لماذا تحرّك ملفّ اللاجئين في المناطق المسيحيّة فقط؟
... واندلع "طوفان الأقصى"، فتجمّدت الملفات اللبنانية المحلية الأساسية، وباتت العين على الجنوب والحدود. من هذه الملفات، ملف رئاسة الجمهورية الفارغ كما الموقع منذ نحو عام، وملف اللاجئين السوريين الذي أخذ حيّزاً كبيراً في الآونة الأخيرة، قبل أن يخفت تحت حجة غزة والاعتداءات.
من هنا، لا تعتبر الأوساط المحلية، ولا سيما المسيحية أن قضية اللاجئين دُفنت أو ماتت، بل هي تأجلت، أو وُضعت جانباً حالياً، نظراً الى خطورة الأوضاع العسكرية في غزة، وترقب مدى انعكاسها السلبي على الداخل اللبناني، بكل مشاكله وتعقيداته.
ولكن، أليس الزخم الذي أعطي، سياسياً، لهذا الملف، في الأسابيع الماضية، مدبراً، ثم عاد وخفت؟
ينطلق رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب "#القوات اللبنانية" شارل جبور من حدث طارئ فرض نفسه، وهو الوضع في غزة، ويقول لـ"النهار": "للأسف، الأوضاع في غزة جمّدت كل الملفات العالقة في لبنان، وفي مقدمها البحث في أزمة الرئاسة وفي أزمة اللاجئين".
ويلفت الى أن "أزمة الرئاسة عالقة لأن فريق الممانعة يمنع مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، ويتمسّك بمرشحه، خلافاً للدستور وانقلاباً عليه. أما أزمة اللاجئين فهي تستدعي الضغط على المجتمع الدولي".
من هنا، فإن المجتمع الدولي مشغول راهناً بأحداث غزة، فأيّ هامش سيعطى للبنان، وتحديداً لملف اللاجئين فيه، وكأن كل القضايا وُضعت على رف الانتظار؟
أين العريضة؟
من المعلوم أن "القوات اللبنانية" كانت قد رفعت أخيراً الصوت ضد تفاقم مشكلة اللاجئين السوريين الى لبنان، وأرادت أن تسلك مساراً "مختلفاً"، فسارعت الى "إعلان الحرب" على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وأعلنت عن عريضة تعدّها لإقفال مكتب المفوضية في لبنان.
في نظر "القوات" باتت المفوضية "مفوضية سامية للتسويق للاحتلال السوري المستجد"، كما وصفها النائب غياث يزبك. وكانت "القوات" تنوي تجميع عدد من التواقيع النيابية على العريضة؟ فأين أصبحت تلك الخطوة؟
يجيب جبور: "قبل حوادث غزة، كنّا قد دخلنا في مرحلة الضغط على المجتمع الدولي، بوسائل مختلفة. نريد أن نقول للمجتمع الدولي، لا يمكن الاستمرار بهذا النحو. هذا الملف لا يمكن أن يبقى خاضعاً لنقاش لا ينتهي، على الرغم من حرصنا على أفضل العلاقات مع المجتمع الدولي، والشرعية الدولية والشرعية العربية أيضاً. لكن على المجتمع الدولي الذي يموّل اللاجئين في لبنان، أن يدرك أنه من خلال استمراره في هذا التمويل، هو يدفع بلبنان نحو الانفجار".
وإذا انفجر لبنان، وفق "القوات"، فستصبح حركة النزوح في اتجاه هذا المجتمع الدولي نفسه، وستكون حركة نزوح لبنانية وسورية هذه المرة!
كانت "القوات" قد وصلت الى هذه "الممارسة العملية"، لأنها أرادت أن تسمع "الشرعية الدولية، التي يُعتبر لبنان جزءاً منها، الصوت اللبناني، لأن عليها أن تدرك قلق لبنان من هذه القضية".
يعلق جبور: "مع الانشغال العالمي، فإن موضوع اللاجئين تراجع من وجهة نظر دولية، لكن لم يتراجع لدينا كقوات لبنانية ولدى اللبنانيين، وهذا الأمر سنتابعه وسنستمر في إثارته، لكن علينا أن ندرك التوقيت المناسب، لأن الأحداث الحالية طارئة وكبرى، ويمكن أن تغير معالم الأمور في المنطقة".
ويتدارك: "الملف قيد المتابعة، لكن سنرى كيف نتابعه بطريقة مختلفة وبالمضمون نفسه".
زخم مسيحي؟!
مسيحياً، هل يمكن القول إن المعركة كانت فقط في الساحة المسيحية، وكأن "الزخم" أعطي هناك فقط. هذا مع العلم بأن "التيار الوطني الحر" سارع على لسان رئيسه النائب جبران باسيل، الى رفض هذه "السياسة أو هذا الأسلوب"، واضعاً إياه في إطار "الشعبوية"، التي كان يمكن أن ترتد سلباً على الساحة المسيحية واللبنانية.
لكن بعض المناطق المسيحية، كانت قد شهدت احتجاجات، كتلك التي وقعت في الدورة والجديدة وسن الفيل وغيرها، بعيد الإعلان عن خطوة "القوات"؟
يرى جبور أن "ما حصل هو اشتباكات، وليس احتجاجات. هي وقعت بين لبنانيين ولاجئين سوريين، وهي مرفوضة تماماً، لأن المسألة ليست مع هؤلاء الأشخاص اللاجئين، كأفراد وكعائلات. ولا يجوز تحويرها. لكن المشكلة مع المجتمع الدولي الذي يواصل تمويل هؤلاء".
ويتابع: "ليس الموضوع مسيحياً. لقد حصلت بعض الاشتباكات أيضاً في مناطق أخرى، وأعتقد أن ملف اللاجئين هو من الملفات النادرة التي تستحوذ على إجماع محلي حوله، إذ لم نسمع صراحة أي فئة من اللبنانيين تؤيّد بقاء اللاجئين في لبنان. طبعاً، تتفاوت مقاربة الملف، لكن جميع اللبنانيين، بدون استثناء، مسلمين ومسيحيين، يعتبرون أن وجود اللاجئين في لبنان أصبح يهدد الواقع السياسي في لبنان، بدءاً من الباب المالي والاقتصادي والمعيشي، نتيجة الانهيار الحالي، وصولاً الى الشق الوجودي الذي يهدّد بقاء لبنان، لأنه لا توجد دولة في العالم يبلغ عدد اللاجئين فيها نصف عدد سكانها. إنها مسألة كارثية ويجب معالجتها".
باختصار، الموضوع تأجّل. وبنظر "القوات" ثمّة شقان للجوء السوري الى لبنان. الشق الأول كان سياسياً، أما الشق الثاني، فهو "لجوء اقتصادي تمّ خلال الأعوام الأخيرة، ونشط وتزايد من خلال التمويل الدولي الذي بات يؤمّن للّاجئ مبلغاً بين 200 و300 دولار، من دون أي عمل، فيما لا يستطيع هذا اللاجئ أن يصل الى المبلغ نفسه في وطنه في سوريا، حتى لو عمل ليل نهار. هنا أصل المشكلة".
"المجتمع الدولي مسؤول عن هذه الكارثة. وإذا أوقف هذا التمويل، يعود اللاجئ الاقتصادي الى بلده، أو عليه العمل على إيجاد خطة توزيع للاجئين على الدول العربية، إذا تعذر تأمين عودتهم الى بلادهم": تلك هي رسالة "القوات" الى المجتمع الدولي.
"النهار"- منال شعيا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|