الصحافة

المتشدّدون في عين الحلوة يلوّحون برفض تسليم المتّهمين...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أوشك موضوع مخيم عين الحلوة على أن يختفي نهائياً عن دائرة الضوء والاهتمام في الأيام القليلة الماضية بعدما طغى على ما عداه من أحداث خلال نحو شهرين، إذ بدأ المعنيون بهذا الملف يتعاملون معه على أساس أن طرفي النزاع فيه أي حركة "فتح" والمجموعات المتشددة المنضوية في إطار مجموعتي "جند الشام" و"الشباب المسلم" قد جنحا أخيراً نحو تسوية تشرف عليها قوة أمنية مشتركة تضم ممثلين من كل الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية وفي مقدمها حركة "حماس" تنتشر في المناطق والنقاط الساخنة على أن يتم إخلاء مجمع مدارس الأونروا من مسلحي كلا الطرفين المتصارعين.

ولكن فجأة اقتحم مشهد التهدئة في الساعات الماضية تطور غير مريح، خلّف وراءه سيلاً من الانطباعات السلبية المتشائمة وهي تنذر بإمكان عودة الأمور الى مربع الاشتباك الذي كانت له جولتان خلال أقل من شهرين ألحقا الأذى بالمخيم وأثار استياء السلطة اللبنانية وحنقها.

فللمرة الأولى منذ أعوام خلت يخرج الناطق بلسان مجموعة "عصبة الأنصار" أبو شريف عقل من احتجاب طويل نسبياً ليظهر أمام الإعلام كاشفاً عن أن جماعة "الشباب المسلم" ليست في وارد تسليم المتهمين الثمانية بمقتل القيادي الأمني في حركة فتح اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه الأربعة.

وإطلالة هذا الرجل وإطلاقه هذا الكلام التصعيدي شكلا صدمة عززت مناخات الخشية والريبة لكونه ينطوي على بعدين خطيرين:

الأول أن عصبة الأنصار ارتبط ظهورها على مسرح اللجوء الفلسطيني في لبنان كضالع في المجزرة التي ارتُكبت في قصر عدل صيدا في عام 1999 وأدت الى مقتل قضاة أربعة كانوا يجلسون على أقواس القضاء.

ومنذ ذلك الحين بدت تلك المجموعة حالة متمردة على القوانين المرعية الإجراء وواحدة من طلائع حالات التشدد والإرهاب التي تنامت لاحقاً في المخيم. واللافت أنها نجحت طوال العقود الثلاثة الماضية في رفض تسليم المتهمين بالضلوع بتلك المجزرة، وبقيت حالة عصيّة في المخيم قادرة على جبه كل الضغوط عليها من الجانبين اللبناني والفلسطيني.

الثاني أن هذه المجموعة تعلن من خلال كلام الناطق بلسانها كأنها تشهر انحيازها الى جانب مجموعة "الشباب المسلم" وتمسي ناطقة باسمها وتعبّر عن توجهاتها.

وبناءً على ذلك فإن ظهور القيادي في هذه المجموعة التي لا تخفي آرءاها وتوجهاتها المتشددة والمتطرفة، يعني على نحو أو آخر توجيه ضربة موجعة الى مندرجات التسوية الأخيرة التي تم التوصل إليها بشق الأنفس وبعد مخاض عسير بهدف إطفاء بؤرة التوتر والاحتقان المحتدمة في المخيم، وهي التسوية التي شارك في إقرارها ضغوط استثنائية من الجانب اللبناني وخصوصاً من جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وضع ثقله ورصيده في الموضوع فضلاً عن جهود موازية بذلتها أيضاً قوى حزبية لبنانية وفلسطينية عديدة.

وحيال ذلك كله فإن السؤال الذي يطرح نفسه تلقائياً هو: على أي صورة ستكون ردة فعل الجانبين المكلفين مباشرة بتلك التسوية الموضوعة برعايتهما أي حركة "فتح" والسلطة اللبنانية؟ واستطراداً كيف سيتعاملان مع رفض هذه المجموعات المتشددة المعروفة لاستكمال بنود هذه التسوية التي عُلقت عليها آمال عراض؟

ولا ريب في أن هذا السؤال سيزداد إلحاحاً إذا ما عُلم أن حركة "فتح" وعدت بأن يتم إيجاد معالجة عاجلة لمسألة تسليم المتهمين الثمانية ومضت في ضوء ذلك الوعد قدماً في قلب الأولويات.

في انتظار أن يقول كلا الطرفان أي السلطة اللبنانية والفصيل الفلسطيني الأعرق والأقوى كلمتيهما الفصل حيال "التمرّد" الذي تعلنه هاتان المجموعتان على مقتضيات التسوية ومندرجاتها وحيال الوفاء بتعهدات يُفترض أن تكون أعطتها سابقاً لإعادة الأمور الى سابق عهدها قبل 31 تموز، فإن معنيين مباشرة بملف عين الحلوة يعتبرون أن حركة "فتح" ومعها بطبيعة الحال الجهات اللبنانية الرسمية الشريكة لم تكونا أصلاً على ثقة يوم قبلتا الانخراط بالتسوية الأخيرة بأن هاتين المجموعتين ستفيان بوعودهما وستسلمان المتهمين للقضاء والأمن اللبنانيين ليكتمل عقد التسوية تماماً ويقال إن الملف طُوي.

وثمة أيضاً من يزعم أن هذين الجانبين لم يحصلا أصلاً على أي تعهد جدي لا من هاتين المجموعتين ولا من أي جهة فلسطينية تطوعت لتؤدي دور الوسيط أو الناقل للرسائل بين فتح من جهة والمجموعتين المتشددتين من جهة أخرى.

وانطلاقاً من هذه الفرضية يمكن القول إن حركة فتح قبلت بتأجيل مطلب التسليم الذي اعتبرته مدخلاً ومعبراً إجبارياً لأي تسوية على أمل أن يكون تنفيذه تعويضاً ولو معنوياً عن الخسائر التي مُنيت بها بداية، وارتضت تالياً الانتقال الى مربع التهدئة وإطفاء التوتر وإخراج المخيم من قبضة الاحتقان والعنف، ليقينها الضمني بصعوبة بل باستحالة حصولها على مطلب التسليم.

فهي من دون شك تعلم تماماً أن هذه المجموعات أثبتت بالبرهان أنها منذ انطلاقاتها الأولى في أواسط التسعينيات إلى اليوم ليست من النوع الذي يذعن أو يفي بوعود يطلقها ويسلم مطلوبين من عناصره، إذ إن الأمر بالنسبة إليها مسألة وجودية.

ولذا ثمة من يرى أنه أمام ذلك لم يعد أمام حركة فتح إلا واحد من حلّين أحلاهما مرّ:

الأول العودة الى نهج الضغط العسكري والأمني مصحوباً بتوتير الأوضاع ودفع الأمور الى موجة عنف جديدة، وهذا خيار دونه صعوبات وحسابات مركبة عسيرة.

الثاني إبقاء المسألة في إطار ربط النزاع والتعايش مع الخصوم على غرار تجارب سابقة لم يمر عليها الزمن فتبدو فتح في هذه الحال في وضع المظلوم والمعتدى عليه لكنه الحريص على المحافظة على الاستقرار في عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان.

وتعليقاً على مآلات الأوضاع في مخيم عين الحلوة وتوقعاته للمرحلة المقبلة قال الناطق بلسان حركة "حماس" في بيروت جهاد طه "على رغم كل هذه الأصوات والأقاويل والتكهنات، ما زالت المساعي الهادفة الى إيجاد الحلول والمعالجات قائمة مع إقرارنا ببروز صعوبات وبوجود تعقيدات من هنا وهناك.

أضاف: لكن ما يعزز الشعور بالاطمئنان أن مواقف الأطراف المعنية جميعها تؤكد إصرارها على عدم الرجوع الى الوراء وضرورة استكمال الجهود من خلال الحوار والتواصل بغية الوصول الى نهايات سعيدة وإعادة مخيم عين الحلوة الى أحضان الاستقرار والأمان.

 "النهار"- ابراهيم بيرم

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا