لا وضوح سنّياً حيال التمديد لعثمان ربطاً بجوزاف عون
لم تتّضح بعد كيفية حسم أزمة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، سواء عبر الحكومة أو مجلس النواب، في وقت يتّجه فيه نواب سنّة إلى المطالبة بالتمديد في الوقت نفسه للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وتشكل كتلة "الاعتدال الوطني" رأس الحربة في إبقاء الثاني في موقعه لفترة أطول قبل إحالته على التقاعد في أيار المقبل.
ومن سوء حظ إدارات الدولة وكأن سياسة التمديد ستطاول أكثرها من جرّاء الخطأ الذي لا يُغتفر من كل الكتل النيابية على عدم توافقها على انتخاب رئيس الجمهورية الذي يجسّد الرأس الأول في جمهورية تتجه نحو المزيد من الانهيارات وفقدان عامل الثقة عند المواطنين. ويستمر أكثر رؤساء الكتل النيابية والأحزاب في ممارسة "هواياتهم القاتلة" حتى لو جاءت على حساب كل البلد ومستقبله الذي تهدده مجموعة من الأزمات بسبب عدم انتظام الدولة واحترام المواعيد الدستورية.
وقبل إحالة عون على التقاعد ترتفع الوتيرة السياسية، لا على مستوى الموارنة فحسب، بل عند كل الجهات، ولذلك تجري المطالبة بالتمديد في الوقت نفسه لكل من يحمل رتبة لواء وعدم اقتصارها على رتبة عماد المحصورة بقائد الجيش.
وفي رد وإن بطريقة غير مباشرة على اقتراح القانون المعجّل الذي قدّمته "القوات اللبنانية" لعون، سارع نواب "الاعتدال" إلى تقديم اقتراح مماثل يدعو إلى تمديد سن تقاعد قادة الأجهزة الأمنية الذين لا يزالون في الخدمة لمدة سنة واحدة من تاريخ إحالتهم على التقاعد. وثمّة من ربط تقديم هذا الاقتراح بأن من سيحل عند إحالة عثمان على التقاعد هو ضابط شيعي، ليتبيّن أن ضابطاً سنّياً يمكن تكليفه بهذه المهمة، حيث لا يجري النقاش في الموقع بل في الشخص حتى لو لم يكن على مستوى المهمات الملقاة على عاتقه. ويقول نواب "الاعتدال" إنهم يقدمون اقتراحهم من باب حرصهم على تسيير شؤون كل المؤسسات الأمنية ومن بينها قوى الأمن الداخلي، فيما يرى آخرون أن النواب المتحمّسين للتمديد لعثمان يفعلون هذا الأمر لقاء علاقات تربطهم مع الرجل من جرّاء الخدمات التي يتلقّونها منه في مناطقهم خصوصاً في الشمال.
ولا توجد هذه الحماسة لخيار هذا التمديد عند المجموع الأكبر من نواب هذا المكوّن في بيروت والمناطق الأخرى. وثمة من يربط الإبقاء على عثمان في موقعه من ناحية أن "تيار المستقبل" لا يزال يتمسّك به وفاءً لعلاقته مع الرئيس سعد الحريري. ودرج المتحمسون له على رفع صوره في بيروت وبيئات سنّية في مشهد لا يُعثر عليه في أي بلد في العالم ولا يليق بأي مسؤول عسكري آخر وكأنه لا تكفي اللبنانيين صور الزعماء وتمجيدها كل يوم.
وإن كان الموارنة يبدون كل هذه الحماسة للحفاظ على موقع قيادة الجيش وأن لا يقوده إلا ضابط من طائفتهم، فإن المناخ نفسه لا يسري على الضابط السني الذي يقود الأمن الداخلي مع فارق أن السنة لا مشكلة عندهم على غرار الموارنة، لأن الآخرين يعيشون في ظل الفراغ المفتوح في رئاسة الجمهورية وعدم وجود حاكم ماروني على رأس حاكمية مصرف لبنان. ولكل هذه الأسباب لن يتحمّل أكثرهم عدم وجود ضابط من طائفتهم في أرفع منصب في قيادة الجيش.
وتشدد مصادر في "الاعتدال" على أنها لا تنطلق في الدعوة إلى التمديد من منظار مذهبي لعثمان فحسب، بل لكل من يحمل رتبة عماد أو لواء بهدف الحفاظ على سيروة عمل المؤسسات الأمنية واستمرارها في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، وأن لا يكون التمديد لشخص واحد. وتضيف أنها تلقّت كلاماً إيجابياً من الرئيس نبيه بري عندما أطلعته على مضمون اقتراحها ووعدها بوضعه على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة إذا لم تُسوَّ قضيّة جوزف عون والتمديد له عن طريق الحكومة.
في المقابل، لا يرى النائب فيصل كرامي من عجلة للتمديد لعثمان وأن موعد إحالته على التقاعد لم يحن بعد، زائد أن وضعه يختلف عن حالة قائد الجيش. ولا يُفضَّل التعاطي مع أي تمديد من الناحية الطائفية "وإلا فسأكون أول المدافعين عن السنّة".
وما يعنيه هو استمرارية عمل قوى الأمن الداخلي حيث لا خشية على من يحلّ على رأس قيادتها من خلال تكليف الضابط السنّي صاحب الأقدمية مع وجود رئيس الحكومة ووزير الداخلية "لكن علينا أن نعرف ونتوقف عند الهواجس التي يعيشها إخوتنا الموارنة في هذا الخصوص". وما يريد أن يقوله أيضاً أن لا مشكلة يمكنها أن تقع عند حلول موعد إحالة عثمان على التقاعد ولا داعي لربط هذا الموضوع بالتمديد لعون. وكان كرامي قد صارح رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بأن لا حاجة إلى كل هذا الاعتراض الذي يقوم به ضد قائد الجيش.
ولا يختلف موقف نائب طرابلس هذا عن رأي النائب بلال الحشيمي الذي يرى أن "الأسباب المفروضة والضاغطة للتمديد لقائد الجيش لا تشبه حالة عثمان، ولو كان هناك رئيس أركان لاعترضت على التمديد لعون". وتقول مصادر سنّية في حال الوصول إلى موعد تقاعد عثمان ولم يُنتخَب رئيس للجمهورية يستطيع الرئيس نجيب ميقاتي "بلورة المخرج المناسب".
ويبقى لسان حال اللبنانيين أنهم يعيشون في مسلسل من الضياع من جرّاء الترقيع الحاصل في أكثر المؤسسات، لأنه عندما ضاعت الأصول والقواعد الدستورية في زمن الشغور الرئاسي لم يُحصَد سوى هذا التدحرج والانهيارات مع السؤال ما نفع التمسّك بكل هذه المناصب إن لم يبق شعب يتمتّع أفراده ولو بالحد الأدنى من صون كرامة مواطنين تقهرهم وتسرقهم سلطة سياسية، حيث يعمل أكثر أقطابها من دون قلوب ولا ضمائر
"النهار"- رضوان عقيل
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|