مؤتمر يحدّد المسموح والممنوع في العلاقات الإسلامية مع اليهود قبل حلّ الدولتَيْن... متى؟
بموازاة النتائج الكارثية اليومية للحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" منذ أكثر من شهر، تبرز الحاجة الى حلول لا تقف عند حدود وقف إطلاق النار وحماية الناس فقط، وهي من مستوى البحث بمستقبل العلاقة المُحتمَلَة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، خصوصاً أن الحرب بينهما ليست صراعاً فلسطينياً - إسرائيلياً، بقدر ما هو يهودي - إسلامي، أصلاً.
مؤتمر...
فهذا صراع أبْعَد وأعْمَق من تصارُع على أرض، أو على كرامة وطنية، أو تاريخ، وجغرافيا... حصراً، ليصل الى حدّ الأبعاد الأخروية. بالإضافة الى أنه قضيّة "جنّة ونار" بالنّسبة الى الأكثرية الساحقة من الفلسطينيين. فيما الوضع ليس أقلّ من ذلك بكثير، بالنّسبة الى الإسرائيليين أيضاً.
وأمام هذا الواقع، ماذا عن وجوب خلق ديناميكية جديدة لحلّ مرحلي، ينطلق من دعوة عربية مثلاً، لعَقد مؤتمر ديني إسلامي، يحدّد شكل العلاقة الممكنة وتلك غير المسموحة بين المسلمين واليهود، تحت سقف الدولة الفلسطينية المجاورة لدولة إسرائيل، عندما ينضج حلّ الدولتَيْن مستقبلاً؟
"خريطة طريق"
مؤتمر تحدّد فيه أكبر المرجعيات الدينية الإسلامية "خريطة طريق" معيّنة للفلسطيني المُسلِم، تقول ما يجوز وما لا يجوز له، في العلاقة مع اليهودي في دولة إسرائيل، منذ الآن.
فهذه قد تكون مرحلة تحضيرية مهمّة لحلّ الدولتَيْن، تضمن عدم تجدّد المعارك أو الخلافات بشكل سهل، وتضع مُجسَّماً معيّناً لتعايُش الحدّ الأدنى، بشكل ملموس.
ديني...
شدّد الكاتب السياسي أحمد الأيوبي على أن "الصراع مُركَّب ومُعقَّد، وهو ديني في جزء منه طبعاً. إسرائيل تعتبر نفسها دولة دينية، وهي لا تُقيم وزناً لفكرة التعدّدية، فيما يتحدث العرب عن حلّ الدولتَيْن مع سلام، أي دولة فلسطينية قابلة للحياة الى جانب دولة إسرائيل. ولكن يصعب هذا الحلّ أكثر فأكثر، بسبب المجموعة المتطرّفة التي تحكم في تل أبيب، والتي تنادي بيهودية الكيان".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "البعض ينظر الى حركة "حماس" كجزء من الصراع الديني. ولكن الحركة أعلنت قبولها بحلّ الدولتَيْن، وأبعدت الصراع الديني عن عملها نسبياً في المرحلة الحالية، وهو ما يخفّف من منسوب العامل الديني في الصراع الآن. هذا مع العلم أن الحركات الاحتجاجية على الحرب وعلى الجرائم الإسرائيلية بغزة في عواصم الغرب، ليست كلّها من فعل الجاليات العربية والإسلامية هناك، بل هي تعبّر عن رأي عام غربي أيضاً، وعن نُخَب غربية، ترفض الممارسات الإسرائيلية".
لغة جذرية؟
وأكد الأيوبي أن "العنصر الديني موجود دائماً، لأن القدس جزء من مقدّسات عالمية بالنّسبة الى المسلمين والمسيحيين واليهود. ولكن لا تأثير كبيراً للجانب الديني في الصراع حالياً، لا سيما بعد المواقف العربية والإسلامية التي خرجت من قمة الرياض قبل يومَيْن".
واستبعد إمكانية حصول طرح لعقد مؤتمر ديني إسلامي بمشاركة أكبر المرجعيات الإسلامية، يحدّد شكل العلاقات الإسلامية مع اليهود، في الدولة الفلسطينية مستقبلاً، وقال:"يعطي العرب أهمية قصوى للبُعد السياسي لا الديني للصراع، وهم لا يريدون الحديث عن (البُعد) الديني لأنه سيُعيدهم الى مكان يتطلّب الحديث بلغة جذرية".
الصليبيون
وأوضح الأيوبي:"الموقف الديني الإسلامي يشدّد على وجوب استعادة فلسطين من البحر الى النهر، وهو ما ينسف حلّ الدولتَين. كما أنه بحسب الرؤية الدينية الإسلامية، فلسطين هي وقف إسلامي للأجيال. وعندما فتح (الخليفة) عمر بن الخطاب القدس، جعل فلسطين وقفاً، ولا يحقّ لأحد من المسلمين أن يتنازل عن شبر منها من الناحية الدينية".
وأضاف:"اليهود بدورهم، يريدون دولة لليهود هناك، حصراً. وأما الفاتيكان والمرجعيات المسيحية، فقد يقبلون بمدينة مفتوحة في القدس، ولا مشكلة كبيرة لديهم على هذا الصعيد، ولكنهم يرفضون الانتهاكات الإسرائيلية للمقدّسات. ووسط هذا الجوّ، سيعقّد أي طرح يتعلّق بالجانب الديني الصراع حالياً، بدلاً من أن يساهم في حلّه. فالسياسة تتجاوز البُعد الديني الى التسويات والمصالح، بينما يبقى الجانب الديني أشدّ صعوبة".
وختم:"إذا تمكنت الدولة الفلسطينية من التمتُّع بالقدرة على الحياة والازدهار والتطوّر مستقبلاً، وإذا أُزيلَت المستوطنات، فإن الصراع سيبرد بنسبة مهمّة لسنوات طويلة. ولكن في النهاية، التطوّر الديموغرافي في المنطقة لن يكون لصالح اليهود فيها. هذا فضلاً عن أن كثيراً من الآراء تلتقي على أن مصيرهم (اليهود) سيكون مُشابهاً لما حلّ بالصليبيين، أي انهم سيعودون من حيث أتوا. وهو ما يجعل أي تصوّر لأي نوع من الحلول الجذرية، غير واضح تماماً الآن".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|