الصحافة

مفاوضات ما بعد غزّة: رئيس جمهوريّة No man’s Land!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يعد الضغط الدولي الهائل الذي يُمارِسه المجتمع الدولي على لبنان منذ لحظة تنفيذ مراحل الهدنة الأولى في حرب غزة أمراً جديداً. السؤال الأكبر: هل يُفتّش الغرب عن رئيس جمهورية لبنان المقبل الذي سيُشرِف كسلطة سياسية، مع الحكومة الجديدة، على إدارة مرحلة "إخراج" الحزب من المنطقة الحدودية مع شمال إسرائيل؟

 تقريباً، يتناهى كلام يومياً إلى مسامع مرجعيات سياسية، وآخره ما سمعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من مسؤولين غربيين في الخارج ممّا يشبه التهديد الصريح بضرورة عدم توسّع رقعة المعارك جنوباً و"إخلاء" الحزب منطقة جنوب الليطاني وتأمين بقعة no man’s land خالية من عناصره العسكرية ومراكزه الظاهرة وغير الظاهرة على أن يتكفّل الجيش اللبناني وفق مندرجات الـ 1701 بصيغة 2006 معدّلة بتأمين أمن الجنوب بالتنسيق مع اليونيفيل.

يقول مصدر مطّلع لـ "أساس" إنّه بالتزامن مع صدور قرارات دولية عن مجلس الأمن الدولي مرتبطة بوضع غزة الأمني والعسكري بعد بدء تبلور التسوية أو الترتيبات التي ستنهي حالة الحرب في شمال القطاع وجنوبه سيكون لبنان في صلب التسوية الكبرى لناحية تعديل مندرجات القرار 1701 أو إصدار قرار جديد عن مجلس الأمن ستختلف "نبرته" بحسب تطوّرات الوضع العسكري جنوباً وفي شمال إسرائيل، لكن مع تقديم "جزرة" ترسيم الحدود البريّة للسلطات اللبنانية.

اللافت أنّ ما نقلته مرجعيات غربية من معطيات لميقاتي تولّى بدوره الحديث عنها أمام أعضاء السلك القنصلي مشيراً بوضوح إلى "مفاوضات مرتقبة عبر الأمم المتحدة حول استكمال تنفيذ القرار 1701 والاتفاق على النقاط الخلافية الحدودية مع العدوّ الإسرائيلي".

يشير المصدر عينه إلى أنّ "إسرائيل كانت حاضرة قبل اندلاع حرب غزة لمناقشة ترتيبات حدودية تزامنت مع محاولة التخفيف عن كاهلها ثقل تثبيت الحزب خيمتين داخل الأراضي اللبنانية المحتلّة في مزارع شبعا خلف ما يعرف بخط الانسحاب، لكنّ تداعيات تسونامي غزة على كامل الحدود مع لبنان وتهجير سكّان مستوطنات الشمال تحت وطأة مؤازرة جبهة الجنوب اللبناني لحرب "حماس" في غزة قَلَبا المشهد الأمني والعسكري الإسرائيلي رأساً على عقب ودفعا قادة تل أبيب لطرح معادلة "الانسحاب المتبادل" الذي قد يشمل الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة اللبنانية المحتلّة شمال الغجر لتحلّ محلّها قوات طوارئ دولية والتفاوض حول النقاط البريّة المتنازع عليها بما فيها نقطة b1 في رأس الناقورة (جنوب خطّ الطفّافات) مقابل إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني".

هكذا يريد الغرب، وعلى رأسه واشنطن وباريس، خلق مناخات داخلية مؤاتية لمرحلة ما بعد غزة من دون أن يُسقِط من حساباته بأنّ خلق منطقة عازلة يوازي لدى المقاومة مشروع "عَزلها" عن سلاحها و"حصر" نفوذها شمال الليطاني ونزع ورقة قوّتها العسكرية الأساسية.

في هذا الإطار هناك نقطتان ملتبستان:

- الأولى: يأتي التمديد لقائد الجيش ضمن سياق الطلب الغربي لعدم تغيير القيادة في مرحلة بالغة الحساسية قد تغيّر معالم قواعد الاشتباك التي كانت سائدة ما قبل حرب غزة وما بعدها. وفق معلومات "أساس"، التمديد للعماد جوزف عون حُسِم فعلاً في مجلس النواب لمدّة سنة واحدة، كما أبلغ الرئيس نبيه بري بعض زوّاره. وهو لن يشمل على الأرجح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. والحزب إن شارك نوابه في التصويت مع أو ضدّ قانون تعديل سنّ التقاعد فهو لم يكن أصلاً بوارد "فتح معركة" بوجه المسيحيين والبطريرك وضدّ الخارج. هي خطوة بات باسيل في موقع انتظارها من دون القدرة على تعديل مسارها حيث سيقدّم مراجعة طعن بقانون رفع سنّ التقاعد، وتحديداً إذا فُصّل فقط على قياس قائد الجيش.

لكنّ هذا التمديد، مهما كانت مدّته، لن يكون له تأثير، وفق مصادر عليمة، على الإطار التنسيقي الذي حَكَم تعاطي الجيش مع الحزب منذ 2006، وتحديداً بعد تسلّم العماد عون مهامّ القيادة. ولا يتوقّع أحد أن يتحوّل الجيش في هذه المرحلة إلى عنصر مواجهة ضدّ الحزب في أرض قتالية بامتياز. قُضي الأمر، وسيمدَّد لجوزف عون لكن في ظلّ معطيَيْن: لا ربط لهذا المعطى برفع حظوظ عون الرئاسية، ولا أجندة مستجدّة سيلتزم بها الجيش قد تخلق بيئة توتّر مع الحزب في المرحلة الراهنة، لا بل إنّ البعض يرى في التمديد لعون عامل ارتياح له راهناً في الجنوب لا العكس.

- الثانية: هرولة اللجنة الخماسية باتجاه "تجديد" المساعي لانتخاب رئيس للجمهورية باتت مرتبطة بشكل وثيق بمآل ما بعد حرب غزة جنوباً واستاتيكو ما بعد الحرب. لكنّ افتراض أنّ جوزف عون هو رجل المرحلة افتراض خاطئ. لن يكون من قبيل الصدفة ثبات ترشيح سليمان فرنجية طوال هذه المرحلة، ولا دخول أسماء مُنافِسة لقائد الجيش كالمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري أو وزير الخارجية السابق ناصيف حتّي. التفاوض المقبل على الرئاسة سيكون مختلفاً كليّاً عن حالة "الفرض" التي واكبت دخول الفرنسي والأميركي والقطري على خطّ دعم التمديد لقائد الجيش. المؤكّد أنّ الرئيس المقبل لن يُشبِه بالمهامّ المطلوبة منه أيّ رئيس جمهورية آخر بعد اتفاق الطائف لأنّه قد يكون "القائد السياسي"، إلى جانبه قائد جيش جديد، لمرحلة إضعاف دور الحزب أو تكريس نفوذه جنوباً. لا حلّ وسطاً بين الأمرين.
يذهب البعض إلى حدّ التأكيد أنّ ورقة عون السياسية ستسقط لحظة التمديد له، وسيحصل خلط أوراق للترشيحات يتجاوز الارتياح الأميركي بانتقال عون من اليرزة إلى بعبدا نحو تكريس معادلات جديدة لا يمكن من خلالها تخيّل خسارة الحزب لورقتَيْ الجنوب و1701 ورئاسة الجمهورية معاً، وفوقهما رئيس حكومة لا حصّة له فيه.

ملاك عقيل - اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا