من استفتاء التمديد إلى " استفتاء التعازي"
في لبنان ، كل شيء سياسي : الأفراح ، الاتراح ، التهاني ، التعازي ، "الواجبات الاجتماعية " جزءٌ من التقاليد السياسية والإرث السياسي ، مقاطعة الأحزان موقف ، والمشاركة في الأحزان موقف ، والسجلات اللبنانية حافلة بهذه التقاليد ،
حتى في عز الحرب اللبنانية والتباعد بين الفئات والتيارات والاحزاب السياسية اللبنانية . ففي عز الحرب ، على سبيل المثال لا الحصر ، اتصل قائد القوات اللبنانية الشيخ بشير الجميل برئيس الحركة الوطنية كمال جنبلاط ، معزيًا اياه باغتيال شقيقته . ويوم تشييع الرئيس الراحل كميل شمعون ، كان " ملقى " الجنبلاطيين للجثمان على طول الطريق في الشوف ، وصولًا الى دير القمر ، مشهودًا له.
في المقابل ، عند اغتيال الشيخ بيار الجميل ، رفضت العائلة استقبال رئيس للتيار الوطني الحر العماد ميشال عون لتقديم واجب العزاء.
حضرت تقاليد وواجبات العزاء ، والسياسة في تقديم التعازي ، بقوة ، في التشييع والتعازي بوالدة قائد الجيش العماد جوزيف عون. كان السؤال الاول بعد الوفاة وتوزيع ترتيبات الدفن والتعزية ، هو : هل يتصل الرئيس ميشال عون او يحضر معزيًا ؟ هل يحذو حذوه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ؟ هل تكون هناك مشاركة من التيار او مقاطعة ؟ في يوم الدفن خرق المقاطعة العونية الشاملة اتصال تعزية من النائب ابراهيم كنعان، كما رصد مشاركون في التشييع اكليل من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب. في اليوم التالي ، اي في اليوم الاول للتعازي ، كان اول المعزين ، عند العاشرة صباحًا، الرئيس العماد ميشال عون وعقيلته . بعد ذلك كرّت السبحة فكانت هناك ثلاث فئات : فئة من التيار جاء اعضاؤها منفردين : كالنواب آلان عون وابراهيم كنعان ونائب رئيس التيار ناجي حايك ، اما الفئة الاكبر فكانت من المُبعدين والمبتعدين والمتمردين والممتعضين ، تطول اللائحة ، ولكن بعض الاسماء مؤشر كنائب رئيس الحكومة العسكرية عصام ابو جمرة والنواب السابقون ماريو عون ونبيل نقولا ووليد خوري والوزير السابق سليم جريصاتي وعبدالله الملاح وانطوان عطالله.
رئيس التيار ، وفي خطوة استلحاقية ، أوفد باسمه للتعزية النواب جورج عطالله ، ندى البستاني ، نقولا الصحناوي وسامر التوم ، ونائبة رئيس التيار مارتين نجم ، واللافت ان الوفد النيابي لتقديم التعزية هو جزء من النواب العشرة من التيار الذين وقعوا الطعن بالتمديد لقائد الجيش .
المشاركة في التشييع وتقديم واجب العزاء ، شكّل ما يشبه الاستفتاء حول شخص العماد جوزيف عون ، تمامًا كما شكل التمديد له الذي اعتبر بمثابة استفتاء . هنا يُطرَح سؤال آخر : هل تكون التعزية نهاية مطاف ؟ ام بداية مسار ؟ هل يمكن " تسييلها"في السياسة ؟ في حال وصلت الاصطفافات الى مرحلة الخيارات والاختيارات ، فأين يكون النواب الذين اثبتوا في التعازي ان لهم شخصيتهم وحضورهم كالنائب ابراهيم كنعان والنائب آلان عون ؟
بين استفتاء التمديد ، واستفتاء التعازي ، كيف ستكون الثالثة ؟
الحشود في السياسة لا يستهان بها ، حين كان ميشال المر ، رحمه الله ، يدعو الى التهاني بمناسبة الفصح في دارته في بتغرين ، كان يبادر كل مَن يصافحه: " صاروا ٣٠ الف . صاروا واحد وتلاتين ". بالتأكيد العماد جوزيف عون لم يُحصِ المعزين ، لكن الحشود تُنبئ ، وهذا المشهد سيقرأه رئيس التيار بتمعن ، لكن العبرة تبقى في تعداد ساحة النجمة وليس في تعداد المصافحين .
جان فغالي-الكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|