافح من أجل إهمادها على الفور حسب الحاجة. وتعزى ظاهرة الحرائق المنتشرة على نطاق عالمي إلى تأثير تغير المناخ.
ولفت الى ان ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتغير أنماط هطل الأمطار، وفترات الجفاف الطويلة، أدى إلى خلق ظروف مهيأة لازدهار حرائق الغابات. كما تؤدي هذه التغييرات إلى تجفيف النباتات وتحولها إلى وقود جاهز للحرائق. وتضع مواسم الحرائق الطويلة الناتجة من هذه الظروف ضغوطًا هائلة على أفراد وموارد مكافحة الحرائق، مما يجعل الاستجابة بفعالية أمرًا صعبًا للغاي
هذا ولم يسلم لبنان بدوره من هذا التغير المناخي، وأكّد الخبير البيئي أن السبب الرئيسي والأخير وراء تزايد نسبة اندلاع الحرائق، هو النشاط البشري وليس العوامل الطبيعية أو المناخية فحسب. فالأفراد الذين يحرقون المخلفات الزراعية عمدا ويتخلصون من المواد البلاستيكية والألعاب النارية والمواد المماثلة، في كثير من الأحيان دون إدراك المخاطر المحتملة لأفعالهم، يشكلون تهديدا كبيرا للبيئة. على الرغم من أن "الطقس المتطرف" الذي يتميز بفترات طويلة من ارتفاع درجات الحرارة أعلى بكثير من المستويات العادية، يمكن أن يؤثر سلبًا في التربة ويقلل من قدرتها على التعامل مع الحرائق سريعة الانتشار، فإن هذا يعد العامل الثانوي الذي يساهم في تصاعد وتيرة الحرائق في المرحلة اللاحقة.
الخطوات الملحّة
وعدد الخطوات التي يجب اتباعها لتفادي نشوب الحرائق في الغابات فهي:
- تنظيف الغابات وتحويلها إلى غابات مضادة للحرائق من خلال ازالة الأغصان اليابسة، والزجاج والنفايات على أنواعها.
- عدم رمي المخلّفات الزجاجية وأعقاب السجائر.
- الإمتناع عن حرق الأعشاب الضارة والشجيرات الجافة في أكوام.
- تجنّب إضرام النار أثناء التخييم في المساحات الخضراء.
- الإمتناع عن إطلاق المفرقعات النارية في الأحراج.
- الإمتناع عن إضرام النار في مكبات النفايات العشوائية في المناطق الحرجية.
وفي هذا الصدد، ناشد كامل الجهات المعنية التحرّك فوراً لإطلاق خطط طوارئ وتنفيذها على وجه السرعة، فالغطاء النباتي في لبنان في خطر والأحراج إلى تقلّص. والجدير بالذكر أن 10 إلى 15 بالمئة فقط من حرائق الغابات تحدث من تلقاء نفسها. أما النسب المتبقية، فهي ناجمة عن أسباب بشرية، بما في ذلك حرائق نشاطات التخييم غير المراقبَة، أعقاب السجائر وأساليب الحرق العمد التي ينتهجها البعض عن قصد أو بدونه التي قد تسبّب أحياناً بتمديد موسم الحرائق العادي لمدة ثلاثة أشهر.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|