الرئاسة مؤجلة وحكومة قيد التشكيل بصلاحيات "عونية"!
الإيجابية التي طبعت مواقف الاطراف في لبنان والخارج، تشير إلى إمكان تشكيل الحكومة بالتوازي مع التقدم في ملف #ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. يتحدث الجميع عن إحتمال التوصل إلى اتفاق بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي حول التشكيلة النهائية من دون الافصاح عن بنوده وهو الذي كان حتى الامس القريب يواجه معضلات الشروط التي وضعها عون في ما يتعلق بعدد الوزراء إضافة إلى ما يعتبره صلاحيات الأمر الواقع. الحديث هو نفسه عن الترسيم لجهة أنه بات في مرحلته الاخيرة وهو يتطلب لبنانياً وجود حكومة أصيلة تُعد المرسوم المرتبط به، فإذا تحقق ذلك يكون رئيس الجمهورية قد حقق انجازاً قبل نهاية عهده خصوصاً وأن الاميركيين يمارسون ضغطاً كبيراً لإبرام الاتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وتحسباً لاحتمالات قد تغير المعطيات في المنطقة.
يتركز البحث حول الحكومة على إيجاد حل للخلافات المرتبطة بالاسماء، ما لم تحدث تطورات تقلب الطاولة كلها. لكن الاكيد أن عوامل محلية ودولية باتت تسرع في انجاز التشكيل، وهي مرتبطة بصفقة الترسيم. ويعني ذلك أن التأليف إذا جرى تمريره وفق الصفقة، فإن الفراغ الرئاسي يصبح أمراًواقعاً، بحيث تتولى الحكومة الجديدة الصلاحيات وتسيّر شؤون البلد كما حدث في عام 2014 بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. وقد كان لافتاً كلام ميقاتي في حديثه من نيويورك الى موقع "المونيتور" أن "انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يشكل الحل الكامل للمشكلات التي نعاني منها، ولكنه استحقاق ضروري جداً ومدخل لحل العديد من التحديات والمشكلات التي تواجه لبنان".
التركيز على تشكيل الحكومة وملف الترسيم يعني أن هناك قناعة في أن الاستحقاق الرئاسي سيبقى معطلاً إلى أمد غير منظور، وهو أمر خطير ستكون له ارتدادات كبيرة على التوازنات السياسية والطائفية في البلد، وعلى وضع المؤسسات، وهو ما حذر منه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الاحد، من أن انتظار التوافق مقابل تعطيل الاستحقاق الرئاسي، وعدم اجراء الانتخاب في موعده، يؤدي إلى إضعاف دور المسيحيين. وهذا الموقف يلتقي في جوانب منه مع بيان لقاء النواب السنّة في دار الفتوى، ودعوتهم للتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية وفق مواصفات محددة، يحافظ على اتفاق الطائف ويلتزم بتطبيق الدستور. ولذا فإن تشكيل الحكومة من دون التوافق على انتخاب الرئيس كمدخل للإنقاذ قد يغرق لبنان في مزيد من الأزمات، ولن يكون بمنأى عن احتمالات الانفجار في المنطقة.
لكن تشكيل الحكومة وايضاً ملف الترسيم أمامهما عقبات ينبغي تذليلها. فالتعويض الذي قدّم لرئيس الجمهورية بديلاً لحكومة من 30 وزيراً، لم يصل إلى مرحلته النهائية، ويبدو أن "حزب الله" يؤدي دوراً رئيسياً في إقناع عون للتنازل عن إضافة ستة وزراء سياسيين إلى الحكومة، في مقابل تسمية عون لوزيرين سنّي ودرزي. وما رشح عن الاتصالات يقوم على إبقاء وزارتي الطاقة التي لها علاقة بملف الترسيم والاقتصاد من حصة عون. ويأتي موقف "حزب الله" من موضوع تشكيل الحكومة انطلاقاً من رغبته بعدم تحمل مسؤولية مباشرة عن الفراغ، وعدم قدرته على تحمل الأعباء في ظل الازمة الاقتصادية والمالية لدى جمهوره، وأيضاً تحسباً لاحتمالات مواجهة مع إسرائيل في حال سقطت تسوية ملف الترسيم. وقد كان واضحاً كلام نائب الأمين العام لـ"حزب الله"، حين قال إن وجود الحكومة أفضل بكثير من عدم وجودها وتحل العديد من المشاكل حتى ولو كانت الحلول جزئية.
