هذه حقيقة "داء السعار".. هذا ما تفعله "عضة" كلب والحل لدى البلديات
بين الحياة والموت يرقد أحد الأطفال من مدينة صور في المستشفى، جراء تعرضه لعضة كلب أدت به بعد أسابيع لدخوله في غيبوبة، حيث يُعالج اليوم مصاباً بداء "السعار"، وبحسب المعلومات فإنّ حالته متقدمة ولا تملك عائلته غير الدعاء لخلاصه.
هي كارثة وقعت على رأس هذه العائلة، وقبلها سُجلت حالات مماثلة لطفلين سوريين توفيا جراء عضة كلب، وحالات كثيرة استلزمت دخول مستشفيات ومعاناة صحية، فالإصابة ليست بالسهلة سواء كانت "عضة" او حتى مجرد "خرمشة"، في حال كان الكلب غير ملقح ، وهو ما يحصل بكثرة جراء انتشار الكلاب الشاردة.
ما لا يعرفه كثيرون، وتم تجاهله في خبر إصابة الطفل والبالغ من العمر 14 عاماً، وليس عاماً واحداً كما اُشيع، انّ الجرو "البيتي" الذي عضه لا يتجاوز عمره 3 أشهر، وبالتالي لا تخضع الكلاب في هذا العمر الى التطعيم، ما يعني ضرورة عدم السماح للعائلة التي تملك الكلب بمخالطته مع الكلاب الشاردة لانّه قد يصاب او يتلقى أي جرثومة من هذه الكلاب وينقلها للأشخاص، ما يؤدي الى اصابتهم بداء "السعار" وهي التسمية العلمية وليس "داء الكلب".
داء السعار
وإذ وقعت الواقعة لدى هذه العائلة وقبلها عائلات كثيرة، فمعالجة الخلل كي لا تتكرر المأساة تصبح حتمية. وقبل الدخول في استراتيجية المتابعة والعلاج، يتحدث الطبيب البيطري دكتور جاد شعيا وهو أمين الصندوق في نقابة الأطباء البيطرين عن خطورة الإصابة بـ"السعار" في حديث خاص لـ"لبنان 24". ويؤكد الطبيب: "حتماً تؤدي الإصابة الى الوفاة، في حال لم يتم أخذ اللقاح المناسب بأسرع وقت. ولكن هذه الحالات ليست كثيرة في لبنان، وبتنا نسمع عنها مؤخراً فقط". امّا العوارض فتتراوح ما بين الحرارة المرتفعة، واحياناً عدم القدرة على الكلام، والنعاس الشديد، وقد تؤدي الى الشلل النصفي او الصرع واحياناً الوفاة. والمطلوب بحسب شعيا: "الدخول فوراً الى الطوارئ واللقاحات متوفرة خلافا لما يُشاع في الكرنتينا ومستشفى الحريري. وتُعطى الجرعة الأولى ويتبعها 4 جرعات متلاحقة من اللقاح".
ويؤكد شعيا: "لا ارتدادات سلبية واضحة للقاحات على جسم الانسان، بل على العكس هي أكثر من ضرورية. وتحصل حالات الوفيات للأسف جراء الإهمال من قبل الناس الذين لا يقدرون حجم الخطورة، او في حال إصابة ولد ما بخدش او عضة ولم يفصح عن اصابته، أحيانا لصغر سنه وعدم تمكنه بعد من الكلام".
ولتفادي الإصابة بداء السعار، يتوجب تقديم اللقاحات اللازمة للكلاب من عمر ما بعد الـ3 اشهر والمتابعة الدائمة لدى الأطباء البيطرين، وهذا بما يتعلق بالحيوانات المنزلية، امّا الكلاب الشاردة فيتوجب بحسب شعيا: "على البلديات التعاقد مع الأطباء البيطريين المتواجدين في نطاق محافظاتهم لتطعيم الكلاب الشاردة، ويحصل كل كلب تلقى التطعيم على إشارة معينة كما في دول الخارج". ويختم شعيا مؤكدا "الاستهتار ممنوع، فالموت يتربص بكل مصاب بداء السعار مهما كان عمره وبنيته الجسدية".
في القانون
تنص المادة 12 من قانون "حماية الحيوانات والرفق بها" على أنّ "وزارة الزراعة تضع التوجهات العامة للتعامل مع الحيوانات الشاردة، بما في ذلك الوسائل المقبولة لتحديد النسل وللقبض عليها ومراقبة داء الكلب ووجوب إمهال أصحابها مدة زمنية معقولة لاستعادتها ومعايير الإيواء وإجراءات مكافحة الأمراض. على أن تضع البلديات خطة للتعامل مع الحيوانات الشاردة بناءً على توجهات وزارة الزراعة وتعمل على تنفيذها سواء مباشرة أو بالتعاقد". وإذ يحق للجمعيات والمنظمات غير الحكومية والأشخاص بحسب المادة 23 من القانون "الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الزراعة لإنشاء مراكز إنقاذ بعد استيفاء الشروط"، فإنّ جمعيات وناشطين كثر يعملون على قضايا حماية حقوق الحيوانات، ويأخذون على عاتقهم المتابعة والمسائلة وكذلك خلق الوعي لدى المواطنين بهذه المسائل. من بين هؤلاء الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الحيوانات غنى نحفاوي، التي تشير في حديث خاص لـ"لبنان 24"الى انّ معالجة مسألة الكلاب الشاردة هي بالدرجة الأولى من مسؤولية البلديات، كما نص عليه القانون. يلي ذلك وعي المواطنين لهذه المسائل، وتقول: "الكلب الذي عضّ الطفل لا يتجاوز عمره الـ3 اشهر، وبالتالي لا يخضع لاي لقاحات، لذا يتوجب على كل من يقتني كلباً او حيواناً اليفاً في المنزل ان يستشير الطبيب البيطري أولا بالإجراءات الواجب اتباعها كي لا يعرض حياته ولا حياة الكلب للخطر. فجرو بعمر الأشهر يُمنع منعا باتاً على العائلة جعله يخالطه الكلاب في الخارج، طالما انّه لم يتلق اللقاح الواجب لصغر سنه".
وتتابع نحفاوي: "الجرو كما الطفل الصغير في العائلة، يجب ان يأخذ لقاحاته في عمر معين، ومتابعته، والتواصل مع الطبيب في حال حدوث أي مسألة صحية، من أجل سلامة الجميع. للأسف نقول داء السعار قاتل، ولكن ليست الكلاب فقط من تسبب بالسعار بل كل القوارض وهو ما لا يعرفه كثيرون، لذلك من الخطأ تسميته بداء الكلب".
"اللانيت" القاتل
وإذ لا تتوقف المسألة على التسميات، تضع نحفاوي اللوم على البلديات، "البلديات متقاعسة عن القيام بواجبها، ولا تقوم بالتنسيق لا مع الوزارة ولا الجمعيات كما ينص القانون بمواد واضحة لا تحتمل الالتباس. ولمعالجة مسألة الكلاب الشاردة، يتوجب هنا على البلديات أن تؤمن مساحة ولو كانت صغيرة، بشكل مأوى للكلاب بعد خصيها كي لا تتكاثر وهذا يشكل حماية لها وللبيئة المحيطة".
وتكشف نحفاوي انّه بدلاً من انّ تتدارك البلديات الازمة وتجد حلاً، الا انّ البعض منها قام مؤخراً بوضع مادة "اللانيت" السامة لقتل عدد كبير من الكلاب الشاردة، "مجزرة بحق البشرية"، تتابع "هذه المادة تقتل في 5 دقائق، ويتم وضعها للكلاب في الطعام، على الرغم من انّ وزارة الزراعة منعت استخدام هذه المادة، الا انّ الأشخاص بلا ضمير يقومون بشرائها من محلات الأسمدة الزراعية لقتل الحيوانات".
اذا الحل ممكن لتجنب كارثة جديدة قد تؤدي الى وفاة شخص جراء "عضة" كلب. من جهتها تقوم وزارة الزراعة والبيئة بإعداد دراسة شاملة لكلفة وآلية توسعة مراكز الايواء واستحداث مراكز جديدة لكلاب الشوارع.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|