حماس أتقنت قواعد اللعبة الإيرانية
عندما شنت حماس هجومها المدمر على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، لم يعتقد سوى عدد قليل من الناس أن لهذه الحركة فرصة كبيرة للنجاة من ردة الفعل العنيفة الحتمية التي ستنتج عن الإسرائيليين.
وبحسب صحيفة "The Telegraph" البريطانية، "في حين أنه كان من واجب قيادة حماس النظر بعناية في العواقب المحتملة التي قد تترتب على تنفيذ أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل، فإن احتمالات نجاة البنية الأساسية للجماعة من الهجوم العسكري الإسرائيلي كانت شبه معدومة. وعلى الرغم من البراعة التي أظهرها مقاتلو حماس أثناء الهجوم، من استخدام الطائرات الشراعية كسلاح ، إلى بناء صواريخ محلية الصنع، فإن الافتراض العام كان أن هذه الطائرات لن تكون قادرة على مواجهة القوة النارية الإسرائيلية المتفوقة إلى حد كبير. ومع ذلك، ها نحن اليوم، بعد ما يزيد قليلاً عن سبعة أسابيع، حيث لا تزال حماس تسيطر على أجزاء كبيرة من غزة، وتبدو فرص الجيش الاسرائيلي في تحقيق هدفه المتمثل في محو الحركة من على وجه الأرض بعيدة المنال على نحو متزايد".
وتابعت الصحيفة، "هذا لا يعني أن قوات الدفاع الإسرائيلية تفتقر إلى القوة لتحقيق هدفها المعلن، ولكن السبب الحقيقي وراء معارضة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لقبول أي توقف لهجومها على غزة هو الاقتناع الراسخ بأن أي وقف للأعمال العدائية من شأنه أن يصب في مصلحة حماس. لكن، كما أصبح واضحاً بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، حتى عندما تكون لديك واحدة من أكثر القوات العسكرية فعالية على مستوى العالم، فمن الممكن أن تردعك بعض الظروف غير المتوقعة عن تحقيق الهدف الرئيسي".
وأضافت الصحيفة، "على الرغم من أنه كان يُنظر لحماس التي أثارت الصراع في غزة من موقع ضعف مقارنة بالقوة العسكرية الإسرائيلية، فإن استغلالها لما يقدر بنحو 240 رهينة إسرائيلية احتجزتها في السابع من تشرين الأول ،من شأنه أن يحول زخم الصراع لصالحها. إن احتجاز الرهائن سعياً لتحقيق أهداف سياسية أوسع نطاقاً يشكل مفهوماً مألوفاً في الشرق الأوسط، وخاصة في إيران، الداعم الرئيسي لحماس، هي التي استخدمت في السابق هذا التكتيك لتحقيق نتائج مذهلة. فقد أدت أزمة الرهائن في إيران عام 1979، عندما تم أسر 66 أميركيًا بعد اجتياح أنصار الثورة الإيرانية للسفارة الأميركية في طهران، في النهاية إلى طرد الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر من البيت الأبيض. وتحدد مصير كارتر عندما فشلت مهمة إنقاذ قامت بها القوات الخاصة الأميركية بعد اصطدام مروحية عسكرية بطائرة نقل في الصحراء الإيرانية، مما أسفر عن مقتل ثمانية عسكريين أميركيين".
وتابعت الصحيفة، "استخدمت إيران التكتيك عينه في لبنان في الثمانينيات، حيث احتجزت العشرات من الرهائن الغربيين، للضغط على إدارة دونالد ريغان لحملها على الحد من مشاركتها في الحرب الأهلية المريرة في البلاد. وحينها، تسببت فضيحة إيران-كونترا، حيث سعت واشنطن إلى توفير الأسلحة لطهران مقابل إطلاق سراح الرهائن، في تقويض نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة بشكل خطير".
ورأت الصحيفة أنه "في حين أنكرت إيران أي تورط مباشر في حرب حماس مع إسرائيل، فمن الواضح أن الحركة قد أتقنت الدروس المستفادة من أزمات الرهائن السابقة في المنطقة بشكل جيد. إن المحاولات الإسرائيلية لمواصلة جهودها العسكرية في غزة تتعرض للعرقلة بسبب عمليات إطلاق سراح الرهائن المستمرة التي تقوم بها حماس، مع احتمال حدوث المزيد في المستقبل. من المؤكد أن احتمال إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين يضع نتنياهو أمام معضلة صعبة، حتى ولو كان قادته يعتقدون أن أفضل وسيلة لنيل حريتهم تتلخص في استخدام القوة العسكرية الحاسمة، بدلاً من الاعتماد على حسن نوايا حماس".
وبحسب الصحيفة، "إن حقيقة استعداد حماس لإطلاق سراح الأطفال من الأسر، ولكن ليس بالضرورة أمهاتهم، تدل على استغلالها الماهر للأزمة. مع وجود ما يقدر بنحو 150 إسرائيلياً لا يزالون محتجزين، بعضهم لدى مجموعات إسلامية منافسة، فإن الضغط على الحكومة الإسرائيلية للاستمرار في عملية التفاوض حتى يعود جميع الرهائن إلى ديارهم بأمان يظل مكثفاً. وبصرف النظر عن الحملة الفعالة للغاية التي تحشدها عائلات الرهائن لمواصلة المحادثات، فإن الدعم داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحملة العسكرية الإسرائيلية آخذ في التآكل. وقد حذرت واشنطن الإسرائيليين بالفعل من ضرورة الحد من معاناة المدنيين الفلسطينيين في العمليات المستقبلية".
وختمت الصحيفة، "مع وجود العديد من الرهائن الذين لا يزالون محتجزين، فلا يمكن أن نستبعد قدرة حماس وأنصارها على تحويل الصراع إلى حالة من الجمود".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|