دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
الهتاف العربي لنصرالله: حين يُستعاد التاريخ كمهزلة أو انتقام
كأن التاريخ يعيد نفسه. بالنسبة إلى البعض، ربما، على شكل مهزلة. وبالنسبة إلى البعض الآخر هو سبيل للإنتقام. انتقام من اختناق طويل ومديد. فيدفع "المُنتقَمَ منهم" الى استشعار المهزلة. تُخلق هذه الجدلية في مدار مشاهدة صور الناس في الساحات والميادين العربية. في ميدان التحرير، وغيره من ميادين مدن العرب التي شهدت قبل سنوات تظاهرات جمّة، فخرجت في حينها شعوب بلغت قلوبها حناجرَها، فنادت بالحرية والعدالة الإجتماعية، ما لبثت أن خنقت في المهد أو أوديت إلى اللحد تحت عناوين كثيرة.
إلا أن الخروج المتجدد للناس حالياً، يُصبح له معنى مختلفاً، وتكون جهات عديدة كانت سابقاً في عداد رافضي التظاهر، بحاجة إليه، كما هو حال انظمة عربية، كذلك بالنسبة إلى من يرى نفسه مستفيداً من هذه التحركات ويريد لزخمها أن يتفاعل، ويزهو بما يُتلى، لا سيما عندما تناشده الجموع، وهو ما ينطبق على حزب الله مثلاً أحد أبرز المتحمسين للتحركات الشعبية، من بيروت إلى القاهرة والجزائر وغيرها، وهو الذي قمع كل من تظاهر قبل سنوات قليلة في بيروت. وكأن الربيع ينتقم لذاته.
بين المهزلة والانتقام
في معرض الإعلان الإسرائيلي الصلف عن مشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى صحراء سيناء، كان الموقف المصري عنيفاً في الرفض. لم يجد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خيار أمامه سوى اللجوء إلى ملايين المصريين للتظاهر في الساحات والميادين رفضاً للاستجابة إلى المشروع، ورفعاً للضغوط التي تتعرض لها مصر، ولو اقتضى ذلك وصول ملايين المتظاهرين إلى سيناء وإلى رفح، ولعلّ ذلك يصبح هجوماً بشرياً معاكساً باتجاه القطاع لا على خطّ تفريغه. وفي ذلك ردّ لاعتبار الشعب، ولتظاهراته وما يطالب به. ولربما، بحال تطورت الأمور أكثر وأصر الإسرائيليون على مشروعهم بالإرتكاز إلى العمليات العسكرية لتحقيق التهجير، فسيجد بعض العرب ولا سيما مصر والأردن، البلدان المستهدفان بمشروع التهجير من غزة أو من الضفة، أن مصلحتهم تصعيد العمليات العسكرية ضد اسرائيل على جبهات أخرى لوقفها عند حدّ. قد يتجلى ذلك باللجوء إلى إيران وحلفائها الذين يتحمسون إلى القتال وفتح الجبهات، وهذه المرة بغطاء عربي، فيكونون في موضع الدفاع عن المصالح الإستراتيجية للأمن القومي العربي وليس عن فلسطين فقط. وهذا ما قد يراه البعض ايضاً مهزلة، والبعض الآخر سبيلاً للإنتقام.
ويمكن لجانب من الإنتقام أن يكون صامتاً، أو غير مباشر، فتكون التظاهرات دعماً لغزة والمقاومة الفلسطينية وحركة حماس، كنوع من رد الإعتبار، ونوع من التعبير عن مشاعر دفنت، وصرخات كُتمت، بما تصفها شعوب "إنقلابات" فيكون الإنتقام الأول في مصر مثلاً لمحمد مرسي، والثاني لثورات الربيع العربي، والثالث، لما يُعرف بإعادة الوقوف خلف "الإسلام السياسي" الذي تمّت شيطنته طوال السنوات الماضية، لكنه بالنسبة إليهم وفي العقل شبه الجمعي العربي هو الوحيد الذي حقق كسراً للعدو بنتيجة عملية طوفان الأقصى.
الهتاف لنصرالله مجدداً
ليس بعيداً في المشاهد أيضاً، أن تخرج جموع من المتظاهرين في مصر، أو الجزائر أو غيرهما للهتاف إلى أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يدعونه لضرب تل أبيب، ووصفه بالحبيب. هو مشهد كان شبه مستحيل، حتى بالخيال، منذ أسابيع مضت. خصوصاً بنتيجة الشرخ الكبير الذي تحقق إثر الربيع العربي، وإثر تدخل حزب الله في سوريا قامعاً للثورة، وانخراطه في مشروع مضاد على قاعدة التدخل في ساحات عربية متعددة. صرخ مصريون وجزائريون بمناشدة نصر الله، وباعتباره خيارهم الوحيد أو خلاصهم، في رفع منسوب "الغضب العربي" وضرب إسرائيل. وهو ما يأتي بعد سنوات من القطيعة الوجدانية والسياسية العربية مع حزب الله ومع ايران. وبعد "محاولات" أميركية كثيرة لشيطنة الحزب في العالم العربي كما في لبنان، وفق ما هو معلن أو ظاهر. لكنها فرصة تأتي لردّ الإعتبار ايضاً، بمعزل عن الرأي السياسي، او التضارب في المشاريع، والتي تتساقط أمام غضبة الجمهور وتعبيراته العاطفية.
لم يتأخر حزب الله عن تلقف ذلك، فكانت قراءاته وتعليقاته واضحة في مسألة "تجاوز" ما كان من صراع سنّي شيعي في المنطقة. أخذ السنّة في جريرته كما في لبنان كذلك في المنطقة. وكأنه يعود بالزمن إلى ما قبل الربيع العربي وإلى ما قبل اغتيال رفيق الحريري وما تكرس بعده من انقسامات. وعلى ضفاف ذلك، تنشأ جدليات كثيرة، حول التاريخ ومساره، ومن يقف على الجانب الصحيح منه. ومن الجدليات المتجلية، إذا ما كان ذلك مسار طبيعي، أم أن هناك ما فوق الطبيعة يهندس كل ذلك. فطوال السنوات الماضية، ارتكزت القراءات السياسية على تقاطع في المصالح بين الأميركيين والإيرانيين، ما أسهم في اضعاف العرب وضرب حواضرهم ومجتمعاتهم ومباني دولهم، وصولاً إلى تكريس وجهة نظر تفيد بأن المصلحة الإستراتيجية لأميركا وإسرائيل هي في استشعار الخطر من المشروع الإيراني وإبقائه فزاعة قائمة بهدف دفع العرب إلى اسرائيل ودمجها في محيطها. وما إن سار العرب على هذا الطريق، حتى قُلبت الآية، فأصبحت إسرائيل تحتاج لمن يحميها، وتُصوّر إيران بأنها أكبر تهديد لها وللولايات المتحدة الأميركية، في مقابل عراضات وتحشيدات عسكرية غايتها "ردع" ايران. فيتجدد الإنقسام العربي، بين من يريد الذهاب باتجاه إيران، ومن يريد تعزيز العلاقة بالأميركيين باستقراء "العودة" الأميركية إلى المنطقة. فتعود دورة الزمن والتاريخ، الى حقبة الإجتياح الأميركي للعراق وما تلاها، من فرز بين ضفتين ومشروعين، وما بينهما من ارتدادات سياسية.
منير الربيع - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|