ينسحب كلام قاسم على ملف الترسيم الذي تسعى الإدارة الاميركية إلى إبرامه، وهو إذ قال إننا "سننتظر حتى يأتي النص الخطي من الوسيط الأميركي غير النزيه، وعندها عندما تقول الدولة إنّ هذا النص ينسجم مع الحقوق اللبنانية ويعلنون ذلك نعتبر عندها أنَّ لبنان استرد حقوقه في الترسيم والحفر"، فإن تقدماً حصل على أكثر من صعيد في هذا الملف، وتُرجم في تراجع حدة خطاب "حزب الله" من الحرب، وموافقته على ما يطالب به لبنان بعد تنازله عن الخط 29.
وبينما أكد ميقاتي من نيويورك أن "حزب الله" يدعم الموقف الرسمي اللبناني في الترسيم، قالت مصادر مطلعة على لقاءاته إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حذر من أي تحرك لـ"حزب الله"، حتى لو كان استعراضاً للقوة. وشدد على أن "واشنطن لن تكون قادرة على منع إسرائيل من رفض الرد ولن تكون قادرة أيضاً على احتواء الرد والسيطرة عليه".
الوساطة الاميركية تقترب من انجاز وثيقة اتفاق للترسيم، علماً أن إسرائيل تستعد للبدء بعمليات الحفر والتنقيب في حقل "كاريش". ويتمحور اقتراح الحل حول الخط 23 الذي حُسم في الوثيقة، علماً أن إسرائيل طلبت بأن يتم تعديل مسار هذا الخط في عمق المنطقة باتجاه لبنان وليس بالقرب من الساحل. وقد ضمنت إسرائيل بقاء حقل "كاريش" ضمن حدودها البحرية، بموافقة أميركية فيما يعمل الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين على تحديد المسار الحدودي النهائي في منطقة حقل "قانا" الواقعة شمال شرق "كاريش". ويبدو أن لبنان قد وافق على اقتراحات الوسيط الأميركي حول الخط 23، من دون أن يعرف ما إذا كانت هناك نقطة وسيطة جديدة للانطلاق في ترسيم هذا الخط، فيما الخلافات اللبنانية الداخلية حول ربط الترسيم البحري بالبري لن تقف في وجه تطبيق الاتفاق إذا وصل الى مرحلته النهائية، إذ أن لبنان أبلغ الوسيط الأميركي موافقته على المنطقة البحرية الآمنة ضمن الخط 23، بشرط أن تكون تحت سيادته. فيما المشكلة المتبقية تتعلق بالنقطة B1 حيث تطالب إسرائيل بعدم ربطها بالخط 23 وتريد أن يكون الانطلاق على بعد 6 كيلومتر من النقطة في عمق البحر، أو ما يسمى بـ"العوامات" وهي إشارات وضعها الإسرائيليون في العام 2000 عند خروجهم من جنوب لبنان، ويطالبون باعتبارها منطقة أمنية. لكن لبنان يرفض حتى الآن خطّ العوامات لأنه يقتطع مساحة بحرية تؤثر على الترسيم البرّي.
ووفق المعلومات عن مصادر متابعة أن هوكشتاين يريد تجاوز الخلاف حول النقطة B1 والسير نحو ابرام اتفاق عام يثبت مبدئياً حقل قانا للبنان وحقل كاريش لإسرائيل من دون نقطة انطلاق تُترك لمفاوضات تفصيلية، على أن يتاح التنقيب والحفر من الجهتين من دون احتمال مواجهة مباشرة، وهو أمر تسعى الإدارة الاميركية إلى انجازه خلال أقل من شهر. كل ذلك يتقدم ما لم تحدث تطورات محلية إقليمية تعوّق الحل، وف مقدمها تحوّل في الموقف الإيراني وتغيير في إسرائيل.
"النهار"- ابراهيم حيدر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|