"الربح السياسي" لقوى المعارضة والاستحقاقات اللاحقة للتمديد

بَلَغَت تكتلات المعارضة البرلمانية هدفها الأوليّ المنطلق من دعمها مشروع قانون تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون سنة إضافية، ما اعتُبِر بمثابة "قفزة نوعية" قطعت على أثرها مسافة فوق "هوّة التعطيل" في زمن الفراغات وانهيار المؤسسات.

ولا تُقلّل القوى السيادية من النجاح الذي حقّقته على نحوٍ أنهى "رتابة الشغور" الذي كان سيطاول المؤسسة العسكرية، ما يشكّل للذين دعموا التمديد بمثابة تغيير للمسار القائم سابقاً وتحقيق انتصار على الفراغ وتأكيد أهمية موقع قيادة الجيش وسط "منهاج سياسي" بات يعوّل عليه ليغيّر في المسار ويُنتِج صدمة إيجابية بهدف تبديل كامل الوضع، استناداً إلى مضامين القراءة التي انبثقت عن رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع من جهة، وكذلك لناحية اعتبار التكتلات الحليفة أنّ التمديد لقائد الجيش هو خطوة أولية نحو الاتجاه إلى الاستحقاق الرئاسي.

وسيكون هذا "الربح السياسي" الذي استطاعَته هذه القوى السياسية بمثابة تأكيد على أولوية ترسيخ دور مؤسّسات الدولة ما يشمل الجيش وقوى الأمن الداخلي والوصول إلى تعديلات في الأداء العام حتى إعادة تكوين السلطة والذهاب إلى تحوّلات نوعية. وازدادت ثقة قوى المعارضة بعد تمديد ولاية قائد الجيش في التعويل الأكبر على دور المؤسسات وأهمية ملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية الذي يعتبر بمثابة ضرورة أساسية.

والأهم من ذلك، التأكيد على التوازنات التي ظهرت ما بعد الانتخابات النيابية في الاستحقاقات المقبلة بدءاً من الانتخابات الرئاسية. لكن، ليس هناك حتى اللحظة ما يحدّد إذا كان المسار الذي تنتهجه قوى "الممانعة" إلى تراجع على مستوى الاستحقاق الرئاسي، مع إشارة معارضي "حزب الله" إلى عدم وجود أي حلول في الإمكان بلورتها سوى التراجع عن ترشيحه الرئاسي.

وهنا، تؤكّد قوى المعارضة على أولوية الوصول إلى متغيّر أساسيّ وسط الأوضاع الأمنية المتردية على الجبهة الجنوبية وتصاعد التأكيد على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، ما يحتّم انتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكّل أولوية الأولويات والانطلاقة في سبيل دعوة الهيئة الناخبة للقيام بواجباتها علماً ألا ترجيحات في تبلور متغيرات وسط تفاقم الأوضاع على الجبهة الجنوبية وغياب التواصل الهادف للوصول إلى نتائج منطلقة من التئام المجلس النيابي على النحو الواجب حكماً لانتخاب رئيس للجمهورية بعدما جرى تثبيت موقع قيادة الجيش.

الربح السياسي للتكتلات النيابية المعارضة في تمديد ولاية قائد الجيش، يقرأ عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب شوقي الدكاش أنه "خطوة من خطوات نوعية ستتخذ مع تأكيد أهمية الوصول إلى انتخابات رئاسية تعيد الانتظام إلى مؤسسات الدولة. وستحاول المعارضة النجاح في الوصول إلى انتخابات رئاسية كخطوة إضافية للمصلحة اللبنانية مع اعتبارها معركة مؤسسات". وانطلاقاً ممّا يؤكده الدكاش لـ"النهار" أيضاً، فإن "النقطة الثانية التي ستؤكد عليها القوى السيادية تتمحور حول ضرورة تطبيق القرارات الدولية بعيداً عن استقواء أي فريق سياسي والتأكيد على الإيمان بسيادة الدولة اللبنانية تحقيقاً لمندرجات القرار 1701 انطلاقاً من انتخاب رئيس للجمهورية يبحث في السبل التطبيقية والأبعاد التنفيذية للقرار الدولي".

إنه "أول إنجاز" تنتجه قوى المعارضة البرلمانية، في تقويم عضو كتلة تجدّد النائب اللواء أشرف ريفي، الذي يشير إلى أن "التمديد لقائد الجيش شكّل التقاء وطنياً للوصول إلى هدف إنقاذيّ، على أن تتمحور الخطوة المقبلة حول انتخابات رئاسة الجمهورية مع اعتبار العماد جوزف عون من المرشّحين البارزين للمركز، ما يمنحه وهجاً إضافياً للرئاسة من خلال التمديد ويحفّز على تدعيم المؤسسة العسكرية بعدما كانت رهانات البعض على إنهاء ولايته". ويلاحظ ريفي في حديثه لـ"النهار" أن "البلد يدخل مرحلة تمايز عن الأشهر السابقة مع التمديد لكن مع انتظار ما سيؤدي إليه سياق الأوضاع في غزّة للانتقال من المسارات العسكرية إلى المسار السياسي، ما يؤشر إيجاباً ويرجّح خيار العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية طالما أنّ هناك بعداً عسكرياً إضافة إلى السياسي لناحية أوضاع المرحلة لبنانياً واقليمياً نتيجة اندلاع حرب غزّة".

تتوافق قوى المعارضة على تنوّعها حول ما أنتجه التمديد لقائد الجيش من خطوة هادفة للعمل على استكمال منطلقات قوى المعارضة انطلاقاً من علاقاتها الخارجية والسعي إلى اجتماع المجلس النيابي بهدف إنقاذ البلاد. وتذكّر أنه كانت برزت قدرة للوصول إلى أكثرية نيابية في جلسة 14 حزيران الماضي، لكن القلق موجود طالما أنّ انتخابات الرئاسة معطّلة.

وثمة من لا يحبّذ من قوى المعارضة الدخول في إحصاء مؤشرات الحظوظ الرئاسية بالنسبة إلى أيّ من المرشّحين، إلا بعد الإعلان عن جلسات رئاسية إضافية وانعقاد دورات متلاحقة لبلورة أسماء المرشحين النهائيين، مع تأكيد ضرورة تسريع الوقت واختصار المهل والانطلاق في مسار جديد لا يحتمل تأجيلاً.

"النهار"- مجد بو مجاهد