محليات

لماذا يكرهون جبران باسيل؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب داني حداد في موقع mtv: 

يكره قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيّين النائب جبران باسيل. هو لا يتمتّع بشعبيّة حتى في صفوف جمهور حليفه حزب الله. أما عند جمهور الأحزاب الأخرى فتسود حالة كره لباسيل، انعكست إيجاباً عليه داخل صفوف التيّار الوطني الحر حيث ارتفعت شعبيّته كثيراً عمّا كانت عليها قبل سنوات، حيث كان حضور الرئيس ميشال عون طاغياً.

يرى كثيرون أنّ باسيل استُهدف بعمليّة اغتيال سياسي في مرحلة ما بعد العام ٢٠١٩. من المؤكد أنّ التركيز على باسيل لوحده كسببٍ لانهيار البلد فيه مبالغة شديدة. إن شئنا الموضوعيّة لوجدنا أنّ أسماء عدّة تسبقه في اللائحة، على رأسها الثلاثي بري - الحريري - جنبلاط الذي تحكّم لسنوات بمفاصل الدولة. ولكن، حتى جمهور هذا الثلاثي يعتبر زعماءه أبرياء بينما باسيل مذنب، ما يشكّل ظلماً بحقّ الأخير.
إلا أنّ باسيل يتحمّل أيضاً جزءاً كبيراً من مسؤوليّة حالة الكره تجاهه.

كان الرجل، منذ إطلالته الرسميّة على السياسة اللبنانيّة في العام ٢٠٠٥، حريصاً على أن يقول ويتصرّف على أساس أنّه النظيف في حين أنّ الآخرين فاسدون. شيئاً فشيئاً، راح من يحارب المنظومة يتحوّل الى جزءٍ منها. تعطّلت حكومات لأشهرٍ طويلة بسببه. ثمّ تحالف مع من كان يتّهمهم بالفساد. وأرسى علاقات مع طبقة رجال أعمال تحوم شكوكٌ كبيرة حول ثرواتهم، وأتى ببعضهم الى "التيّار"، وأدخلهم الى الوزارات والمجالس النيابيّة.
وحين أراد تحويل "التيّار" الى حزب، لم يبالِ باعتراض من يحملون صفة "مناضلين"، فأحرجهم لإخراجهم، ليحكم براحةٍ أكبر.

إلا أنّ بعض المعارضين شيطن صورة باسيل، وحمّله مسؤوليّة قرارات كان يقف وراءها العماد ميشال عون. من لا يريد أن يهاجم عون، لرمزيّته، استسهل الهجوم على باسيل، فأُلبس كلّ ما كان يقرّره عون، أو أقلّه يوافق عليه.

إلا أنّ حالة الكره هذه مرتبطة أيضاً بشخصيّة باسيل. لا ينحدر الرجل من عائلة سياسيّة. لا صداقات في سنوات شبابه الأولى مع أبناء عائلات سياسيّة. درس الهندسة لا المحاماة أو العلوم السياسيّة. ثمّ تزوّج ابنة العماد عون، وصعد سريعاً بعد عودة "الجنرال" الى لبنان، وبات المؤثّر الأكبر في قراراته. جعله ذلك كلّه يفقد توازنه في بعض المراحل. "سِكِر"، كما نقول بالعاميّة، وبات يتعامل بفوقيّة مع محيطه ومع بعض الإعلام وحتى مع بعض السياسيّين.
ففي شخصيّة باسيل خليط لافت. هو جليسٌ ممتع، يملك الكثير من علامات التواضع وصفات التعاطي الحسن مع الآخرين، لكنّه قادر على تنفيرهم منه بكلمة أو عبارة واحدة. 

ودفعت هذه الشخصيّة من يحيط بباسيل الى إسماعه ما يريد سماعه لا ما يجب أن يسمعه. قلّةٌ من حوله تقول له إنّه أخطأ حين يخطئ، في وقتٍ يكثر هواة "تبييض الوجوه"، وحتى التحريض. وكم دفع باسيل أثماناً لقرارات ليس له فيها. وكم تشوّهت علاقته ببعض الإعلام بسبب سوء التعاطي والتواصل، وحتى الاحترام.

ويبدو واضحاً أنّ باسيل سعى، خصوصاً في مرحلة ما بعد العام ٢٠١٩، الى تكريس نفسه كصاحب القرار الأول والأخير في "التيّار"، وكان كلّما ازداد قوّةً في الداخل يزداد كرهاً في خارج الحزب، حيث أطلق مواقف تحاكي جمهوره فقط وتشدّ عصبهم وتكسبهم المعنويات، ولو كانت نتيجة ذلك ارتفاع منسوب الحملات عليه، حتى بات، على الأرجح، السياسي الأكثر كرهاً، والأكثر إثارةً للجدل.

ومن المؤكّد أنّ الاستفاضة في شرح ظاهرة جبران باسيل وشخصيّته تحتاج الى سطورٍ أكثر وأمثلة أكثر. لكنّ المؤكّد أنّ هذه الصورة التي رُسمت له ورسمها لنفسه قد لا تتغيّر بسهولة. وهو، كلّما ازداد استهدافه، ارتفع منسوب تحدّيه للآخرين، بل تعاليه أحياناً، وأمعن في تشويه صورة الآخرين لتحسين صورته. 

لكنّ الحقيقة، إن شئنا الاختصار، هي أنّ باسيل ليس شيطاناً، ولو شيطنوه، ولا هو المرتكب الأول ولو صوّروه كذلك، ولا هو الأسطورة الذي يملك طائرةً خاصّة ويختاً، ولا هو الديكتاتور الذي يتحكّم بمفاصل تيّاره وتكتّله النيابي… 

إلا أنّ باسيل، في الوقت عينه، لم ينجح في رسم صورة القائد الحلم المنقذ والمنزّه. أدخل نفسه في زواريب السياسة ونكاياتها وصفقاتها وتسوياتها. ورسم صورة العاجز عبر "ما خلّونا". وصورة المتنازل حين تحالف مع خصمه الأول نبيه بري في الانتخابات. وصورة المتّكل حين اعتمد على حزب الله لتعزيز حضوره السياسي والانتخابي.

هي ظاهرة تستحقّ المتابعة والتحليل، بموضوعيّة. وكم يخطئ من يصوّر جبران باسيل الشيطان الأكبر. وكم يخطئ من يصوّره منزّهاً عن كلّ عيب…

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا

فيديو إعلاني