الصحافة

الضغط الدولي لتطبيق الـ 1701 يتزايد فأيّ ثمن على لبنان دفعه؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انقضت هدنة الايام السبعة في غزة، منهية هدنة هشّة مماثلة في الجنوب، لتعود معها الهواجس مجدداً من مخاطر تفلت الوضع الأمني إذا عاد التفجير إلى وتيرته السابقة. في هذا المناخ المقلق، لم تتراجع حدة المخاوف الداخلية من انزلاق لبنان نحو الحرب، ليس لرغبة لبنانية في الذهاب إلى هذا الخيار، بل خوفاً من استدراج اسرائيلي لم تعد اسبابه خافية على احد، بعدما بات واضحاً الربط الوثيق بين غزة والجنوب، ووحدة الساحتين، رغم النفي المتكرر من الجانب اللبناني الذي يمثله حصراً "حزب الله".

لا تبتعد الحركة الدولية في اتجاه لبنان عن هذا التوجّس، حيث كان لافتاً انه رغم الاولوية الدولية القصوى لحرب غزة، ثمة حركة ديبلوماسية لا يمكن التقليل من شأنها، منذ حطّ الموفد الاميركي آموس هوكشتاين في بيروت في زيارة خاطفة حاملاً رسالة واضحة تتصل بأمن الجنوب والترسيم الحدودي البري، مروراً بزيارة الموفد الامني القطري، والدوحة منخرطة في شكل كبير بملف غزة ولبنان، وصولاً إلى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان - ايف لودريان.
واذا كان العنوان العريض للضغط الدولي على لبنان ينطلق من البوابة الجنوبية منعاً لأي انزلاق نحو توسيع الحرب، فإن المضمر في هذا الضغط يتمحور حول القرار الدولي 1701، الذي يشكل الآلية العملية لضمان الاستقرار الامني.

ليس الكلام عن تنفيذ الـ 1701 جديداً أو نتيجة حرب غزة وامتداداتها الجنوبية. ولعل الكلام المستجد حول تعديله أو وضعه تحت الفصل السابع في اروقة الامم المتحدة أو في الرسائل التي يحملها الديبلوماسيون، يعيد إلى الذاكرة النقاش الحاد الذي جرى قبل فترة، وتحديداً عند قرار التمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، والرامي إلى توسيع عمل هذه القوات ومنحها حرية التحرك من دون التنسيق مع الجيش. وهذا يعيد التذكير بالبند الثامن الوارد في القرار والذي ينص على اتخاذ ترتيبات امنية لمنع استئناف القتال، بما في ذلك انشاء منطقة بين "الخط الأزرق" ونهر الليطاني خالية من الوجود المسلح، باستثناء المعدات والأسلحة التابعة للجيش اللبناني وقوات الامم المتحدة. ويقود البند في مندرجاته ايضا إلى تطبيق الأحكام ذات الصلة مثل القرارين 1559 و1680، اللذين يطالبان بنزع السلاح غير الشرعي.

هل يبدأ التطبيق الفعلي للـ 1701 بضغط سياسي وعسكري، بعد اكثر من 17 عاماً على اقراره عقب عدوان تموز في العام 2006، وعدم احترامه في ظل الخروق الاسرائيلية الدائمة، وأيّ ثمن سيترتب على لبنان دفعه في مقابل التطبيق القسري للقرار إذا حصل في ظل تنامي المخاوف من ان يكون التفجير الاسرائيلي في الجنوب مقدمة لعدوان بري جديد يرمي إلى انشاء مناطق عازلة جديدة لضمان أمن المستوطنات؟

تجارب ثلاث خاضتها إسرائيل على مدى العقود الماضية لتحقيق هذا الهدف القديم بالنسبة اليها، في العام 1978 لوقف العمليات العسكرية الفلسطينية ضدها، وفي العام 1982 عندما قامت بالعدوان الأكبر على لبنان، وفي العام 2006. والسؤال: هل يكون لبنان اليوم امام تجربة جديدة مماثلة، غير محسوبة النتائج؟

الاكيد ان الضغط الدولي على لبنان سيزيد في المرحلة المقبلة من باب تنفيذ القرار الدولي، ولن يتوقف على الضغط السياسي والديبلوماسي، بل ثمة معلومات تفيد بأنه قد يذهب ابعد في اتجاه تهديد بعض الدول بسحب عناصرها من قوات حفظ السلام في الجنوب، وهذه ليست المرة الاولى التي تهدد بها دول بتقليص او سحب عناصرها في مقابل توسيع صلاحياتها لتتمكن من القيام بمهمتها.

ليست بعيدة عن هذه الاجواء الجولة الاخيرة لرئيس هيئة الامم المتحدة لمراقبة الهدنة باتريك جوشا التي شملت، الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قائد الجيش العماد جوزف عون، وهدفها الدفع نحو تفعيل تنفيذ القرار الدولي انطلاقاً من الانتهاكات الكبيرة التي يتعرض لها جنوباً، وتحذير السلطات اللبنانية من مغبة عدم الالتزام.

وسط هذا الضخ من المعلومات والتحذيرات والضغوط، جاء كلام الناطق الرسمي باسم قوات الطوارئ الدولية أندريا تيننتي ليؤكد التمسك الاممي والدولي بالقرار، نافياً أي كلام عن تعديلات أو دفعٍ نحو إقامة منطقة عازلة، مشدداً على ان ركائز القرار لا تزال سارية والاولوية اليوم لمنع التصعيد. لكن مصادر ديبلوماسية اكدت ان مجلس الامن الدولي متمسك بتنفيذ القرار ويدرس جدياً إمكانات إقامة مناطق عازلة وذلك لحماية المستوطنات الإسرائيلية، لكن ليس هناك أيّ توجّه لتقليص عديد "اليونيفيل"، بل على العكس، ثمة توجه نحو تدعيم هذه القوة إلى جانب دعم الجيش اللبناني لكي يتمكن الجانبان من القيام بالمهمات المنوطة بهما والتي هي في صلب القرار الدولي.

هذا التأكيد تبلّغه رئيس الحكومة في لقائه مع الامين العام للامم المتحدة انطونيوغوتيريس على هامش قمة المناخ المنعقدة في دبي، حيث اكد المسؤول الاممي اهمية تطبيق القرار الدولي ومندرجاته.

وسط كل هذا الزخم حيال ضرورة تطبيق القرار، هل الامر قابل للتحقق لبنانياً، في ظل تمسك "حزب الله" بموقفه من ان اي حماية للمستوطنات يجب ان تقترن بحماية المناطق اللبنانية على الحدود الآهلة بالسكان، ورفضه التنازل عن دور "قوة الرضوان" الممسكة الفعلية بالوضع في الجنوب، في حين ان الدولة عاجزة عن التزام أي قرار في غياب قدرتها على بسط سلطتها.

 "النهار"- سابين عويس

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا