كيف يواجه الإيرانيّون "إسرائيل"؟
هذا ما يمكن أن نستشفه من كلام حسين أمير عبد اللهيان في بيروت: الايرانيون، بأعصاب حائكي السجاد، وان، أحياناً، بخيوط النار، لن يسقطوا لا في المصيدة الاسرائيلية ولا في المصيدة الأميركية...
الاسرائيليون يراهنون على التصعيد في الجبهة الشمالية، بالتركيز على سوريا. استهداف الرئيس بشار الأسد، وتحويل سوريا الى أرض محروقة، مع التداعيات الكارثية لذلك على لبنان، وعلى المقاومة في لبنان.
اذاً، مواجهة الجنون الاسرائيلي، وقد يجر وراءه الجنون الأميركي، بأعصاب جليدية، ما دامت الاستعدادات الدفاعية الفلسطينية تشي بأن غزة ستكون مقبرة بنيامين نتنياهو ان لم تكن مقبرة اسرائيل أيضاً.
الايرانيون لا يثقون بالأميركيين، وان كانوا يدركون مدى خشيتهم من أي انفجار في الشرق الأوسط لا بد أن ينعكس على مسار الصراع ان في الشرق الآوروبي أو في الشرق الآسيوي. ولكن، هل باستطاعتهم، فعلاً، الحد من الهيستيريا الاسرائيلية، بعدما بدا أن نتنياهو لا يدافع عن وجود الدولة بقدر ما يدافع عن وجوده؟
الأميركيون خائفون فعلاً على اسرائيل. بطبيعة الحال خائفون أكثر على أميركا. ارسال حاملة الطائرات، ومعها الغواصات النووية، الى شرق ألمتوسط، مع زيارة كل من وزير الخارجية، ووزير الدفاع، لتل أبيب تعكس، مخاوف "الدولة العميقة" من اللوثة الاسبارطية وهي، في الواقع، اللوثة التوراتية. لدى القيادة الاسرائيلية. في هذه الحال، كل المصالح الاستراتيجية الأميركية في مهب النيران.
حتى توماس فريدمان يتحدث عن المأزق الأميركي في المنطقة، مستعيداً قول زبغنيو بريجنسكي "حيثما كانت بداية العالم تكون نهاية العالم"، وحتى ما ذكرته الكتب المقدسة، ليسأل فرنسيس فورد كوبولا ما اذا كان مستعداً لاخراج الجزء الثاني من فيلمه الشهير "الرؤيا الآن" (Apocalypse now ) هذه المرة في الشرق الأوسط.
أنتوني بلينكن قال في تل أبيب "زيارتي ليست فقط بصفتي وزيراً للخارجية. بصفتي يهودي فرّ أجداده من القتل"..لا أحد قال له "انكم في الغرب من صنعتم الهولوكوست". للعلم، الرئيس فرنكلين روزفلت رفض، عام 1941، استقبال وفد يهودي لينقل اليه شكوى المؤتمر الصهيوني الذي عقد في فندق بالتيمور من تغاضي الادارة عما يتعرض له اليهود من النازية.
الترجمة العربية لقول بلينكن "أنا أميركي واسرائيلي". أميركا كلها أميركية واسرائيلية. أوروبا ليست أكثر من قهرمانة في البلاط الأميركي.
منذ ايام شارل ديغول، والى أيام فرنسوا ميتران، لم يتوان الكي دورسيه (الديبلوماسية الفرنسية الآن في ذروة التقهقر) عن ابلاغ المسؤولين العرب، بمن فيهم ياسر عرفات، بأن الأميركيين لا يستطيعون الضغط على اسرائيل لاقامة دولة فلسطينية، حتى بالمعايير الدنيا للدولة.
لنعدد الموفدين الأميركيين الى الشرق الأوسط. لم تتزحزح القيادة الاسرائيلية قيد أنملة. وحين رأى اسحق رابين أن الدولة العبرية لا تستطيع البقاء وسط النيران أجهزت عليه رصاصات ييغال عامير عام 1995.
خلاف ذلك، تمحورت جهود هنري كيسنجر على اخراج مصر من الصراع (تذكرون كيف رقصت نجوى فؤاد في حجره)، اعتقاداً منه أن الدول العربية لا بد أن تتدحرج وراءها كما حجارة الدومينو. ولقد تدحرجت...
الآن، للذين يراهنون على أن تفتح حرب 2023 ردهة المفاوضات، كما فعلت حرب 1973 (قبل نصف قرن). انظروا الى خريطة الضفة الغربية. ثمة 132 مستوطنة على أرضها، و12 مستوطنة في محيط القدس. هذه المستوطنات تشق الضفة طولاً وعرضاً، وتفصل المدن عن بعضها البعض. أي دولة، وأي دويلة، يمكن أن تقوم بين تلك الخطوط المتعرجة التي وضعت أساساً تحت شعار "الدولة الفلسطينية المستحيلة"؟
ما يرمي اليه الاسرائيليون الآن دفع الفلسطينيين الى المفترق أما الابادة أو الرحيل. حينذاك يتحقق السلام التوراتي بين الذئب والحمل. لنتأمل جيداً في القوس الأميركي الذي بحث في قمة الـ 20، من الهند الى الخليج واسرائيل. هنا مستقبل العرب.
لكنها غزة الآن. من هنا نقرأ أي شرق اوسط ينتظرنا، وان كان ثابتاً أن اسرائيل اليوم لم تعد اسرائيل أيام زمان!!
نبيه البرجي
الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|