من الشمال السوري الى الشمال اللبناني.. ماذا تريد تركيا؟
لطالما شكلت الفوضى السياسية والعسكرية في عدد من الدول نقطة جذب للاتراك بهدف المساعدة وتقديم الاستشارة للفصائل المعارضة للأنظمة السائدة في تلك البلدان، قبل أن يتحول هذا التدخل في المرحلة الثانية الى غزو عسكري بحجة ضمان سلامة واستقرار المواطنين الاتراك هناك، قبل أن تبدأ مرحلة تطبيق سياسة قضم الاراضي وضمها الى نظامها السياسي.
الامثلة كثيرة عن الاستراتيجية التوسعية التركية وربما الاقرب الى لبنان هو الشمال السوري حيث نجحت أنقرة بتأمين حضورها هناك بحجة ابعاد خطر الاعداء وعلى رأسهم حزب العمال الكردستاني عن اراضيها وتوفير الامن للفصائل السورية المعارضة المدعومة منها. هذا المسار الذي يندرج في الاطار الاستعمار التركي التاريخي لا ينفصل عنه لبنان وتحديدا الجزء الشمالي منه، حيث تساهم البيئة هناك بادخال التركي كلاعب اساسي على الساحة، ويظهر ذلك جليا من خلال عدد الاتراك الذين تم تجنيسهم قبل سنوات أو اؤلئك المتحدرين من اصول تركية ويقطنون بعض البلدات في عكار.
ولكن لطرابلس مكانة تركية خاصة، اذ استثمرت الدولة في عهد أردوغان بملايين الدولارات في المدينة وساهمت بتنمية القطاعات الصحية والتربوية والثقافية، ومع بدء الازمة السورية عام 2011 ترسخت العلاقة أكثر وباتت تركيا وسيطا بين الطرابلسيين الراغبين بالقتال في سورية والفصائل السورية المسلحة ولم تبخل أنقرة بتقديم المساعدات لهؤلاء. كما ساهم اسقاط التأشيرات بين البلدين بتردد الشبان الطرابلسيين ورجال الدين الى تركيا والاستقرار فيها نظرا لسهولة التواصل مع المجموعات السورية المسلحة في الشمال السوري. وعلى مدى سنوات تعززت اللحمة بين اهالي طرابلس والاتراك، وجاءت الازمة الاقتصادية لتدفع بالطرابلسيين نحو المدن التركية طلبا لمساعدة صحية واستشفائية، أو البقاء هناك طلبا لفرص عمل. وهكذا تشق تركيا طريقها نحو لبنان بصمت وتنتظر متى تحين ساعة طلب المؤازرة من قبل مواطنيها لتنتقل الى الخطة باء والتي تقتضي منها تدخلا عسكريا مباشرا على غرار ما حصل في سورية وقبرص وليبيا واقليم كرباخ.
بعد طوفان الاقصى تتحيّن أنقرة الفرصة تلو الاخرى، وتأخذ من الشمال اللبناني ذريعة لها، ويبدو وفق المعلومات ان ما حصل مع التركيين اللذين قتلا على الحدود الجنوبية ليس بعيدا عن سردية التدخل التركي شمالا، فالظروف التي سمحت لهؤلاء بالوصول الى لبنان من دون ان تتحرى عنهما الاجهزة الامنية، ومكوثهما اياما في طرابلس بضيافة المشايخ السنة هناك، يطرح علامات استفهام عن التحركات التي تشهدها مدينة طرابلس والمخاوف من استغلال اي عمل عسكري اسرائيلي في الجنوب لنشر الفوضى في مناطق أُخرى. واللافت، وفق مصادر طرابلسية متابعة الى أن بعض الروايات التي تم تسريبها عن ظروف مقتل احد قادة حماس في الجنوب خليل الخراز والذي كان برفقة التُركيَيْن واللبنانِيَيْن، لا تعتمد الكثير من المنطق الاستقصائي لناحية العلاقة التي تربط بين الضحايا كالقول إن مسؤول الحركة اصطحب اصدقاءه الاربعة في جولة على الحدود ليُطلعهم على مكان اطلاق صواريخ القسام من لبنان نحو اسرائيل، وهذا الامر يُعتبر سريا في العمل الميداني العسكري للأحزاب الكبيرة كحماس، الا اذا كان الاتراك من المنخرطين جيدا في القتال مع حماس أو أن حماس لديها ثقة بهم ناتجة عن اصولهما التركية وما يمكن ان يكون لانقرة دور في ذلك. اما بالنسبة للبنانييْن فكيف لاحمد عوض المعروف بالشيخ أبو بكر أن يدخل نطاق عمليات حزب الله في الجنوب وهو المعروف بعدائه المطلق لمحور ايران والحزب ومساندته المطلقة للفصائل السورية المسلحة، وهو الذي شن هجوما عنيفا قبل شهرين على امين عام حركة التوحيد الشيخ بلال شعبان بحجة مساعدة الاخير حزب الله على التمدد داخل الاحياء الطرابلسية الفقيرة عبر تقديم المساعدات للاهالي؟..
قطب مخفية كثيرة انتجتها عملية طوفان الاقصى، واحدة منها تحولات الحركات السلفية الجهادية اللبنانية ومستقبل علاقاتها على الصعيدين الداخلي والخارجي وارتباطاتها الاقليمية لاسيما التركية.. وفي حال جاءت الفوضى الى لبنان هل سنشهد تطبيقا لسيناريو الشمال السوري في الشمال اللبناني وباخراج تركي؟
ليبانون فايلز - علاء الخوري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|