نصرالله "يخيب آمال حماس"... تاركاً قرار الحرب لإسرائيل
كان ترقب إسرائيل لخطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله على المستويين العسكري والسياسي واضحاً، كما هو الحال على المستوى الإعلامي، حيث حاولت وسائل الإعلام المختلفة قراءة الخطاب قبل إلقائه عصر الجمعة، أصلاً، لدرجة سألت معها "هيئة البث الإسرائيلة" أحد المحللين قبيل الخطاب: "من الأكثر ترقباً للخطاب بعد إسرائيل؟".
ولعل ما كانت تنتظره تل أبيب من الخطاب هو الإجابة على سؤالين: هل يقرر نصرالله خوض حرب شاملة مع إسرائيل؟ وهل لـ"حزب الله" وإيران علاقة بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي الذي نفذته "حماس". وبالفعل، سارع تلفزيون "مكان" إلى بث مقطع من كلمة نصرالله يقول فيه: "مَن يريد منع حرب إقليمية عليه وقف الحرب على غزة، وكل الاحتمالات مفتوحة، وهناك خيارات مطروحة يمكن الذهاب إليها في أي وقت".
وعلق المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أوفير جندلمان على كلمة نصرالله، بتكرار تحذير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسؤولين العسكريين، وفق قاعدة "التحذير مقابل التحذير"، قائلاً أنه "إذا أخطأ حزب الله سيدفع ثمناً أكبر مما يتخيله، وإسرائيل مستعدة لكل السيناريوهات، حيث نشرت قوات كبيرة على الحدود الشمالية استعداداً لأي طارئ"، وتابع: "جيشنا كبد حزب الله خسائر فادحة في الأيام الماضية، وهو شاهد عن كثب على قوة إسرائيل".
أما مراسل التلفزيون الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، فقال: "توقعنا سيناريو لإطلاق وابل من الصواريخ بعد خطاب نصرالله، لكن ذلك لم يحدث"، وأضاف أن الجيش الإسرائيلي لم يلحظ تحركات مختلفة لمسلحي حزب الله على الحدود بعد خطاب نصرالله، بينما رصد تلفزيون "مكان" تباينات في توقعات إسرائيليين يعيشون قرب الحدود، انقسمت بين التوقع المسبق بأنه لن يحدث شيء بعد الخطاب وبين توقع بتصاعد الحرب.
وفي حين، نوهت مذيعة التغطية المسائية لتلفزيون "مكان"، لمواكبة مجريات الحرب على غزة والتصعيد في الجبهة الشمالية، بأن هنالك "ترقباً شديداً وتوتراً استبقا خطاب نصرالله، لكن النتيجة كانت عكسية"، حسب تعبيرها، استضاف التلفزيون الإسرائيلي المحلل السياسي أليف صباغ لقراءة ما جاء في خطاب نصرالله، ليردد صباغ عبارة "سماحة السيد" سبع مرات في مقابلة مدتها 12 دقيقة.
وفي رده على سؤال المذيعة بشأن مدى تقديم نصرالله إجابة شافية بخصوص الشكوك والتساؤلات عن علاقة "حزب الله" بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي نفذته كتائب "القسام" في منطقة "الغلاف"، قال صباغ: "نعم، صحيح، وأنا أعرف ذلك مسبقاً، فأطراف محور المقاومة تأخذ قراراتها لوحدها ولا تأخذ قراراتها من إيران كما يعتقد البعض ممن يأتمرون بقرارات أميركا"، حسب تعبيره.
واعتبر صباغ أن نصرالله أقفل على الموضوع بقوله أن "القرار فلسطيني والمعركة فلسطينية"، ودلل صباغ على صدق نصرالله بما قاله القائد العام لكتائب "القسام" محمد الضيف، حينما أعلن إطلاق معركة "طوفان الأقصى"، حيث حدد "أهدافاً فلسطينية وليست إيرانية". وبدا صباغ مدافعاً عن "حزب الله" ومحور المقاومة في حديثه لتلفزيون "مكان" بتشديده على أن مواقف نصرالله هي لبنانية وليست إيرانية.
