الدولة الفلسطينية... طُهاة وضعوا الطبخة على نار حامية وتركوها لتحترق!...
إذا أخذنا في الاعتبار أن إسرائيل باتت متعثّرة بحربها في غزة، انطلاقاً من استيعابها أن الهدف الذي وضعته، والذي هو القضاء على ترسانة حماس العسكرية وعلى أنفاقها بالكامل، لن تكون نتيجته أقلّ من القضاء على أكثر من نصف سكان القطاع، نفهم ما تحدّث عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس.
تحالف دولي
فماكرون أشار الى أن أولوية فرنسا وكل الديموقراطيات هي هزيمة المجموعات الإرهابية، والى أن بلاده جاهزة إذا قام "التحالف الدولي" لمحاربة "داعش" بمحاربة "حماس" أيضاً، مؤكداً أنه سيعرض على "شركائنا الدوليين" بناء تحالف إقليمي ودولي لمحاربة المجموعات الإرهابية التي تهدّدنا جميعاً.
وبكلامه هذا، ضمّ ماكرون "حماس" الى لائحة الحرب الطويلة على الإرهاب، وهو ما ستكون له نتائجه على الدولة الفلسطينية التي ستُعلَن عندما يجهز حلّ الدولتَيْن، والتي بات العالم يسلّم ربما بأن "حماس" ستشكل جزءاً أساسياً فيها. وهذا يعني أن تلك الدولة ستكون معرّضَة لعمليات عسكرية دولية بحجة القضاء على الحركة ("حماس").
الدولة الفلسطينية
أمر آخر أيضاً، يتعلّق بالعقوبات التي ستُفرَض سلفاً على الدولة الفلسطينية الموعودة، بحجة محاربة "حماس".
فمساعد وزيرة الخزانة الأميركية (والي أدييمو) أشار الى مساعٍ لتشكيل "تحالف دولي" يكافح شبكة تمويل الحركة ("حماس")، مؤكداً أنه سيتوجّه الى أوروبا بعد أيام للقاء الحلفاء والشركاء، والحديث عمّا يمكن فعله بشكل منسّق من أجل التصدي للشبكة التمويلية لـ "حماس"، لافتاً الى أن الهدف هو بناء تحالف مع دول المنطقة وفي جميع أنحاء العالم لمكافحة تمويلها.
فهل يعني كل ما سبق أن استحالة تحقيق هدف إسرائيل بكَسْر "حماس" عسكرياً، بحسب المنطق وضرورات حماية المدنيين، سيجعل الدولة الفلسطينية المنبثقة من حلّ الدولتَيْن تدفع الثمن، إذ ستكون دولة خاضعة لعقوبات معيّنة بسبب "حماس"، ومعرّضة لهجمات عسكرية دائمة، دولية لا إسرائيلية فقط، بسبب الحركة أيضاً؟
وترتفع حظوظ مُعاقبة الدولة الفلسطينية الموعودة بحلّ الدولتَيْن، نظراً لما لدى "حماس" من قدرة على الالتفاف على العقوبات، وهو ما سيزداد مع مرور الوقت طبعاً، وبدعم من دول عربية عدّة.
ضغط عاطفي
رجّح مصدر خبير في الشؤون الفرنسية والأوروبية أن "تكون مبادرة ماكرون المتعلّقة بتحالف دولي لمحاربة "حماس" فرنسية، ومن خارج أي تنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية. وقد تحدّث الرئيس الفرنسي عنها بما ينسجم مع الضغط العاطفي الذي زخرت به زيارته إسرائيل، لا سيّما أن هناك عدداً من الأسرى الفرنسيين لدى "حماس".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "إسرائيل ليست متعثّرة عسكرياً في غزة بشكل تام حالياً، حتى تحتاج الى مثل تلك المقترحات. فهي تؤخّر الهجوم البرّي لأسباب عدة، من بينها أن عناصر الاحتياط الذين جلبتهم من كل دول العالم للقتال في جيشها يحتاجون لمزيد من الوقت والتجهيز. فهؤلاء بحاجة للتعرّف الى الوحدة التي سيقاتلون أو سيعملون ضمنها، والتعرّف الى قائدها جيّداً، والتعوُّد على العمل معه، وعلى مراكزهم، ودراسة الخرائط والمهام الموكَلَة إليهم جيّداً، وهذا يستغرق وقتاً، لا سيّما أن بعضهم كانوا يعملون بمجالات مدنية لا عسكرية في الخارج".
تمويل "حماس"
وأشار المصدر الى أن "الحرب ستطول بمعزل عمّا إذا كان هناك نيّة فعلية لهجوم برّي أو لا. فالعملية البرية لا تحسم كل شيء في حروب مماثلة. كما أن التوجيهات الأميركية لإسرائيل حول مستقبل العمليات العسكرية مُتناقِضَة، وسط تفاوت كبير في وجهات النظر بين القيادتَيْن السياسية والعسكرية الإسرائيلية أيضاً، في شأنها. هذا مع العلم أن كل الآراء في العالم تلتقي على أن قطاع غزة لن يشهد هجوماً شاملاً، بل سيتمّ تقسيمه الى مربّعات ومناطق، يتمّ العمل فيها بشكل منفصل".
وأضاف:"حديث ماكرون عن "تحالف دولي" هو تصريح انفعالي على الأرجح. فلا حاجة الى تحالفات من أجل "حماس" طالما أن الأسلحة الأميركية موجودة ليس فقط في المنطقة، بل داخل إسرائيل نفسها أيضاً".
وختم:"الأميركيون وحدهم يحسمون النقاشات في شأن الأمور العسكرية. ولكن لا بدّ من مراقبة مدى جدية وإمكانية تطبيق تحالف دولي يكافح شبكة تمويل "حماس"، ونتائجه على الدولة الفلسطينية مستقبلاً".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|