"القوات" لن تقع في الفخ وتخشى التعيين
يسيطر جوّ من الغموض على العلاقات بين الكتل النيابية حيال مقاربة التعاطي مع موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون في ظل انعدام الثقة المفقودة في الاصل بين الافرقاء، ولو كان الملف في حجم البتّ بقيادة المؤسسة العسكرية قبل احالة عون على التقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل. وفي وقت كانت الانظار تتجه الى الجلسة التشريعية المقررة غداً الخميس تبدّل المسار وبلغ التوجس بكتلة "القوات اللبنانية" حدودا بعيدة عندما تبلّغت ان الرئيس نجيب ميقاتي قد يتجه الى عقد جلسة للحكومة قبل ظهر الجمعة وعلى جدول اعمالها بعد تأمين النصاب المطلوب لها تأجيل التسريح لعون لستة اشهر، أو إذا حصلت مفاجأة باللجوء الى تعيين قائد جديد للجيش في تطور ينسف كل ما اعلنه كثيرون بانهم لا يسيرون بأي تعيين في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية والقفز فوق موقف بكركي الرافض للتعيين في الاصل، ولن يخالف ميقاتي رؤية رأس الكنيسة المارونية هنا. واذا سارت الامور- وحصل التسريح وطُعن به - نحو تعيين قائد جديد للجيش ترى "القوات" من اليوم انه من صناعة العونيين و"حزب الله".
وثمة طرح بان يصار الى الاكتفاء بتأجيل تسريح عون وتعيين رئيس للاركان، الى المركزين الشاغرين في المجلس العسكري. وشكّل هذا التبدل اذا اخذ طريقه الى التطبيق في السرايا مادة قلق عند نواب "القوات" لانهم في مثل هذه الحالة سيتعرضون لفخ من العيار الثقيل، لانهم يقولون الى جانب نواب آخرين من الكتائب و"تجدد" ومستقلين وغيرهم: ما الفائدة من المشاركة في جلسة التشريع الخميس وإقدام الحكومة قبل ظهر الجمعة على التوصل الى اي مخرج في جلستها سواء بالتمديد او عدمه، الامر الذي سيمنع النواب في حال التئام جلسة البرلمان من الوصول الى بند اقتراح القانون المعجل الداعي الى التمديد لعون. ولا يزال الرئيس نبيه بري يقول ان الجلسة قائمة وفي موعدها.
وكان من الطبيعي ان تأتي الفرملة "القواتية" اذا ذهبت الحكومة الى الانعقاد بناء على اتصالات اجرتها مع ميقاتي في جنيف. وتشدد "القوات" على لسان احد نوابها على انها كانت ستشارك في الجلسة التشريعية ولا تزال على موقفها، وهذا ما ابلغته بطريقة غير مباشرة الى الرئيس بري، لكن اعادة البحث في موضوع عون في الحكومة تدفعها الى اعادة النظر في حساباتها والبحث من جديد في الساعات الفاصلة المقبلة في الخيار الذي ستسلكه، وهي ترفض بالطبع تحقيق رغبة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الداعم لخيار تعيين قائد للجيش، واذا تثبّت من تحقيق هذا الامر سيدعو الوزراء المحسوبين عليه للمشاركة. وتعتقد "القوات" انه حتى في حالة السير بتأجيل تسريح عون لستة اشهر عن طريق الحكومة سيتم الطعن بهذه الخلاصة امام مجلس شورى الدولة، مع ترجيح ان يربحه باسيل استنادا الى جملة من الامور منها عدم تمرير هذا الاجراء عن طريق وزير الدفاع موريس سليم.
وبعد الحديث عن العودة الى بلورة معالجة ملف التمديد في المطبخ الحكومي، لم يعلن تكتل "الجمهورية القوية" انه لن يشارك في الجلسة التشريعية، ويدرك نوابه ان من دونهم لا تلتئم الجلسة ولو كان على جدول بنودها جملة من القوانين والمشاريع التي من الضروري اقرارها.
أين"حزب الله"؟
منذ بداية الحديث عن التمديد لقائد الجيش لم يدلِ "حزب الله" بموقف حاسم حيال هذا الموضوع سوى تأكيده عدم احداث اي فراغ في قيادة المؤسسة، لكنه لا يعارض بحسب آخر تطورات هذا الملف مشاركة وزيريه في جلسة الحكومة ويفضل مشاركة الوزراء العونيين ايضا وتأييده المخرج الذي يسلكه "التيار" حتى لو كان التوجه الى التعيين. وفي مثل هذه الحالة يكون مصير تقاعد عون على غرار ما حصل مع اللواء عباس ابراهيم والحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة. وفي هذه الحالة يتجنب الحزب اي احراج له إذا تم نقل هذا الموضوع الشائك الى الحكومة بدل مناقشته في رحاب البرلمان واعتراض باسيل عليه.
وثمة نقطة يتوقف عندها كثيرون من بينهم نواب يدورون في فلك محور الممانعة النيابية، انه ستجري معاينة الجلسة التشريعية - في حال التئامها - من زاوية الاصوات التي سيحصل عليها عون في حال التمديد له وربطها بانتخابات الرئاسة، الامر الذي سيعزز بورصة ترشيحه للرئاسة مع الاشارة الى ان ثنائي "أمل" و"حزب الله" لا يزال يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية. ولذلك تكمن الخشية عند هذا الفريق من الرقم الذي سيحصل عليه قائد الجيش واستثماره في الاستحقاق الرئاسي.
وفي خضم الحديث عن حياكة "المؤامرات" من هنا وهناك يحضر جانب العلاقة بين الحزب و"التيار" مع تحذيرات للاول تأتي من خطورة التوجه الى تعيين قائد جديد للجيش وعدم السؤال عن كل ما تنبه منه بكركي.
ويتوقف مراقبون هنا كيف ان "القوات" نجحت في الظهور مسيحيا انها الاكثر حرصا على مؤسسة الجيش من العونيين، مع ملاحظة ان شعبيتها الى ارتفاع في هذه البيئة باعتراف اقطاب لا يلتقون معها من خلال ما برز في نقابة المحامين واكثر من انتخابات طالبية في الجامعات. ويناقش مؤيدون للحزب هذا الموضوع مع قيادته، والذين يعترفون بـ"ازمة جبران"، لكنهم لن يتخلوا في الوقت نفسه عن التعاون معه والوقوف "على خاطره" لجملة من الاسباب، وهو يعرف مكانته عند السيد حسن نصرالله الذي لن يفرط بحليفه هذا ولو مارس عليه المزيد من الدلال السياسي حيث لا يتقبل الحزب تقديم هدية "التمديد" الثمينة لـ"القوات"، ولا يمانع إن جاءت عن طريق الحكومة او غيرها من المخارج شرط ان تمر من دون بصمة الدكتور سمير جعجع والكتائب و"التغييريين" وكل مَن لا يلتقي مع "حزب الله".
"النهار"- رضوان عقيل
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|