واللافت أن التلفزيون الإسرائيلي طرح تساؤلاً بشأن ما إذا كان التزامن بين خطاب نصرالله والمؤتمر الصحافي لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مجرد صدفة؟
وردّ صباغ بأنها حتماً ليست صدفة، على اعتبار أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعلمان مسبقاً موعد الخطاب قبل أربعة أيام، مشيراً إلى أن بلينكن ونتنياهو حاولا استباق كلمة نصرالله لجذب انتباه وسائل الإعلام والمشاهدين وعدم الاستماع للخطاب لكنهما "لم يتمكنا من ذلك، فعقدا المؤتمر الصحافي في منتصف الخطاب، وحشر نتنياهو نفسه للتكلم رغم أن أحداً لا يريد سماعه".
وأضاف صباغ أن أحداً "لم يلتفت لبلينكن ونتنياهو لكونهما لم يقولا شيئاً جديداً، في حين بلغت المشاهدات لخطاب نصرالله مستويات غير مسبوقة، حتى من داخل الولايات المتحدة"، حسب تعبيره. وتجدر الإشارة إلى أن صباغ ظهر كضيف في وقت سابق عبر قناة "الميادين" المقربة من "حزب الله" ودأب على التصريح للعديد من القنوات ووكالات الأخبار المقربة من إيران.
إلى ذلك، ظهرت قراءات إسرائيلية أخرى، ركزت على غاية "حزب الله" من خوض قتال على الحدود مع فلسطين، وهي منع ضربة إسرائيلية استباقية، معتبرة أنها تمثل هدفا رئيسياً لتصعيد "حزب الله" على الحدود.
واعتبر الصحافي الإسرائيلي من أصل لبناني، إيدي كوهين، في لقاء مع تلفزيون "فرانس 24"، أن نصرالله كان في خطابه "عقلانياً وتبرأ من مجازر حماس، ولم ينجر وراء الدعوات الشعبوية بالذهاب الى حرب". ولم تنسَ صحف عبرية مثل "يديعوت أحرونوت" أن تدق الأسفين مجدداً بين "حماس" و"حزب الله" بعنوان: "نصرالله خيب آمال حماس"، في إشارة إلى أنه لم يقرر الذهاب إلى حرب شاملة.
والحال أن تحليلات إسرائيلية توقعت مسبقاً، العديد من النقاط التي ذكرها نصرالله في خطابه، إذ رصدت "المدن" قراءات استباقية في محطات التلفزيون الإسرائيلية رجحت أن نصرالله لن يذهب إلى حرب، لكنه "لن ينطق بذلك كي لا يُطمئن إسرائيل"، وهو ما بدا واضحاً في جملة نصرالله حينما جعل الخيارات مفتوحة. كما توقعت أن يعلي سقف المواجهة مع إسرائيل من دون الانزلاق نحو الحرب بدعوى أن "حزب الله لم يبادر إلى حرب شاملة منذ العام 2006 لمعرفته أنها مدمرة للطرفين".
وكان تلفزيون "مكان" استضاف ضابطاً سابقاً في جيش لبنان الجنوبي "لحد"، لتقديم قراءة استباقية لخطاب نصرالله قبل إلقائه بساعات قليلة، فقال أن "نصرالله يريد حرباً ولا يريدها في الوقت نفسه". وزعم أنه يتواصل مع الناس في لبنان، وأن "90% منهم لا يريدون الحرب". واعتبر الضابط في "لحد" أن الأحزاب اللبنانية دائماً منقسمة، لكن حالة حزب الله تسيطر على المشهد في لبنان منذ أربعين عاماً، ما اعتبره مؤشراً على أن "حالة حزب الله طالت كثيراً، أكثر من أي تيار سياسي في لبنان على مر التاريخ".
أما التفسير الاستخباراتي والأمني لعدم اتخاذ حزب الله قرار الحرب الشاملة، فعكسه موقع "ألما" الإسرائيلي الذي قال أن الحزب لا يريد أن يبدأ الحرب كما فعلت "حماس" وإنما يترك ذلك لإسرائيل. واعتبر الموقع أن الحدود الشمالية في وضع لا يطاق بالنسبة لاسرائيل، ما يتعين عليها حينما تنتهي من عملياتها غزة، أن تجد طريقة للتعامل مع "حزب الله"، مضيفة أن نصرالله يعرف ذلك.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|