الصحافة

"حزب الله" يملأ الفراغ ويرسّم "مستقبل" لبنان!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يسود الترقب لما بعد انتهاء الهدنة الموقتة، وما يمكن أن تشهده الأوضاع الميدانية في ما إذا قررت إسرائيل استمرار حربها على غزة، وانعكاساتها على جنوب لبنان. فالهدنة الإنسانية ليست اتفاقاً سياسياً يفرض إجراءات لوقف إطلاق النار، ولا تبحث في وضع القطاع والقضية الفلسطينية، وأيضاً في ما يتعلق بلبنان. وإذا كان من المبكر الحديث عن انتهاء الحرب، إلا أن هناك تركيزاً إقليمياً ودولياً على إطالة أمد الهدنة، لبلورة وجهة يمكن من خلالها البحث في تسوية حول الوضع الفلسطيني طالما أن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع تحقيق أهدافه المعلنة بإنهاء حركة حماس، ولا حتى تثبيت أمنه في الشمال وإعادة المستوطنين، بعد المعركة الضاغطة التي خاضها "حزب الله" لمساندة غزة.

تُطرح تساؤلات كثيرة حول المسار الذي ستسلكه الحرب بعد انتهاء الهدنة، لكن لا أحد يمتلك رؤية واضحة حول إمكان الحل على المستوى الفلسطيني، ولا أيضاً في ما يتعلق بلبنان. ويبدو أن إسرائيل كما "حماس" ومحور المقاومة يتهيآن للمرحلة المقبلة، فالمحور الأخير يعتبر أن الهدنة هي انتصار لحركة حماس وهي ستفتح بالتأكيد على مرحلة من المفاوضات تطال المنطقة كلها، وبالعكس، فإن عدم استمرار الهدنة قد يفجر الجبهات كلها على ما أكد وزير الخارجية ال#إيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.

ظهر في المواقف التي أعلنها عبد اللهيان، خصوصاً بعد لقاءاته قيادات محور المقاومة في لبنان، أن طهران تدعم الهدنة كونها تعكس نوعاً من الانتصار، ولا بد من تطويرها عبر الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب ويمنع تصعيدها على جبهة لبنان وفي المنطقة، بوجود الأساطيل الأميركية في المتوسط، خصوصاً وأن إسرائيل حاولت استدراج "حزب الله" قبل بدء سريان الهدنة عبر استهداف عدد من قيادييه الميدانيين، لكن رده أيضاً كان من ضمن قواعد الاشتباك أو معادلة الضغط الجديدة التي أرساها منذ بدء حرب غزة.

يتبين وفق مجريات الوقائع، خصوصاً من جبهة جنوب لبنان أن إيران لا تريد الحرب، ولا #الولايات المتحدة الأميركية أيضاً، وهذا ما تعكسه المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، أو أحياناً المباشرة عبر لقاءات سرية لم يكشف عنها، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية مواكبة لحركة الاتصالات الدولية. هذا على مستوى الحرب في المنطقة، أما في ما يتعلق بغزة والفلسطينيين، فإن واشنطن وإن كانت تعتبر أن الهدنة قد تفتح مساراً مختلفاً، إلا أنهم ليسوا في وارد ترك إسرائيل من دون تحقيق إنجاز أو بعض أهدافها، خصوصاُ وأن إسرائيل تواجه مأزقاً كيانياً في ما يتعلق بغزة أو حتى في لبنان وهي عاجزة عن إعادة المستوطنين إلى منازلهم، وتريد إنهاء الوجود المسلح لـ"حزب الله" على الحدود الجنوبية أو إبعاده إلى ما بعد خط الليطاني. لكن شرط ذلك هو كسر حماس في غزة، وهو أمر غير متاح حالياً، فيما "حزب الله" يضغط بقوة من دون أن ينجرف الى الحرب الكبرى. فإسرائيل عجزت عن تحقيق أهدافها، لا باقتلاع حماس من غزة ولا بشن حرب على لبنان. وبالتالي سيكون صعباً عليها في المرحلة المقبلة الاستمرار في حربها، وهي ستكون مضطرة لمتابعة المفاوضات التي يديرها الأميركيون.

