بعد حرب غزة... لا عودة إلى النظام العالمي القديم بقيادة اميركا

بعد مرور 17 يوما على بدء الحرب في غزة، بدأت تبرز تساؤلات عن دوافع اسرائيل لتأجيل العملية البرية داخل قطاع غزة، بعدما لوحت بتنفيذها للمرة الأولى منذ عام 2014.
لكن اللافت في هذا السياق، كان ما اعلنته إذاعة الجيش الإسرائيلي يوم امس الاثنين إن تل أبيب وافقت على طلب واشنطن تأجيل الدخول البري إلى قطاع غزة حتى وصول قوات أميركية إضافية إلى المنطقة. وأضافت الإذاعة أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل أنها تعتزم إرسال قوات أميركية إضافية إلى الشرق الأوسط استعدادا للمناورة البرية، وذلك خوفا من تزايد الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة.
وتعليقا على هذا التأجيل، اعتبر مصدر ديبلوماسي، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان التأخير في العملية البرية للجيش الإسرائيلي في غزة والاستراتيجية المشتركة المعلنة للضربات الجوية والغارات البرية المحدودة دليل على الضعف الإسرائيلي. وقال: لا يستطيع جيش الدفاع تحقيق النصر على الأرض، لذا يحاول بيع خوفه للجمهور كـ"إستراتيجية حديثة". ولكن في الواقع لن يتمكن من تحقيق هدفه المعلن المتمثل في القضاء على حماس، لان العملية البرية ستكبده خسائر بشرية فادحة.
واوضح المصدر ان قدامى المحاربين في الجيش الإسرائيلي يدركون هذا الواقع، حيث قال جنرال سابق في الجيش الإسرائيلي لاحدى وسائل الاعلام الاجنبية عن القوات البرية: "لقد فقدنا القدرة على أن يكون لدينا جيش فعّال وأصبحنا قوة عسكرية جوية أحادية الجانب، وغير قادرين على كسب الحروب بمفردنا".

وماذا عن الدعم الاميركي؟ اجاب المصدر: يبدو ان الولايات المتحدة تخطط لإرسال نحو 40 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم إلى إسرائيل كانت مخصصة في السابق لأوكرانيا، وذلك بعدما أعلنت السلطات الاميركية في وقت سابق عن نفاد القذائف العادية من عيار 155 ملم لأوكرانيا وأنها ستقوم بتسليم القذائف العنقودية، ما يعني أن واشنطن قد تستخدم مخزونها التقليدي أو ترسل قذائف عنقودية، علما ان تلك القذائف تشكل خطراً بالغاً على المدنيين، دون ان تكون مجدية في الهجمات على المواقع المحصنة. وفي الوقت نفسه فإنها ستشكل خطراً على الجنود الإسرائيليين إذا بدأ الجيش العملية البرية.
واضاف المصدر: كما ان هذه الكمية - ان كانت كبيرة- تبقى غير كافية لقتال طويل الأمد نسبياً، حيث تشير وقائع تجربة الحرب الأوكرانية ان الهجوم الناجح على المناطق يحتاج الى ما لا يقل عن الفي قذيفة مدفعية يوميًا في الخط الأمامي الذي يبلغ طوله في الحروب عادة 200 × 100 متر. علما ان الجانب الاسرائيلي اعلن سابقا أن لديه آلاف وحدات المدفعية لكل كيلومتر مربع.

من جهة اخرى، اعتبر المصدر الديبلوماسي ان حرب غزة اذا طالت وتحولت الى حرب استنزاف على غرار الحرب الدائرة على الارض الاوكرانية، ستشكل هزيمة لإسرائيل وستكون بمثابة بداية تراجع النفوذ الاميركي اكان في اوروبا او في آسيا، لا سيما بعدما اضاعت الولايات المتحدة اللحظة التي يمكن من خلالها الولوج الى الحلول، حيث الآن ليس بوسعها إلا ممارسة المزيد من الضغط.
وختم: هذا يعني أن لا عودة إلى النظام العالمي القديم المتمثل في التفوق الاميركي.