أزمة "مستجدة" نحو الحل... ونصائح للبنانيين لتجنب الوقوع في الفخ!
فتح الحزب الجبهة الجنوبية يفرّق اللبنانيين؟!
حجب العدوان الإسرائيلي الوحشي والممنهج على غزة وما تشهده من إبادة منظمة تطال الأحياء السكنية والأ طفال ما عداه من استحقاقات في لبنان سواء الانتخابات الرئاسية أو موضوع النازحين السوريين، وتركزت كل التحركات على متابعة التطورات الميدانية في قطاع غزة وتداعياتها على جنوب لبنان وترقّب موقف حزب الله من الدخول في الحرب أم الاكتفاء بالرسائل ضمن قواعد الاشتباك.
وسُجّل تعاطف لبناني واسع من قبل كل المكوّنات اللبنانية مع جرح غزة النازف ومع الشعب الفلسطيني في وجه الهمجية الإسرائيلية والقصف المدمّر الذي يستهدف المدنيين والأطفال. وعلى الرغم من بلوغ التضامن مع القضية الفلسطينية أوجه بعد صلاة الجمعة، إلا أنه لم يتوقف عند هذا الحدود بل أن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد أن عمّم من خلال المديرية العامة للأوقاف الإسلامية على أئمة المساجد في لبنان وخطبائها لتخصيص خطبة الجمعة عن فلسطين والعدوان الإسرائيلي على غزة، وإقامة صلاة الغائب عن أرواح شهداء غزة الذين ارتقوا بشهادتهم دفاعاً عن الأرض والقدس بمساجدها وكنائسها، فقد دعا النواب السنّة إلى اجتماع في دار الفتوى ندّد بدوره بالاعتداء الوحشي على قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية. وأكد المفتي دريان «أن هذا الاعتداء الهمجي لن يمرّ دون عقاب من الله ومن أبطال المقاومة الفلسطينية» مؤكداً «ان أرواح الشهداء لن تذهب دماؤهم هدراً، وليعلم العدو الصهيوني أن أبطال فلسطين يمثلون ضمير الأمة العربية والإسلامية ووجدانها». وتوجّه إلى القادة العرب قائلاً: «انتم أملنا ولنا الثقة بحكمتكم ومعالجتكم لما يجري في غزة وكل فلسطين من المذابح والإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاشم في حقهم كل يوم، وليل نهار على مرأى العالم ومسمعه».
واستعاد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط علاقته التاريخية بالقضية الفلسطينية وكثّف اطلالاته الإعلامية للدفاع عن الشعب الفلسطيني وتأكيد وقوفه إلى جانب كل مقاوم ضد إسرائيل. وليس غريباً على جنبلاط الذي ألبس نجله تيمور الكوفية الفلسطينية هذه المواقف، وهو لم يوفّر الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والدول الأوروبية من انتقاده دعمهم لإسرائيل وعدم التفاتتهم إلى معاناة الشعب الفلسطيني. وخاطب جنبلاط وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قائلاً: «إن الدافع الحقيقي لمهمتك يا سيد بلينكن هو تغطية الدمار الشامل وترحيل الفلسطينيين من غزة بتواطؤ الأوروبي لتمكين البرابرة الجدد عند البوابة من احتلال فلسطين».
وعلى الرغم من تأخر حكومة تصريف الأعمال في إصدار موقف من الأحداث في غزة وجنوب لبنان، إلا أن الرئيس نجيب ميقاتي وبعد جلسة مجلس الوزراء الخميس الفائت أدان بإسم مجلس الوزراء «ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الأطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج ومن أفعال جرمية يقترفها العدو الإسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي». كما أكد مجلس الوزراء «انتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الإنسانية» ودعا ميقاتي «القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، إلى تحمل مسؤولياتها والضغط لوقف إطلاق النار في غزة، والبدء بمفاوضات تؤدي إلى وقف دوامة العنف وعودة الهدوء والعمل بالتوازي على تنفيذ مبادرة السلام العربية التي اقرّت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 كخريطة طريق وحيدة لاحلال السلام واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.
القلق على الجنوب
بدورهم، فإن نواب المعارضة شددوا على أن «لا إمكانية لسلام ولاستقرار مستدام في الشرق الأوسط من دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية» وقالوا في بيان «على المجتمع الدولي التسليم بهذه الحقيقة، ووضع حد لتقاعسه، وفرض تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، ووقف مسلسل العنف والظلم الذي لطالما مارسته إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والذي يتأجج اليوم ويطال المدنيين الأبرياء». وأكدوا «أن إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام، واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بالعيش والأمن والكرامة، هو المدخل الوحيد للاستقرار ولانتصار الاعتدال على التطرف والسلام والتطور على العنف والدم».
واذا كان اللبنانيون متحدين في تعاطفهم مع مأساة الشعب الفلسطيني وفي دفاعهم عن أحقية القضية الفلسطينية، إلا أن ما يفرّقهم هو كيفية التعبير عن دعم هذا الشعب وقضيته. ففيما يؤكد حزب الله جهوزيته العسكرية للتحرك ضد اسرائيل متى يحين الوقت انطلاقاً من «وحدة الساحات» فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قلق مما يجري على الحدود اللبنانية الجنوبية ومن الحوادث التي تجري على الخط الازرق، ويعتبر أنها «تضع لبنان في عين العاصفة» خصوصاً في ظل الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يعانيها اللبنانيون ودولتهم وعدم قدرة أي متضرر من أهالي الجنوب والضاحية على اعادة اعمار قراهم ومنازلهم في حال تعرّضها لعدوان اسرائيلي مدمّر كالذي تشهده غزة وغياب أي دعم عربي خليجي وأي استعداد للمساعدة في اعادة النهوض وترميم البنى التحتية كما حصل بعد حرب تموز/يوليو عام 2006 وهو ما يترك اللبنانيين لقدرهم.
من هنا جاء موقف نواب المعارضة الذي حذّر من قيام حزب الله بزج لبنان في الحرب، وأكد «أن سيادة لبنان خط أحمر ولا يملك أي فريق على الأراضي اللبنانية وتحديداً حزب الله، الحق في زج البلد في حروب لا قدرة له على تحمل تبعاتها». وأضاف نواب المعارضة «أن لبنان كان ولا يزال من أكبر الداعمين لقضية الشعب الفلسطيني، ولطالما دفع الأثمان لأجلها. ولكن ذلك لا يعني أبداً القبول باستباحة قرار لبنان وسيادته كي يحقق محور الممانعة، الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية من الأراضي العربية وبدماء الشباب العربي، مآربه في بسط نفوذه على المنطقة».
وحدة الساحات
ويلتقي موقف المعارضة مع موقف الهيئات الاقتصادية التي اعتبرت أن» لبنان الذي يرزح منذ 4 سنوات تحت وطأة أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة أكلت الأخضر واليابس، لا يمكنه على الإطلاق تحمّل حصول حرب جديدة على أرضه» واشارت إلى «أن البلد اليوم منهك على مختلف المستويات، والدولة شبه مفككة ومتحللة ومفلسة في ظل فراغ رئاسي وشلل حكومي ونيابي وانقسام واشتباك حاد بين القوى السياسية وأزمات كارثية تطال كل الجوانب الحياتية وليس آخرها عبء النزوح السوري، فيما فاتورة الحرب كبيرة وباهظة الثمن، ولبنان لا يقوى على تحمّلها بتاتاً في الظل الظروف التي تَحكُم المرحلة الراهنة، والتي تختلف كلياً عن مرحلة عام 2006».
ولكن هل يمكن لحزب الله الذي لطالما تحدث أمينه العام عن «وحدة الساحات» أن يترك «حركة حماس» تواجه وحيدة في قطاع غزة؟
عن هذا السؤال يجيب عميد متقاعد في الجيش اللبناني فيقول إن «من يملك الكلمة في وحدة الساحات هو إيران التي إذا أمرت بفتح الجبهة ستُفتح» ولكنه توقف عند نفي طهران أي دور لها في عملية «حماس» ما يطرح في رأيه السؤال «حول مدى مصلحة ايران وحزب الله بالدخول في حرب خصوصاً بعد وصول حاملة الطائرات الأمريكية إلى البحر الأبيض المتوسط وعدم الرغبة في رؤية مشاهد الدمار في غزة تتم في الضاحية الجنوبية».
واللافت هو غياب أمين عام حزب السيد حسن نصرالله عن المشهد رغم خطورة الوضع، ما يطرح علامة استفهام حول أسباب تأخر نصرالله أسبوعاً كاملاً عن الاطلالة على الإعلام أم أنه ينتظر تقويم نتائج أي دخول في الحرب لئلا يكرّر مقولته الشهيرة «لو كنت أعلم».
سعد الياس - القدس العربي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|