انطلاقاً من هذه الوقائع، تبدو الأمور على جبهة لبنان أمام منعطف دقيق. فإذا كانت الحرب الكبرى مستبعدة، طالما أن الأميركيين يعملون على منع تمددها، عبر فصل غزة عن لبنان، إلا أن ذلك لا يعني أنه في حال فشل الجهود الديبلوماسية دولياً إن كان بتطبيق القرار الدولي 1701، أو التوصل إلى ترتيبات من صفقة متكاملة مع إيران، أن تنزلق الأمور ضمن حسابات معينة نحو الحرب، حيث تحاول إسرائيل هرباً من أزمتها، الاستفادة من الحشد العسكري الأميركي والدولي لضرب "حزب الله" وإبعاده عن إلى مناطق خارج عمل قوات اليونيفل، خصوصاً وأن مستوطنيها يرفضون العودة إلى الشمال من دون تحقيق شروط الأمن.
يطرح هذا الواقع تجدد البحث الدولي حول مستقبل لبنان، انطلاقاً من جبهة الجنوب. فـ"حزب الله" كرّس معادلة تقوم على أن تطبيق القرار الدولي وتثبيت الاستقرار يستدعيان التفاوض معه أولاً وأخيراً، فيما التفاوض السياسي حول مستقبل المنطقة بعد غزة لا بد أن يمر عبر إيران التي سجلت نقاطاً مع الأميركيين، وهي كانت مؤثرة في حرب غزة ولبنان. لذا بعد الهدنة لن يكون كما قبلها، وهي تؤسس لمرحلة جديدة من المعادلات، ففي حال استمرت الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن ذلك يؤسس لمعركة كبرى. ويتضح أن محور الممانعة ومرجعيته الإيرانية فرضا قواعد جديدة ربطاً بغزة، وأولها، أنه لا يمكن البحث باي تسوية وترتيبات في المنطقة من دون أن تكون هناك كلمة لـ"حزب الله" وحماس وإيران فيها. وعلى هذا الاساس، إذا تطورت الهدنة أو تمددت، فإنها ستصب في صالح محور الممانعة، وسيكون لـ"حزب الله" كما لحماس دور في التفاوص الإقليمي والدولي برعاية إيرانية.

من ميدان الجنوب فرض "حزب الله" معادلة جديدة للمسار اللبناني كله، وكانه يقول بذلك أنه الوحيد القادر على سد الفراغ. وعلى الرغم من أن المنطقة الحدودية لن تعد إلى ما قبل 7 تشرين الأول الماضي، إلا أنه قدم نفسه أنه الوحيد الذي يحمي لبنان، وأنه لم ينجرف إلى حرب كبرى، وهو تمكن من إعادة تعويم نفسه في بعض البيئات الطائفية، خصوصاً لدى الطائفة السنية عبر دعم حماس، وبذلك فرض من جديد أن اي تسوية للملفات في البلد والبحث في مستقبل لبنان لا يمران إلا عبره.

ينسحب ذلك على البحث في التسوية الرئاسية، في ضوء الحديث عن زيارة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إضافة إلى تجدد المبادرة القطرية. ووفق المعلومات أن "حزب الله" لن يتفاعل مع الفرنسيين بسبب موقفهم من حرب غزة، علماً أنه لا يزال متمسكأ بمرشحه سليمان فرنجية، فيما هناك انفتاح على المساعي القطرية نظراً لدورها كوسيط بين الأطراف المتصارعة والدول، وموقفها من الحرب. لكن اساس البحث في الملف اللبناني الذي تشكل جبهة الجنوب عنوانه الأساسي، سيكون بين الأميركيين والإيرانيين ضمن التفاوض على ملفات المنطقة، خصوصاً بعد التقاطعات بين الطرفين لتجنب الحرب الكبرى. واي مفاوضات خارجية ستنعكس على لبنان دفعاً للتسوية وانتخاب رئيس، طالما أن الحزب لم ينجرف إلى حرب مع إسرائيل. والشرط الأساسي لذلك تكريس الهدنة. لكن كل ذلك قد يتبدد إذا سلكت الأمور مساراً آخر بالحرب كخيار وحيد لتصفية الحسابات. وخطر استمرارها لا يزال قائماً...

 "النهار"- ابراهيم حيدر

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا