نصرالله أيضاً ينتظر الخارج
قبل أسابيع قال الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله «زهقنا» من الدعوة إلى الحوار بين الفرقاء حول انتخابات الرئاسة لأنّ الفريق الخصم يرفض هذه الدعوة ويعارضها، وأعلن أنه دعا إخوانه في قيادة «الحزب» إلى أن يخففوا من التشديد على الحوار، طالما هناك رفض له من الخصوم. هو أوحى بشيء من الحرد حيال خصومه لأنهم لا يتجاوبون مع تكتيك الحوار، معتمداً القاعدة الأصلية التي تحكم سلوكه في استحقاقات من هذا النوع وهي خوض تحدي الصبر، وعض الأصابع واثقاً من قدراته على الصمود أكثر...
لكن نصر الله يقصد بذلك أنه لا يريد أن يظهر بمظهر استجداء الحوار من معارضي خياره بانتخاب رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية بالتزامن مع تكراره بأنّ الحل لمسألة الفراغ الرئاسي داخلي وليس خارجياً، ورافقته في ذلك حملة التصريحات التي أطلقها نواب ومسؤولون في «الحزب» بأن ما من قوة تستطيع أن تفرض إسم الرئيس، لا سيّما بعدما شاعت أخبار بأن الموفد الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان هيأ لفكرة البحث عن مرشح ثالث في زيارته الثالثة، حين قال إن أياً من المرشحَّين فرنجية وجهاد أزعور لم يتمكنا من حصد الأصوات المطلوبة لينتخب رئيساً. فهؤلاء كانوا مرتاحين للمبادرة الفرنسية حين كانت باريس تميل إلى أن خيار فرنجية قابل للنجاح، ضمن اتفاق يشمل رئاسة الحكومة للسفير السابق والقاضي الحالي في محكمة العدل الدولية الدكتور نواف سلام، وحين أكدت الرياض أن لا فيتو لديها على أي مرشح. لكن قادة «الحزب» انزعجوا من المبادرات الخارجية حين أخذت توحي بأنّ هناك مشكلة مع خياره، داعية إلى تسوية على مرشح ثالث.
رغم أنّ السيد كان ضاق ذرعاً بالدعوات المتكررة للحوار وقرر وقف الحديث عنه، فإنّ رفاقه في القيادة لم يتركوا مناسبة لمواصلة لوم الخصوم لرفضهم له، وواصلوا التأكيد أن لا حل لأزمة الرئاسة إلا به، وتولى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم تذكير الخصوم وأصحاب المبادرات الخارجية بأنّه حوار لإقناع الخصوم «بمرشحنا» مذكراً «بقوة الحجة» التي لدى فريقه، مع الإشارة إلى استدراك الرئيس نبيه بري الذي ردده نصر الله، بأنه إذا لم يحصل اتفاق على مرشح يدعو إلى جلسات انتخاب بدورات متتالية يتنافس فيها مرشحا الفريقين.
دول الخماسية نفسها، وإن لم تعلن ذلك، رأت أنّ التشديد على حوار لإقناع الخصوم بفرنجية يفرغ الدعوة من مضمونها، إذا كانت للإصرار على مرشح واحد. بل إن بعض دول الخماسية توافقت مع فرقاء محليين تحفظوا حيال فكرة الحوار، على أن إنجاحها يحتاج إلى تخلٍ عن ترشيح فرنجية قبل انعقاد طاولة الحوار لضمان البحث في الخيار الثالث. ولذلك كان ميل هذه الدول ولا سيّما الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر، إلى أن يتولى رئيس الجمهورية المقبل الدعوة إلى الحوار، لأنّ الأولوية هي لملء الفراغ وانتظام عمل المؤسسات.
أول من أمس عاد السيد نصر الله إلى الحديث عن «الحوار» من زاوية تضييع من اتهمهم بـ»النكد والمكابرة» فرصة مبادرة الرئيس بري. ومن شدّة يأسه من الدعوة إلى الحوار، خالف الرفض المتشدد للتدخل الخارجي بإعلانه أنه «يجب أن نستطلع أين أصبحت المبادرة الفرنسية»، وأن «الوفد القطري ما زال يبذل جهوداً يومية للوصول إلى نتيجة ما... وعلينا أن ننتظر».
لم يعد يميّز «الحزب» عن سائر الفرقاء اللبنانيين الذين يعيب عليهم انتظارهم الخارج، والذين يتهمهم بأخذ الأوامر منه، وخصوصاً المعارضين لخياراته، أي شيء. وإذا صح اتهامه لهم بالتبعية للسفارات، فإن ترقبه ما تحمله المداولات الخارجية يجعل موقفه الأخير مطابقاً لما يتهمهم به.
إطالة أمد الفراغ تزيد من تخبط الفرقاء كافة، وحتى الأقوى بينهم، أي «الحزب»، فيصعب عليه وعلى سائر أقرانه تقديم حجج متماسكة ومقنعة لهذا التمديد للفراغ الرئاسي القاتل، ويعجز عن كتم ما هو مضمر خلف السرديات التي يناور بها، فيقع في أفخاخ انكشاف ضعف الحجج.
حين اقترح الرئيس بري الحوار ترك بعض الجوانب غامضة في تفاصيل الدعوة ليجري توضيحها بالتدرّج مع لودريان. وقال إنّ جدول الأعمال ببند وحيد هو انتخاب رئيس الجمهورية. والسيد نصر الله وسّع أفق البحث أول من أمس فأشار إلى أنه «كان يمكن للقوى السياسية أن تأتي إلى الحوار ونتناقش ونطرح مرشحنا ويطرحوا مرشحهم ونتحدث بالضمانات ونتحدث بالمستقبل ونتحدث بكل شيء»... أي أنّ جدول الأعمال مفتوح.
وليد شقير - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|