إقتصاد

تفخيخ نظام التقاعد والحماية الاجتماعية: النواب بخدمة أرباب العمل ومع سرقة أموال التعويضات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ عام 2004 ومشروع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية مرمياً بالأدراج، في وقت يفتقد فيه المتقاعد من القطاع الخاص لأي حماية اجتماعية أو تغطية صحية. يخرج العامل اللبناني من القطاع الخاص إلى التقاعد معدوماً، لا يتمتّع بأي نوع من الحماية الاجتماعية. ورغم ذلك، لم يتردّد السياسيون يوماً في حرمان المتقاعدين من أدنى حقوقهم، من خلال المماطلة وتعطيل إقرار المشروع المذكور.
20 عاماً مرت على إحالة مشروع القانون الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي، وإنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، من الحكومة إلى المجلس النيابي، في عهد رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود، ليتم إقراره منذ أيام قليلة في اللجان المشتركة بانتظار إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب.

ولكن لطالما كان التوافق بين الأطراف السياسيين في اللجان النيابية وفريق أرباب العمل مثيراً للريبة والشك من خلفيات تمرير مشروع، يصب من حيث الشكل في صالح العمال والمتقاعدين. ولكن بقليل من التدقيق بمسودة المشروع يتبيّن أن تعديلات سريعة طرأت عليه في اللحظات الأخيرة، نسفت جدوى إنشائه وفخّخته على نحو بات مجحفاً بحق العمال، في حين يعفي أصحاب العمل من مسؤولياتهم. فما هو هذا المشروع؟ وما الذي يقدّمه للمتقاعد اللبناني في ظل الإنهيار الحاصل؟

أساس المشروع
يستهدف المشروع تأمين استمرارية المداخيل والحماية الاجتماعية والصحية للمتقاعدين، الذين يفتقدون لأي حماية اجتماعية وصحية. بمعنى آخر هو عملية انتقال من صندوق تعويض نهاية الخدمة إلى نظام تقاعد وحماية اجتماعية، من خلال الحصول على الحد الأدنى من راتب التقاعد وتغطية صحية، على ما يوضح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبدالله، الذي وصف المشروع في حديثه إلى "المدن" بـ"الحضاري". فهو يلبي حاجة المتقاعد ضمن الامكانات المتاحة ولا يكلف الدولة أعباء مالية جديدة.

وإذ يلفت عبدالله إلى أن تمويل المشروع لا يختلف عن تعويضات نهاية الخدمة، فهو على حساب أطراف العمل من عمال وأرباب عمل والدولة. ويؤكد أن مشروع التقاعد والحماية الإجتماعية الذي أقر في اللجان يراعي أفضل المعايير العالمية للضبط ولحسن التوزيع ونظام الرسملة.

لكن على الجانب الآخر، هناك مَن ينتقد إقرار المشروع مع ما رافقه من تعديلات مفاجئة في الساعات الأخيرة، تعديلات أدت إلى تفريغ المشروع من أهميتة وتجريد العمال من حقوقهم.

تفخيخ المشروع
وكانت إدارة الضمان الاجتماعي قد رفعت ملاحظاتها على مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية قبل توزيع النص المعدّل، والذي ينسف أسس المشروع ويفرغه من جوهره.وحسب المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، محمد كركي، تم إدخال تعديلات خطيرة، أولها تعديل سن الانتساب الإلزامي إلى نظام التقاعد والحماية الاجتماعية. إذ كان يشمل المضمونين سابقاً الذين لم يبلغوا سن 44 بتاريخ وضع النظام موضع التنفيذ. أما بعد التعديل الأخير خلال الساعات الأخيرة، فبات يشمل المضمونين سابقاً الذين لم يبلغوا سن 49 وسائر المضمونين الذين تتراوح أعمارهم بين 49 و58، شرط أن تكون مدة انتسابهم إلى نظام نهاية الخدمة إضافة إلى المدة المتبقية لبلوغ سن التقاعد 15 سنة على الأقل، مما يخولهم الحصول على المعاش التقاعدي. وتعليقاً على هذه المادة يرى كركي في حديثه إلى "المدن" أنه لا بد من حذفها، فهي تنسف مضمون المشروع وهدفه الأساسي.

أما التعديل الآخر الكارثي فيتعلق بإلغاء مبالغ التسوية عن الأجراء المنتقلين إلى النظام الجديد، وينقل كركي التعديل بما حرفيته "خلافاً لأي نص آخر تلغى مبالغ التسوية عن الأجراء المنتقلين إلى النظام الجديد. أما للأجراء الذين يبقون خاضعين إلى نظام تعويض نهاية الخدمة فلأصحاب العمل أن يطلبوا تقسيط هذه المبالغ لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، على أن تعفى أقساط السنوات الخمس الأولى من الفوائد".

وإذ يستغرب كركي تفخيخ المشروع وتعديله بالساعات الأخيرة، وتعمّد تضييع حقوق العمال، يتخوّف من أن يستهدف تمريره بهذا الشكل سرقة أموال التعويضات. ويقول إن المشروع الذي عملنا عليه لسنوات بالغ الأهمية، وبدلاً من تأجيل البت به أسبوعاً واحداً للتدقيق بهذه النقاط وتعديلها وفق الملاحظات التي تضمن حق العامل، لم يتم إعطاء المجال للتصويب، ما يعكس وجود صفقة ما.

بالنتيجة، فإن المشروع الذي تم إقراره في اللجان النيابية مهم جداً من حيث الشكل، لكنه بالجوهر بات يعفي أصحاب العمل من مبالغ تسوية نهاية الخدمة المستحقة للعمال، ويضيّع حقوقهم بدلاً من حمايتها.

عزة الحاج حسن - المدن
 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا