محليات

حرب لبنان وإسرائيل تدخل مساراً جديداً...و تراجع "حزب الله" جنوباً بلا "مقابل" في الداخل!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب نذير رضا في "الشرق الأوسط":

عكست الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة على الساحة اللبنانية، وردود «حزب الله» عليها، تحولاً في مسار الحرب التي باتت تركز فيها إسرائيل على الاغتيالات ضمن عمليات موضعية، فيما حصر الحزب الرد على أهداف عسكرية، بشكل لا يؤدي إلى حرب واسعة، حسب ما تقول مصادر نيابية لبنانية. وتوسعت دائرة تبادل القصف عملياً إلى 12 كيلومتراً بشكل متكرر، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اغتيال مسؤول عن المسيّرات في الحزب، وهو ما لم يؤكده الحزب في بيان نعي مقاتل يحمل الاسم نفسه.

ونفذت إسرائيل اغتيالين خلال أسبوع، أولهما لنائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، وثانيهما للقيادي في وحدة النخبة في الحزب وسام طويل باستهداف سيارته في بلدة خربة سلم يوم الاثنين. وأثناء تشييع طويل في البلدة، نفذت إسرائيل ضربة استهدفت سيارة في البلدة نفسها أدت إلى إصابة 4 أشخاص بجروح، حسبما أعلن «الدفاع المدني»، قبل أن تعلن وسائل إعلام إسرائيلية استهداف قيادي في الحزب مسؤول في وحدة المسيرات.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الثلاثاء، بمقتل قيادي آخر في الحزب، قالت إنه مسؤول عن عشرات الهجمات بالطائرات المسيّرة على شمال إسرائيل في الأشهر الأخيرة. وذكرت الصحيفة أن علي حسين برجي، الذي وصفته بأنه قائد القوة الجوية للحزب في الجنوب، قتل في ضربة استهدفت سيارته في بلدة خربة سلم قُبيل تشييع جنازة طويل. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعليق رسمي على الضربة الجوية، فيما أعلن الحزب مقتل برجي، لكنه لم يشر إلى موقعه القيادي أو أن يكون مسؤولاً عن المسيّرات.

أهداف عسكرية

وفي رد على استهداف العاروري وطويل، اختار الحزب أهدافاً عسكرية، إذ استهدف محطة رصد جوي يوم السبت الماضي في جبل الجرمق في الجليل الأعلى، كما استهدف الثلاثاء مقر قيادة المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي في مدينة صفد (قاعدة دادو) بعدد من المسيّرات الهجومية الانقضاضية، وقال إن استهدافها يأتي رداً على اغتيال العاروري والطويل.

ويشير هذا المسار الجديد إلى تحوّل في مسار المعركة التي انحصرت، على مدى أسابيع، بالقصف المتبادل في المنطقة الحدودية، وهو «مسار جديد لكن لم تظهر معالمه»، كما يقول خبراء عسكريون، لكنهم يدعون إلى الانتظار «كي تتكشف الأمور بالفعل ما إذا كانت انتقالاً إلى مرحلة جديدة»، في إشارة إلى الإعلان الإسرائيلي عن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من حرب غزة، ويؤكد هؤلاء «أننا ما زلنا في طور العمليات ولا تزال الاشتباكات قائمة».

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في تصريح لـ«القناة 14» التلفزيونية، إن استهداف الطويل كان «جزءاً من الحرب»، وحذر كاتس من أنه في حالة نشوب حرب كبرى، فإن لبنان «سيتلقى ضربة أقوى 50 مرة من تلك التي تلقاها في حرب عام 2006».

ضبط الردود

ويتوجس اللبنانيون من أن يكون التصعيد الإسرائيلي مقدمة لاستدراج «حزب الله» إلى رد يؤدي إلى توسيع الحرب، في وقت «تقيد الموانع الأميركية بشكل أساسي إسرائيل عن توسيع الحرب»، كما يقول مصدر نيابي مواكب للاتصالات الدولية، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب، حتى الآن، «يختار أهدافاً عسكرية في ردوده، وفي بعض الأحيان تكون الردود نوعية لجهة المسافة أو طريقة الاستهداف، كما جرى في استهداف قاعدة ميرون، أو في استهداف المركز العسكري في صفد»، موضحاً أن هذه الردود «يُفترض ألا تؤدي إلى توسيع الحرب».

توسيع إلى عمق 12 كيلومتراً

لكن عمق الاستهدافات، وسعه الطرفان عملياً 4 كيلومترات إضافية، إذ توسعت الاستهدافات الإسرائيلية إلى ما يتخطى الـ12 كيلومتراً منذ مطلع الأسبوع، فقد نفذت الطائرات الإسرائيلية عدة غارات على مرحلتين في منطقة الغندورية التي تبعد 12 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية، كما نفذت غارات على بلدة خربة سلم يوم الثلاثاء التي تبعد نحو 10 كيلومترات. وأدت الغارة الأولى على الغندورية إلى مقتل 3 عناصر نعاهم الحزب في بيانات متعاقبة.

في المقابل، وسع الحزب مدى استهدافاته، حيث أعلن الثلاثاء أنه استهدف مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي «في إطار الرد» على اغتيال الطويل والعاروري. وقال الحزب في بيان إنه استهدف «مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع لجيش العدو في مدينة صفد المحتلة (قاعدة دادو) بعدد من المسيرات الهجومية الانقضاضية».

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بعد «إطلاق صافرات الإنذار إزاء تسلّل طائرات معادية إلى شمال إسرائيل صباح الثلاثاء، جرى إطلاق (صواريخ) اعتراضية تجاه أهداف جوية معادية عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية». وأضاف أن «طائرة معادية سقطت في قاعدة» تابعة له في شمال إسرائيل، «من دون الإبلاغ عن إصابات أو أضرار».

وتقع قاعدة «دادو» على عمق 12 كلم من الحدود اللبنانية، وهي مقر قيادة المنطقة الشمالية في سلاح البر الإسرائيلي، والمسؤولة عن قيادة الفرقتين المعنيتين بالعمليات على الجبهة اللبنانية حالياً، الفرقة 91 مقابل المحور الشرقي، والفرقة 146 مقابل المحور الغربي للحدود الجنوبية اللبنانية، التي تحوي عدداً كبيراً من منظومات القيادة والسيطرة المعنية بتنسيق العمليات على امتداد الجبهة مع لبنان.

وشدّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، في كلمة، الثلاثاء، على أن اغتيال القادة، بينهم الطويل «القائد في (كتيبة الرضوان) (المعروفة بأنها وحدة النخبة في الحزب) الذي عمل وضحى في الساحات المختلفة»، لا يمكن أن «يكون محطة تراجع بل هو محطة دفع للمقاومة».

قصف متواصل

وتصاعدت حدة القصف أمس، وإلى جانب استهداف ثكنة صفد، أعلن «حزب الله» عن استهداف ثكنة «يفتاح» عند الحدود مع لبنان بالصواريخ، ومهاجمة مواقع حانيتا والبغدادي ورويسات القرن والتجهيزات الفنية المستحدثة في موقع بياض بليدا ومهاجمة تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة «أدميت». وفي المقابل، نفذ الجيش الإسرائيلي قصفاً واسعاً شهدت بلدة كفر كلا أعنفه، حيث أدت الغارات إلى تدمير ثلاثة منازل.

في غضون ذلك، بلغ عدد القتلى من المدنيين اللبنانيين منذ بدء الحرب، 38 مواطناً، بالإضافة إلى عسكري واحد في الجيش، خلال 2447 هجوماً إسرائيلياً.

كتبت راكيل عتيّق في "نداء الوطن":

يقول سفير في إحدى العواصم المتابعة للوضع اللبناني، إنّ «التوازن الداخلي» هو سبب التعطيل والتأخير في الاستحقاق الرئاسي، وليس التوازنات الخارجية كما يعتقد كثيرون في لبنان. ويعتبر أنّ اللبنانيين «يضخمون» الأمور كثيراً ويربطون كلّ استحقاق داخلي بحركة العالم فيما أنّ هذا العالم لديه اهتمامات أخرى ولا يُمكنه أن يقوم بـ»عمل» اللبنانيين. ويشير إلى أنّ الأفرقاء السياسيين في الداخل يمكنهم أن يتوافقوا على انتخاب رئيس الآن، وقبل انتهاء الحرب في غزة، أو في الجنوب، وسيحظى هذا «التوافق» بمباركة دولية.

هذا الاتفاق أو التوافق متعذّر، فقبل انتهاء الحرب في غزة لن يقبل «حزب الله» البحث في أي ملف. مباشرةً وبوضوح، أعلن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن لا بحث مع الموفدين الدوليين في أي موضوع قبل انتهاء الحرب. «حزب الله» كان مُعرقل التوافق أيضاً طيلة فترة الشغور الرئاسي التي تخطّت السنة، إذ إنّه ظلّ متمسكاً بترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية على رغم المعارضة المسيحية لوصوله وعدم توافر ظروف لانتخابه. ولا يزال «الحزب» حتى الآن متمسّكاً بترشيح فرنجية، إلّا أنّه «يُجمّد» الملف الرئاسي إلى ما بعد الحرب.

البعض يعتبر أنّ «الحزب» قد يحصل على «deal» مع واشنطن يشمل مكاسب داخلية بدءاً من رئاسة الجمهورية مقابل تراجعه إلى شمال الليطاني، غير أنّ جهات ديبلوماسية وسياسية عدة، تشير إلى أن لا ربط بين ملفي رئاسة الجمهورية والـ1701، ولا ربط بين الوضع على الحدود الجنوبية والوضع الداخلي عامةً. وبالتالي، لا صحة أنّ «حزب الله» يتلقّى عروضاً على شكل نفوذ ومواقع في الدولة مقابل تراجعه إلى شمال الليطاني.

هذا الانسحاب ليس مطروحاً لدى «الحزب» حتى الآن. في المقابل، ترى مصادر معارضة له، أنّه «لم يعد يملك أي ورقة مقايضة بعد عملية «طوفان الأقصى». وتعتبر أنّه الآن أمام خيارين: السيئ أم الأسوأ. وعليه أن يختار بين أن يتراجع إلى شمال الليطاني بالديبلوماسية وإمّا أن يُضطر إلى التراجع بالحرب. وبالتالي إنّ المعروض عليه، هو الانسحاب من جنوب الليطاني، إمّا بالحسنى وإمّا بالقوة، ولا خيارات أخرى أمامه، وهو ليس في موقع يمكّنه من المقايضة.

وجهة النظر المعارضة هذه، تنطلق من معطيات ديبلوماسية تفيد بأن لا عروض مقدّمة إلى «حزب الله» تشمل مكاسب داخلية مقابل تطبيق الـ1701، ومن الواقع الذي يشير إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تريد الحرب، إلّا أنّ إيران لا تريد الحرب أيضاً، وإلّا كانت دخلت في حرب شاملة تستدرجها إليها إسرائيل بشتى الطرق. وبالتالي بات واضحاً بالنسبة إلى إسرائيل أنّ إيران لا تريد الحرب، وهي تلعب على هذا العامل. ويبقى الهدف الإسرائيلي المُعلن: انسحاب «الحزب» إلى ما وراء الليطاني، إمّا طوعاً وإمّا بالقوة. أمّا مصير السلاح خلف الليطاني، فهذا ليس من ضمن اهتمامات تل أبيب أو واشنطن، فما يريدانه من «السلاح» الآن، هو إبعاده لتأمين المستوطنات وأمان سكانها.

لكن عدم الاهتمام بالسلاح شمال الليطاني، لا يعني تسليم البلد لإيران عبر تعزيز نفوذ «الحزب». فبالنسبة إلى مصادر معارضة، أحد لن يُعطي «الحزب» أي تعويض، لأنّ واقع الميدان فرض عليه ذلك، فضلاً عن أنّ منحه «ربحاً» يعني تركه يُمسك بالدولة في لبنان، ما يعني أنّ إمكانية إعادة التحضير والتهيئة لمواجهة جديدة مع اسرائيل ستبقى قائمة، ولن تقبل واشنطن أو أي دولة غربية بذلك. فما بعد 7 أكتوبر يختلف عمّا قبله، وسقطت نظرية أنّ أذرع إيران في المنطقة «حرس حدود» لإسرائيل، يعملون على لغة الأيديولوجيا والتعبئة ضدها ولا يطلقون أي رصاصة صوبها. بل بات هناك توجُّس الآن، لدى كلّ الغرب، وليس إسرائيل فقط، من أذرع إيران كلّها ومن إيران نفسها، لجهة أن تتحيّن الفرصة المناسبة لإسقاط اسرائيل.

إلى المعطى الخارجي، تعتبر المصادر إياها، أنّ هناك قوى سياسية موجودة في الداخل، وهذه القوى التي تمكنت من إسقاط مبادرة خارجية لإيصال فرنجية إلى الرئاسة الأولى، لن تقبل الآن بأي تسوية أو مقايضة على أي مستوى، بل باتت متشدّدة أكثر، لأنّ «الحزب» الذي يستمرّ في جرّ لبنان إلى حروب ودمّر البلد واقتصاده، يجب العمل في اتجاه منع تأثيره على الدولة وليس زيادة مفعول تأثيره.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا