ضاهر وافرام:الرئاسة بين كاثوليكي من الأطراف وماروني من كسروان
عند انتخاب المجلس النيابي الحالي، كان ملفتاً للانتباه والمتابعة عدد النواب المستقلين، نظرياً، الذين دخلوا الندوة البرلمانية. فإضافة إلى "التغييريين"، وصل إلى المجلس عدد غير قليل ممن لا ينتمون إلى أي حزب أو تكتل. مستقلون لهم مواقفهم التي تتقاطع، بنسب مختلفة، مع هذا الفريق أو ذاك ضمن الانقسام اللبناني، الذي يبدو وكأنه مؤبد بين خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً.
كثيرة هي الأسماء، من فؤاد مخزومي إلى ميشال معوض وسجيع عطية وفريد هيكل الخازن وكريم كبّارة وأحمد الخير، عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، جهاد الصمد، أديب عبد المسيح، أسامة سعد، نبيل بدر، بلال الحشيمي، وليم طوق، جميل عبود، أشرف ريفي وآخرين..
استقلالية هؤلاء "النظرية" لم تمنع معظمهم من التموضع سريعاً في الخنادق المتواجهة، كل باسلوبه ولغته و... حساباته.
تجربة ضاهر وافرام
في هذا السياق، تحمل تجربة ميشال ضاهر ونعمة افرام، المستقلين، بعض المغايرة التي تتشابه ظروفها من جهة، وتتعارض من جهات أخرى.
الرجلان اللذان ترشحا على لوائح التيار الوطني الحر عام 2018 استعادا سريعاً استقلالهما ومقاربتهما المختلفة للسياسة والاقتصاد، وشكّل كل منهما لائحته المستقلة في منطقته. تتقاطع مواقفهما الاقتصادية في الكثير من المحطات لكن تفترق طرقهم الرئاسية. افرام مرشح لرئاسة الجمهورية، في حين يدعم ضاهر و"يبشّر" بقائد الجيش جوزف عون رئيساً.
لكن قبل الرئاسة وبعدها، يعطي كلّ من الرجلين أهمية استثنائية للملف الاقتصادي وتداعياته السياسية والاجتماعية، هما الآتيان من خلفية اقتصادية، صناعية ومالية.
يجمعهما كذلك فكرة الإنتاج وأهمية الاقتصاد المنتج والصناعة في صلبه. أما السيرة والمسار والطموح فلكل منهما دروبه والمسالك.
لعنة الطوائف والمناطق ولعبتها
يقول ميشال ضاهر أنه "ككاثوليكي من البقاع، كنت وسأبقى منحازاً إلى الدولة ومؤسساتها وفي طليعتها رئاسة الجمهورية". يعيد التأكيد أنه "مع انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية". يتحمّس له معدّداً الكثير من مآثره. يروي وقائع عن "آدميته" ومناقبيته ورسوخ فكرة الدولة والمؤسسات في فكره وسلوكه، لكنه يؤكد، أيضاً، أنه سيكون مع أي رئيس مقبل للجمهورية.
هي حسابات الطوائف والمناطق، لعبتها ولعنتها في آن.
لا يملك ضاهر ترف "الحلم" بالرئاسة، فيكتفي ابن الفرزل البقاعية، الكاثوليكي، بالعمل في "كنف" الرئيس داعماً ومؤيداً وطامحاً إلى إشراكه في وضع أفكاره الكثيرة موضع التطبيق.
فضاهر دخل السياسة "من باب الأمل باجتراح تغيير في المقاربات والسياسات الاقتصادية"، كما يؤكد لـ"المدن". باكراً حذّر من السياسات المتبّعة و"تنبأ" بـ"المهوار الذي وقعنا فيه، إن لم نغيّر من السياسات الاقتصادية والمالية". لكن "قوته" كمستقل، هي أيضاً نقطة ضعفه. فماذا يمكن لنائب فرد أن يفعل ولو امتلك المعرفة والإرادة والرؤية؟
افرام: رئيس الفرصة
هو السؤال نفسه الذي يُطرح على نعمة افرام. فالمهندس الذي يحب "تصليح كل ما هو معطّل" منذ أن كان ولداً يملك تصوّراً متكاملاً لكيفية إعادة "ماكينة البلد" للعمل.
فالماروني، إبن كسروان في جبل لبنان، يملك "ميزة" الحلم والترشح لرئاسة الجمهورية. وهو فعلها من دون "تعفف" و"تقية" مصطنعين لدى كثير من الطامحين.
لكنه يعيد التأكيد لـ"المدن" أنه "مرشح لمرحلة استقرار وتعاون ووضع الأولوية للمصالح والأجندات اللبنانية. إذا كان هناك فرصة لمثل هذه المرحلة، فأنا مرشح مقتنع بأنني يمكن أن أنجز وأبني وأصلح. فأنا الفخور بإنجازاتي الشخصية وإنجازاتنا الجماعية في العمل، حيث نلتزم الدقة والاحتراف والإبداع، لا أقبل بأقل من ذلك لبلدي". ويضيف بواقعية "لكن إذا كانت المرحلة هي لتطويل عمر الأزمة والمبارزة في التعطيل وتسجيل مواقف، فأقولها لصنّاع الرئيس في الداخل والخارج: هذا المنصب ليس لي".
يفاخر نعمة أنه ووالده من قبله وأعمامه وصولاً إلى جده، الذي كان يملك منجرة، كانوا جميعاً منتجين وصناعيين، ولم يفكروا يوماً بمغادرة لبنان.
يوظف في شركاته نحو 3500 موظف لبناني في لبنان والخارج، ويحب أن يكون "صانعاً للساعات عوض ان يكون مجرد مخبر أو محدد للوقت كما يقول بالانكليزية (Don’t be a time teller be a clock builder).
يقرّ أنه لا يريد أن يكون "رجلا سياسياً بالمفهوم اللبناني، بمعنى الحرتقات والصغائر وتسجيل النقاط، بما لا ينعكس بأي شكل مباشر على تحسين حياة الناس. أنا أحمل مشروعاً محوره النمو والازدهار يستند إلى دراسات وأبحاث وعلم ومنطق ومصالح البلد والناس".
هامش الاستقلالية
بدوره يؤكد ضاهر أنه يملك "الكثير من الأفكار والطروحات التي تطال الناس في يومياتهم وتطوير حياتهم وازدهارها، بعيداً عن تسجيل النقاط في السياسة". يملك عدداً من الدراسات لخلق فرص عمل وتكبير حجم الاقتصاد والإنتاج.
ضاهر الذي يوظّف في مصانعه نحو 1600 موظف، ويفاخر أنه قرع جرس البورصة ثلاث مرات في نيويورك، يستغرب تعمّد تجاهل كل ما يمكن أن يعيد الانتظام إلى الاقتصاد من إقرار الموازنات (لم يصادق على أي موازنة ) إلى.. سكة الحديد.
لا شك أن "استقلال" افرام وضاهر المادي، وهما من أصحاب الثروات، يعطيهما هامشاً كبيراً في الحفاظ على استقلالهما السياسي، ويسمح لهما بـ"ترف" الحلم ببلد منتج يعمل وفق انتظام مشهود لهما في مؤسساتهما. ويجعل مقاربتهما للسياسة ترتبط "عضوياً" بالاقتصاد والنمو والانتاج.
لكنّ إدارة بلد معقد كلبنان والنهوض باقتصاده لا يمكن أن ينجح فيه أفراد ويحدثوا فرقاً و"تغييراً" وحتى تأثيراً يطمح إليه كل من الرجلين، من دون تفاهمات وتحالفات وتوافقات كبرى. يتساوى في ذلك ابن الاطراف مع ابن جبل لبنان.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|