خيار المرشّح الثالث واقعي أم الظروف الراهنة لا تسمح ببحث ملفّ الرئاسة؟
لم يعد سراً أن الترويج لمرشح ثالث لرئاسة الجمهورية كان في صلب المباحثات الفرنسية والقطرية التي شهدتها بيروت في الجولة الأخيرة للمبعوثين الفرنسي والقطري.
لكن كيف تنظر بعض الأحزاب الى المرشح الثالث وما المواصفات التي يجب أن يمتلكها؟
منذ 14 حزيران الفائت طُوي ملف الانتخابات الرئاسية بعد دخول الفراغ في سدة الرئاسة العام الثاني ليسجل ثاني أطول فترة شغور رئاسي في لبنان، من دون أن يكسر الرقم القياسي المسجل بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان والذي امتد من 25 أيار عام 2014 حتى 31 تشرين الأول عام 2016 مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ففي الجلسة الـ12 لانتخاب رئيس للجمهورية التي عُقدت في 14 حزيران الفائت لم يحظ أي من المرشحين الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور بدعم ثلثي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى من الجلسة الأولى وبالتالي رُفعت الجلسة حينها بعد نيل أزعور 59 صوتاً وفرنجية 51 ومن ثم فقد النصاب فطارت الجلسة أسوة بالجلسات الـ11 التي سبقتها والتي بدأت في 29 أيلول عام 2022.
ومنذ تلك الجلسة لم تتغير المواقف وظل كل طرف على دعمه لمرشحه.
لكن بعد "الكربجة" التي أصابت الملف الرئاسي بدأ الحديث عن مرشح ثالث، وكانت قطر أول من بدأت الترويج لهذا المرشح وسط حديث عن أن ذلك المرشح ليس مدنياً في إشارة الى المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري.
لكن بعيداً من الأسماء، هل يُعد الخيار الثالث أو المرشح الثالث مقبولاً لدى القوى اللبنانية، وكيف تنظر بعض الأحزاب الى ذلك الترشيح؟
حزب الله: الترشيح على حاله
منذ أن أعلن "حزب الله" دعمه لترشيح الوزير السابق رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، لم يصدر منه أي موقف مخالف حتى تاريخه، وبحسب المعلومات المتقاطعة فإن "الحزب لم يبحث خيار المرشح الثالث مع أي طرف التقاه ومرشحه لا يزال هو فرنجية، وفي ظل الاوضاع الحالية وخصوصاً في غزة لم يبدّل من قراره المبدئي ما دام زعيم المردة مرشحاً ولم يعلن انسحابه".
عدا أن حارة حريك أسمعت زوّارها أن لا مرشح ثالثاً لديها، وأنها لا تزال متمسكة بمرشحها ولم يطرأ جديد يملي التراجع عن ذلك الموقف.
أما خصوم "حزب الله" وعلى رأسهم حزب "القوات اللبنانية" فيؤكدون أنهم أول من طرح الخيار الثالث ولكن الأزمة لا تزال على حالها ما دام "فريق الممانعة على موقفه".
القوات: مرشحنا الثالث سيادي يبني المؤسسات
منذ بدء جلسات انتخاب رئيس للجمهورية انحازت "القوات اللبنانية" الى المرشح النائب ميشال معوض وتمسكت به في الجلسات الـ11 التي عقدها مجلس النواب، أي من 29 أيلول عام 2022 حتى 19 كانون الثاني الفائت وذلك على الرغم من عدم ثبات بقية الداعمين لمعوض، ولكن في الجلسة الأخيرة انتقلت لدعم المرشح أزعور ولا سيما بعد أن تقاطع معها خصمها "التيار الوطني الحر".
أما عن المرشح الثالث فيؤكد عضو كتلة "الجمهورية القوية" فادي كرم لـ"النهار" أن "القوات منفتحة من الأساس على مرشح ثالث، وأن يكون الأخير مقبولاً من الأطراف كافة وأن يكون سيادياً ويعيد بناء مؤسسات الدولة". ويذكر كرم أن دعم حزبه للمرشحين معوض وأزعور كان من تلك المنطلقات السيادية.
بيد أن الأزمة بحسب نائب "القوات" تكمن في إصرار الفريق الآخر على مرشحه وأن "فريق الممانعة لا يزال متمسكاً بمرشحه ويريد فرضه لاستكمال وضع يده على السلطة وتغطية أخطائه التي اقترفها مع المتفاهمين معه خلال الفترة السابقة".
ويرفض كرم تسمية المرشح الثالث على قاعدة "لن ندخل في الأسماء ما دام الفريق الآخر لا مكان لديه لمرشح ثالث".
أبو الحسن: المرشح الثالث هو خيارنا منذ اللحظة الأولى
يسجل للحزب التقدمي الاشتراكي ومعه كتلة "اللقاء الديموقراطي" أنه أول من طرح الذهاب نحو مرشح ثالث، وهذا الأمر تحدث عنه الحزب علانية في أكثر من محطة، وفي السياق يؤكد أمين سر كتلة "اللقاء الديموقراطي" هادي أبو الحسن لـ"النهار" أن "اللقاء الديموقراطي كان أول من طرح ذلك الخيار وأنه في اجتماع مع حزب الله طرح رئيس الحزب السابق وليد جنبلاط 3 أسماء على قاعدة الوفاق".
ويحسم أبو الحسن أن "الحزب دعا للحوار من أجل الوصول الى الخيار الثالث أي الخيار التوافقي وبعيداً من الأسماء يجب أن يكون رئيساً يفهم جيداً الخصوصية والتركيبة اللبنانية وأن يكون ملتزماً الثوابت الوطنية واتفاق الطائف، ولديه رؤية إصلاحية وقادر على التكيّف بديناميكية مع كل الأطراف اللبنانية لإنتاج الحلول للأزمات".
بدوره يعتقد عضو كتلة "التنمية والتحرير" قاسم هاشم أن "الحديث عن رئاسة الجمهورية ما زال في دائرة المراوحة ولم يطرأ جديد إلا ما جرى تداوله خلال زيارة المبعوث الفرنسي الأخيرة ونصيحته بضرورة تحريك ملف الانتخابات الرئاسية في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة حيث لبنان معنيّ مباشرة بما يتعرّض له الجنوب وغزة".
ويرى قاسم أن نتائج جلسة 14 حزيران أثبتت الحاجة الى بحث جديد، وأنه "لم يُطرح أي خيار جديد إلا تأكيد أهمية وجود مؤسسات فاعلة لمواكبة ما بعد الحرب على غزة وما قد يتبعها على المستوى السياسي".
في المحصلة لا يزال المرشح الثالث فكرة لدى بعض المبعوثين الرئاسيين، وتبلور اسم مرشح يحظى بقبول الأطراف كافة أو على الأقل الأطراف الأساسية، لا يزال بعيداً، وما كان غير متاح خلال فترة الهدوء والاستقرار لا يبدو أنه متوفر خلال فترة الحرب والاضطرابات، والمشهد لن ينجلي لبنانياً قبل رسم مشهد المنطقة على ضوء عملية "طوفان الأقصى"، وربما كان الحذر من الحراك الفرنسي وطروحاته مرتبطاً بموقف باريس المنحاز لتل أبيب خلال العدوان على غزة وبالتالي تتراجع حظوظ ترويج خيارات فرنسية في هذه المرحلة.
"النهار"- عباس صباغ
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|