الجيش الإسرائيلي "يدّعي" استهداف 360 هدفًا في بيروت خلال الحرب (فيديو)
التسليفات بين "المركزي" والدولة "من العبّ للجيبة" وهندسات لإفراغ ما في جيوب المواطنين
يسخّر مصرف لبنان مطبعته، وكل ما أوتي من علاقات علنية ومخفية مع الصرافين لاسناد نظام متداع، بدعائم الليرة والدولار. في المقابل تحفظ الدولة مع مسؤوليتها هذا «الجميل»، ولا تتأخر في رده باعتزام شطب ديونه بالعملة الوطنية، وضخ مليارات الدولارات في رأسماله. العلاقة «غير الشرعية» بين السلطتين السياسية والنقدية، يدفع ثمنها الابناء، بالتضخم وانهيار القدرة الشرائية.
في الوقت الذي تبحث فيه الخطة الاقتصادية إعادة رسملة مصرف لبنان من خلال: مساهمة الدول بمبلغ 2.5 مليار دولار وبجزء من استعادة الاموال المنهوبة والمهربة وغير الشرعية، وباغلاق العجز في رأسماله بالعملة اللبنانية بشكل تدريجي على مدى خمس سنوات، نرى إزدياداً هائلاً بحصة «المركزي» من الدين العام بالعملة الوطنية، ودخوله مضارباً على شراء الدولار عبر أدواته في السوق السوداء. وفي الحالتين يعمّق خسائره ويزيد من التضخم وانهيار الليرة.
بحسب إحصاءات «الدولية للمعلومات»، ارتفعت حصة مصرف لبنان من الدين العام بالليرة من 8.7 آلاف مليار ليرة تشكل نسبة 22.6 في المئة من مجمل الدين في العام 2008، إلى 59.4 ألف مليار ليرة تشكل ما نسبته 64.1 في المئة من الدين العام بالعملة الوطنية في العام الحالي. وعلى هذا المنوال قد يتحول «المركزي» في العام القادم أو الذي يليه على أبعد تقدير، إلى المقرض شبه الوحيد للدولة بالليرة. فالمصارف توقفت عن الاقراض بعد العام 2019 ولم تعد حصتها تتجاوز 20 في المئة. فيما يعتبر الضمان الاجتماعي مديناً بنسبة ثابتة تشكل حوالى 16 في المئة من الدين العام، أو ما يقدر بـ 15 ألف مليار ليرة، من مجمل دين وصل خلال هذا العام إلى 92.7 ألف مليار ليرة. وبحسب الدولية للمعلومات فانه لكي يتمكّن مصرف لبنان من القيام بزيادة حصته في سندات الخزينة وتالياً بالدين العام عمد الى «طباعة» المزيد من الليرات. الامر الذي أدى الى زيادة كبيرة في الكتلة النقدية التي تجاوزت 56 ألف مليار ليرة.
بالتحليل يظهر أن الدولة اللبنانية مطمئنة إلى ثلاث نقاط رئيسية بحسب الخبير الاقتصادي د. محمد جزيني، وهي:
- أن مجمل الدين العام بالليرة لا يساوي بحسب سعر صرف اليوم (37000) 2.5 مليار دولار. وذلك بعدما كانت قيمته قبل الازمة تعادل على سعر صرف 1500 ليرة حوال 58 مليار دولار.
- إمكانية تسديد هذا المبلغ بطرق دفترية غير حقيقية، من خلال نقل الارقام من خانة إلى خانة على أجهزة الحواسيب.
- إمكانية إجراء نوع من أنواع «مقاصة» شطب الديون بين الدولة ومصرفها المركزي.
إعتزام الحكومة معالجة العجز بالليرة في رأسمال «المركزي»، تأتي «بعد يلي ضرب ضرب، ويلي هرب هرب». فهذه الكتلة النقدية الهائلة التي ضخت أساساً لاستمرار تمويل عجز الدولة من جهة، وتعويضاً عن المودعين بأسعار صرف وهمية لسحب ودائعهم من جهة ثانية، أدت إلى مستويات خيالية من التضخم وفقدان الليرة لأكثر من 95 في المئة من قيمتها الشرائية. وقد تكون السلطة تقصدت من خلال هذه العملية تدفيع ثمن تراجع الدين العام وانخفاض الودائع في المصارف، بدلاً من أن تتحمل مسؤوليتها في الاصلاح وعدم ترك الامور تنهار إلى هذا الدرك.
من جهة ثانية يعمد مصرف لبنان إلى تحفيز الصرافين وشركات تحويل الاموال إلى شراء الدولار لصالحه مقابل عمولة 3 في المئة. وفي هذه الحالة يصبح من مصلحة هذه الفئة رفع سعر الدولار لتشجيع المواطنين على بيع أكبر كمية ممكنة وبأسرع وقت، لتحصيل هذه العمولة الكبيرة التي تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات يومياً. الامر الذي يتسبب أيضاً بتدهور سعر صرف الليرة وانهيارها أكثر. وبالتالي اضطرار «المركزي» إلى طبع المزيد من الاموال لدعم فواتير الأجور والمساعدات الاجتماعية وبقية المصاريف التشغيلية للدولة. وهكذا دواليك أدخلت السلطتين السياسية والنقدية الاقتصاد بحلقة مفرغة جهنمية. وبحسب جزيني فان «ما يحصل يشبه إقفال مصرف لبنان الباب على نفسه وعلى المواطنين داخل اقتصاد مغلق فيه كمية محدودة جداً من الدولارات.
وهو، أي «المركزي» لم يعد يملك نتيجة خياراته المقدرة على معرفة حجم الدولارات في الاقتصاد. وأصبح يتلمس من «حساسات» السوق حجم العملات الاجنبية، ويرفع العمولات لتحصيلها». والمفارقة أن «المركزي» يعتبر هذه العمليات طبيعية وشرعية، وواحدة من أدوات التدخل في السوق. ذلك مع العلم أن قانون النقد والتسليف يحظّر على «المركزي» التدخل في سوق القطع من دون استشارة وزير المالية. إلا أن هذه العمليات التي يقوم بها المركزي تبقى كـ»تعبئة الماء في سلة القش المخرومة»، من وجهة نظر جزيني. فهو يستحصل على هذه الدولارات لكنة لا يستطيع السيطرة على سعر الصرف، ويخالف فرضية كفاءة السوق Market efficiency، التي تتطلب أن يكون هناك شفافية وتوزيع عادل للمعلومات بشكل صحيح، وإمكانية امتلاك المواطنين نفس المعلومة في نفس الوقت. وهذا ما لا يحصل، حيث تذهب العمولات إلى بعض المحظيين.
بغض النظر عن كلفة العملية التي يقودها «المركزي» لـ»لمّ» دولارات السوق يعتبر جزيني أن هناك «وجهتي نظر في مصرف لبنان تبررانها،
الاولى، أن الخسارة الناتجة عن الفرق بين سعر صيرفة وسعر السوق هو من يتحكم بها، ويحدد هامش الخسارة على كل دولار انطلاقاً من سعر صيرفة.
الثانية، أن العمليات في السوق تبقى أربح له من العمليات مع الدولة التي تحتسب كل دولار على 1500 ليرة.
في جميع الحالات فان كلفة العمليات بالليرة والدولار التي ينفذها مصرف لبنان تؤدي إلى تضخم هائل، وإدخال الاقتصاد في حلقة مفرغة. فالمركزي والدولة يتبادلات الادوار على أساس أن الاموال بينهما من «العب للجيبة»، والمصارف تذوب الودائع وتستمر كزومبي بنك، والمالية تخفض الدين وتمول عملياتها بالتضخم. كل أطراف الازمة يحققون مصالحهم ويضعون الأمن الاجتماعي على فوهة بركان الفقر والعوز وضياع جنى العمر، الذي من الممكن أن ينفجر في أي لحظة.
خالد أبو شقرا - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|