هل مشكلة التمديد لقائد الجيش مسيحية ـ مسيحية؟
وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري ما يجري في ملف قيادة الجيش، عند المسيحيين، معتبراً أن عدم الوصول إلى حلّ في هذا الملف سببه الاختلاف المسيحي-المسيحي، وحمّل هذه الأطراف مسؤولية ما يمكن أن يحدث للمؤسسة الوحيدة التي لا تزال تعمل إلى قادة هذه الطائفة وممثليها.
ليست المرة الأولى التي يرمي بها بري الطابة في ملعب المسيحيين، فقد سبقها بانتخابات الرئاسة، ولكن عندما توافقت أكثريتهم الساحقة على مرشح رفض السير وربطه بالحوار.
وهذه المرة حصر الخيارات في قيادة الجيش بين تعيين جديد أو تمديد للموجود، وأنه لا يوجد خيار ثالث ولا تكليف، ما يعني، حسم ما ينادي به " "التيار الوطني الحر" بإصدار مذكرة من وزير الدفاع تقضي بتكليف الضابط الأعلى رتبة، أي العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب، بالإنابة عن قائد الجيش في تدبير شؤون المؤسسة العسكرية فور إحالته على التقاعد.
كلام بري رفضته الأحزاب المسيحية بأغلبيتها. فبنظر "القوات اللبنانية" كلام بري غير صحيح، لأن الأكثرية المسيحية التي تمثّلها القوات والمرجعية المارونية المتمثلة بالبطريرك الراعي مع التمديد لقائد الجيش وضد تعيين قائد جديد على أساس أن رئيس الجمهورية هو الذي يعيّن قائد الجيش، وكلام بري الهدف منه إخفاء الحقيقة بأن المشروع الممانع يحول دون قيام مؤسسات فعلية في لبنان. وبالتالي هم لا يريدون القائد الحالي للجيش الذي يتصرف بمناقبية وبمعايير مؤسساتية، إنما يريدون قائداً للجيش محسوباً عليهم وتحت أمرتهم.
وعن المشاركة في الجلسات النيابية ببنود ملحّة غير التمديد لقائد الجيش كما يطلب رئيس المجلس من أجل تمرير التمديد في مجلس النواب، تؤكد أن "الجمهورية القوية لا تزال بصدد دراسة المشاركة بهكذا جلسات، مشددة على أن التمديد لرتبة عماد لمدة سنة لا يشكل كيداً سياسياً ولا كسباً لطائفة أو لحزب على حساب الآخرين".
وبحسب "القوات"، إن الخيار الأفضل من دون شك هو أن يحصل التمديد عن طريق تأجيل التسريح في حكومة تصريف الأعمال، لكن من الواضح أن النائب جبران باسيل من خلال وزير الدفاع حال دون ذلك، فضلاً عن دعم "حزب الله"، مشددة على أن القوات لا تزال تعتبر أن المجلس هيئة ناخبة في ظل الشغور الرئاسي، لكن مسألة التمديد لقائد الجيش نعتبرها أبعد من التشريع بل تتعلق بالسلم الأهلي.
وتبدي "القوات" تفاؤلها بالوصول إلى نهاية سعيدة، آملة أن يذهب بري إلى هذا الاتجاه إنقاذاً للمؤسسة التي تحمي لبنان واستقراره، صوناً لوحدة الجيش اللبناني وحماية الميثاقية ولبنان بشكل عام.
في المقابل لا يزال "التيار الوطني الحر" على موقفه من مسألة التمديد، مشيراً إلى أن الأمر التزام بالقوانين وبالدستور وأبعد من سياسة المناكفات والشعبوية.
ويتحدث "التيار" عبر مصادره عن إشكالية قد يخلقها التمديد في القيادة على مستوى التراتبية وهذا ما حصل في عهد العماد قهوجي وأدى الى استقالة عدد من الضباط وخلق إشكالية في القيادة.
ويشدد على أنه لا يوجد شيء اسمه فراغ في المؤسسات العسكرية والأمنية، بل قوانين ترعى المؤسسة وهي لا تقف عند شخص واحد.
ويشير الى أن المعركة في عدم التمديد لقيادة الجيش مبدئية وليست شخصية، وقائد الجيش ليس مرشحاً لرئاسة الجمهورية لأنّ ترشحه يحتاج لتعديل في الدستور، فالتيار الوطني الحر يسير على مبدأ عدم التمديد ويقوم على الاستمرارية في المؤسسات.
ويرد "التيار" على مطالبة القوات والكتائب وعدد من الشخصيات المسيحية بالتمديد، بأن إصرار الأطراف الأخرى على التمديد لقائد الجيش هو نكاية بجبران باسيل وميشال عون فقط، (في إشارة إلى حزب القوات اللبنانية).
اما عن موقف بكركي فيوضح "أننا نلتقي مع بكركي في بعض الملفات ونختلف حول أخرى، وشاهدنا ما حصل في موقف بكركي من ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإلى أين انتهى، وبالتالي يمكن الاختلاف على ملف محدد مع الحفاظ على الود".
أما عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايع فيشدد على موقف الكتائب المؤيد للتمديد لقائد الجيش عبر الحكومة وهي مسؤولية وطنية يجب عليها تحمّلها.
ويضيف: "يجب المحافظة على المؤسسة العسكرية ورأينا تماهياً بهذا الملف مع موقفي البطريركية المارونية ومجلس مطارنة الشرق الذي ينصّ على عدم اهتزاز المؤسسة العسكرية في لبنان بشخصيتها وشخص قائدها، وبالنتيجة علينا المحافظة على هذه المؤسسة بأي وسيلة، وما نراه اليوم من هرطقات يهدف إلى ضرب معنويات الجيش اللبناني ورموزه".
ويردف: "يجب إعادة الأولوية لموضوع رئاسة الجمهورية، والاهتمام الدولي بلبنان وبالملفّ الرئاسي لا زال قائماً وإتمام هذا الاستحقاق هو مدخل لمعالجة كافة المواضيع الأخرى، كما يفتح المجال أمام إعادة الانتظام إلى الحياة السياسية في لبنان".
في المحصلة وضع الأمر عند المسيحيين هو هروب إلى الأمام، فالمؤسسة العسكرية لا تعني المسيحييين فقط بالدرجة الأولى، كما أن أي تعيين في هذه المؤسسة بالذات بحاجة إلى تقاطع "حزب الله" نظراً لتماس المستوى العسكري بين الطرفين، ووضعها في ملعب المسيحيين، وهو يعلم صعوبة اتفاق المسيحيين على أي ملف، هو إبقاء هذا الملف عرضة للمساومات والبازار السياسي المفتوح، فيما حل أي خلاف هو في العودة إلى المؤسسات عبر الحكومة أو مجلس النواب من دون مساومات أو ابتزاز، وخصوصاً أن لبنان يمر بمرحلة قد تكون الأدق في تاريخه، وحالة الحرب ما زالت مفتوحة، والعبث بمؤسسة الجيش في هكذا ظروف سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
"النهار"- اسكندر خشاشو
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|