شهادات الاعتقال والتعذيب في السجون الإسرائيليّة
"درج"
“متابعة أحوال المعتقلين تواجه تعقيدات بسبب ارتفاع أعدادهم بشكل كبير جدّاً في السجون كافة، وعدم سماح السلطات الإسرائيلية للمحامين بزيارتهم، كما يتم الاعتماد بشكل أساسي على رواية من يُطلق سراحه لتوثيق ما يجري داخل السجون.”
في اليوم الأول من العام الجديد، كانت والدة عبد الرحمن البحش تقلّب في هاتفها، حين بدأت تنتشر أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بمقتل ابنها المعتقل في سجن مجدو الإسرائيلي.
عبد الرحمن البحش أو “عبود” كما تحب عائلته أن تناديه، يبلغ من العمر 23 عاماً، ويعمل في مطحنة تعود الى أقارب العائلة في مدينة نابلس. اعتُقل في أيار/مايو 2022 وحُكم عليه بالسجن 35 شهراً بتهمة إطلاق نار ضد آليات عسكرية.
بحسب العائلة، كان عبد الرحمن بصحة جيدة ولا يشكو من أي أمراض، وموته في السجن لا سبب له سوى المعاملة السيئة حسب الأسرة التي تحمّل إدارة السجون الإسرائيليّة مسؤولية موت “عبود” وتتهمها بـ”قتله تحت التعذيب”.
يقول والد عبد الرحمن: “نحن كالمضروبين على رؤوسنا منذ ذلك اليوم، ونطالب باستلام جثمان نجلنا ليتسنى لنا دفنه”. وأردف، “زرناه 4 مرّات منذ اعتقاله ثم منعتنا السلطات الإسرائيلية من زيارته، وبعد اندلاع الحرب على قطاع غزة منعت الزيارات نهائياً”.
عبد الرحمن ليس حالة فردية، إذ تكررت حالات موت معتقلين وسجناء فلسطينيين في سجون إسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة. هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني قالا في بيان مشترك في الأول من كانون الثاني/ يناير 2024، إن إدارة سجون إسرائيل “اغتالت” عبد الرحمن باسم البحش في سجن مجدو، ليصبح القتيل السابع في السجون الإسرائيلية، بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكد البيان أن سجن مجدو “شكّل أحد السجون التي شهدت جرائم مروعة، وعمليات تعذيب ممنهجة بحق الأسرى بعد السابع من تشرين الأول”.
محكمة إسرائيليّة في الخضيرة، قررت فتح تحقيق في ظروف مقتل الأسير البحش بعد طلب تقدّم به محامي هيئة الأسرى، لفتح تحقيق فوري في ظروف موت البحش. كما وافقت المحكمة على طلب المحامي بالسماح لطبيب من طرف العائلة بالمشاركة في تشريح جثمان البحش. وفي إطار المداولات الأولية، تم تحديد موعد جلسة أخرى يوم 16/1/2024، لاستكمال المداولات في القضيّة.
شهادات مروّعة وجرائم بحق المعتقلين
تقول أماني سراحنة، مسؤولة في نادي الأسير الفلسطيني، في حديث لـ “درج”، إن متابعة أحوال المعتقلين تواجه تعقيدات بسبب ارتفاع أعدادهم بشكل كبير جدّاً في السجون كافة، وعدم سماح السلطات الإسرائيلية للمحامين بزيارتهم، كما يتم الاعتماد بشكل أساسي على رواية من يُطلق سراحه لتوثيق ما يجري داخل السجون.
تضيف سراحنة أن كل النداءات التي وُجهت الى الصليب الأحمر الدولي لم تجد نفعاً كما لم يتمكن بدوره من زيارة المعتقلين داخل السجون، ناهيك بأن الأدوار كافة المنوطة بالمؤسسات الدولية والحقوقية مجمّدة وأثرها غير واضح.التعذيب
ونوّهت سراحنة بأن المعتقلين يتعرضون لسلسلة من الانتهاكات، أخطرها “سياسة التجويع وعدم تقديم العلاج للمرضى أو أولئك الذين أصيبوا نتيجة تعرضهم للضرب والتعذيب داخل السجون أو مراكز التحقيق أو لحظة اعتقالهم”.
وشددت سراحنة على أن “شهادات التعذيب” أصبحت جزءاً من الرواية اليومية التي تردهم، وهو أمر لم تشهده مؤسسات المعتقلين منذ سنوات، التي وثقت مقتل 7 معتقلين ضمن فترة زمنية قصيرة جدّاً، ويأتي مقتلهم في إطار الإجراءات الانتقامية التي تنفَّذ بحق المعتقلين بعد السابع من تشرين الأول، “ما يعتبر عملية اغتيال عن سبق إصرار” على حد تعبيرها.
وأوضحت سراحنة أن ما يتعرض له المعتقلون من قطاع غزة يعتبر الأشد خطورة، فلا معطيات لدى مؤسسات المعتقلين حول أعدادهم أو ظروفهم أو أماكن احتجازهم، وحتى بعدما كشفت السلطات الإسرائيلية عن مقتل عدد منهم، لم تقدم أي معلومات حول عدد هؤلاء المعتقلين وهويتهم أو ظروف موتهم.
ضرب مبرح حتى الموت
مؤسسة “الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان” قالت لـ “درج”، إن السلطات الإسرائيلية تفرض، في كل حرب تشنّها على غزة، عقوبات جماعية ضد المعتقلين، تتمثل بمنع زيارة العائلات وإغلاق الكانتين وسحب القنوات التلفزيونية. لكن الإجراءات تضاعفت هذه المرة، تزامناً مع حملات اعتقال واسعة طاولت أطفالاً ونساء ومسنين وناشطين، وتحويلهم في غالبيتهم الى الاعتقال الإداري من دون توجيه تهم بحقّهم.
أضافت المؤسسة أنه منذ السابع من تشرين الأول، مُنع الصليب الأحمر من زيارة المعتقلين بشكل كامل، وفُرضت عراقيل على زيارة المحامين والمؤسسات الحقوقية لهم، وسحبت إنجازات الحركة الأسيرة كافة التي تحققت في مراحل نضالية سابقة، مع تخوّف من استمرار هذا التشديد بعد انتهاء الحرب.
تطرقت “الضمير” الى تفاصيل الاعتداءات التي تحصل أمام أعين إدارة السجون، إذ يُضرب الأسرى بشكل مبرح، ما أدى إلى مقتل عدد منهم. وحسب التقرير الأولي لتشريح جثمان عدنان مرعي، الذي فارق الحياة في سجن مجدو بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، هناك علامات ضرب وكدمات على جسده.
وأشارت المؤسسة إلى أن أعداداً كبيرة من المعتقلين الذين أطلق سراحهم، أدلوا بشهاداتهم حول السياسات الجديدة التي تنتهجها إدارة السجون. لكن كالمعتاد، تعتبر “المحكمة العليا الإسرائيلية أن ما يجري غير مخالف للقانون”، رافضةً كل الالتماسات التي قُدِّمت، مقابل إقرار قوانين كثيرة وإجراء تعديلات على القوانين غير المنصفة بحق المعتقلين.
وفي ما يخص المعتقلين من قطاع غزة، قالت “الضمير” لـ درج “: تم توثيق عشرات حالات الاعتقال لأطفال ونساء ورجال ومسنين، وتظهر الفيديوات تعرّضهم للاعتداء بوحشية. وحتى الآن، لم يوثّق الصليب الأحمر الأعداد الصحيحة”.
وتابعت “الضمير” أنها علمت من معتقلين أُطلق سراحهم، أن المعتقلين من غزة “محتجزون لوحدهم، ويعيشون ظروفاً قاسية جداً وهم موجودون في أماكن ضيقة جداً كالأقفاص، والطعام الذي يقدم لهم قليل جداً”، كما أكدت المؤسسة أن الشهادات التي وثقتها “مروعة، وليس بإمكان المؤسسات الحقوقية أن تحصل على معلومات دقيقة”.
الإخفاء القسري
في ظل فرض العزل التام على المعتقلين (وتحديداً أولئك القادمين من قطاع غزة)، ومنع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمحامين من الزيارة، كشف مقال نُشر في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن طبيعة المعاملة في السجون الإسرائيليّة، مشيراً إلى “الجرائم الفظيعة المرتكبة بحق المعتقلين من الرجال والنساء”، خصوصاً في معسكرات الجيش “سديه تيمان” و”عناتوت”.
وأشار المقال إلى عدد من المعتقلين الذين ماتوا داخل معسكر “سديه تيمان” من دون التمكن حتى الآن من معرفة أعدادهم وأسمائهم. فالمعتقلون يعانون ظروفاً قاسية جداً، إذ “يبقون مقيدي الأيدي ومعصوبي العينين طوال الوقت، وهناك عدد من الأطفال والشيوخ داخل المعسكر، ينامون على فرشات رقيقة جداً على الأرض، إضافة الى نساء محتجزات في معسكر عناتوت”.
ووفق رصد مؤسسات فلسطينية مسؤولة عن شؤون المعتقلين، فإن أكثر من 40 معتقلة من قطاع غزة موجودات في سجن الدامون، بينهن طفلات وأمهات ومسنات، بينهم معتقلة مسنة تجاوزت سن الثمانين وتعاني من الألزهايمر. كما تُعزل المعتقلات في سجن الدامون بعيداً من باقي المعتقلات في الغرف الأخرى ومن العالم الخارجي، عبر منعهن من لقاء المحامين. وتقدّم لهنّ كميات طعام ضئيلة جداً وبنوعيات رديئة، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة والتنكيل بهن، إذ نُقلت 5 منهن إلى جهة لا تزال مجهولة.
منذ بدء حملات الاعتقالات العشوائية في القطاع، عمدت السلطات الإسرائيليّة إلى تطويع القانون لتسهيل عملية إخفاء المعتقلين قسراً من خلال إصدار قرارات وتعديلات قضائية عدة تتيح للقضاة المتواطئين مع قرارات الحكومة، العمل على إخفاء المعتقلين قسراً وبمسوغات قانونية. فبعد تفعيل ما يسمى “قانون المقاتل غير الشرعي”، أقرت تعديلات عدة تتيح إصدار أمر باحتجاز” المقاتل غير شرعي” لمدة 45 يوماً بدلاً من 7 أيام، وأن تتم المراجعة القضائية خلال 75 يوماً بدلاً من 14 يوماً، كما أتاحت التعديلات القضائية منع المعتقلين من لقاء محاميهم لمدة 180 يوماً.
يعتبر حقوقيون أن هذه التعديلات شكل من أشكال الإخفاء القسري، وتهدف بشكل أساسي إلى منع المحامين من رصد وتوثيق الجرائم والانتهاكات بحق المعتقلين الذين يتعرضون لأبشع ظروف الاحتجاز وأصعبها.
وبلغت حالات الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول في الأراضي الفلسطينية أكثر من (5500)، من بينهم (355) طفلاً/ة، و(184) من النساء، وتشمل الأراضي المحتلة عام 1948. وتوضح الحصيلة أن نسبة حملات الاعتقال في الثلاثة أشهر الأخيرة من العام تشكّل نصف حصيلة حملات الاعتقال خلال عام 2023، فيما لم تشمل هذه الحصيلة عمليات الاعتقال التي نُفّذت بحقّ المواطنين من غزة بعد السابع من تشرين الأول، والتي شملت نسبة كبيرة من المدنيين والعمال، كما لا تتوافر للمؤسسات معطيات دقيقة عن المعتقلين من غزة الذين ما زال مصير الكثيرين منهم مجهولاً.
مصطفى إبراهيم - حقوقي فلسطيني
يجمع الكاتب مصطفى ابراهيم، النازح في رفح من قطاع غزة، شهادات أشخاص اعتقلهم الجيش الإسرائيليّ، أشباه العراة الذين لم يُعرف عنهم خبر لحين إطلاق سراحهم. يصفون ما شهدوه في رحلة الإذلال التي اختبروها منذ اعتقالهم حتى إطلاق سراحهم.
هنا حكاية خليل الوليد، المُسعف الذي حاول تفادي الاعتقال، لكنه فشل، لينتهي به الأمر لمدة 40 يوماً بين السجون و”الأقفاص” أمام أجهزة كشف الكذب والحبوب المهلوسة.
ما زالت صور اعتقال الفلسطينيين وإذلالهم في قطاع غزة تُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وقوانين الحرب، تبرره إسرائيل بشبهة “الانتماء الى حماس”، لتقود المعتقلين إلى معسكرات اعتقال مجهولة، يختبرون فيها أنواع التعذيب والإذلال حسب التقارير الصحافيّة، ناهيك بموت بعضهم.
لا يستطيع المعتقلون التواصل مع العالم الخارجي، إذ تمنع إدارة السجون دخول المنظمات الدولية والمحامين وأقرباء المعتقلين، ليكون مصدر الشهادة الوحيد، المعتقلين الذين أفرج عنهم. ناهيك تفعيل ما يسمى “قانون المقاتل غير الشرعي”، الذي يتيح إصدار أمر باحتجاز” المقاتل غير الشرعي” لمدة 45 يوماً بدلاً من 7 أيام، وأن تتم المراجعة القضائية خلال 75 يوماً بدلاً من 14 يوماً، ومنع المعتقلين من لقاء محاميهم لمدة 180 يوماً.
الشهادة التالية وثقها الكاتب والناشط الحقوقي مصطفى ابراهيم، كتبت كلها بضمير المتكلم، وتم تحريرها وإعادة ترتيب الضمائر للضرورة الصحفية، كل ما ورد فيها من وصف، وتفسيرات، وإحالات وأحداث يعود لخليل الوليد.
الهروب من القناص
يعمل خليل الوليد مُسعفاً في جمعية صحيّة، هو من سكان مدينة غزة، متزوج وأب لثلاثة أطفال. يروي لنا خليل تفاصيل اعتقاله، ومحاولاته تفادي الاعتقال، وما تعرض له حين تمكّن الجنود الإسرائيليون من الإمساك به ومراحل التحقيق والاتهام.
في 13/11/2023، نحو الساعة 10:00 صباحاً، قابل خليل صديقه الدكتور مروان في حي تل الهوى في مدينة غزة، وكان يرتدي زي المسعفين الذي لا يثير اللبس، مريول أبيض عليه خطوط صفراء وإشارات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كما كان يحمل حقيبة إسعاف أولي.
اتّجه الطبيب مروان والمسعف خليل إلى تل الهوى، لمتابعة جروح 3 مصابين نتيجة القصف الإسرائيلي. بعد الانتهاء من متابعة جروح المصابين، سار الاثنان معاً باتجاه ملعب برشلونة في حي تل الهوى.
بعد نحو ساعة، وصل الاثنان إلى شارع الصناعة، وفي الجهة الشرقية لملعب برشلونة، سمع خليل صوت إطلاق عيار ناري أصاب صديقه الدكتور في بطنه، يقول خليل: “نظرت باتجاه الغرب، مصدر إطلاق العيار الناري، ولاحظت وجود جنود إسرائيليين في عمارة سكنية غرب ملعب برشلونة. وفي غضون ثوانٍ معدودة، أطلق الجنود الإسرائيليون من القناصة عياراً نارياً آخر (ثانياً) أصاب الدكتور في رأسه، فسقط على الأرض وظلّ ينزف حتى مات”.
واصل القناصة إطلاق النار تجاه خليل، فاختبأ خلف مقطورة (شاحنة) كانت متوقفة في المكان، ولم يتعرض للإصابة. أثناء اختبائه، سمع ضجيج مرور الدبابات الإسرائيلية، التي كانت تطلق نيران رشاشاتها وقذائفها المدفعية.
بقي خليل خلف الشاحنة حتى الساعة 01:00 فجر اليوم التالي/14/11/2023، وتمكن بعد ذلك من قطع شارع الصناعة زحفاً، ودخل شقة في الطابق الثاني في عمارة سكنية خالية، ومكث فيها حتى منتصف الليل(15/11/2023)، حينها سمع صوت انفجارات متتالية، وشاهد وهجاً أحمر أضاء المكان تبعه صراخ.
على سطح الفيلا
اقتحم الجنود العمارة التي اختبأ فيها خليل، وفجّروا أبواب الشقق، بما فيها باب الشقة التي كان فيها، فاختبأ في خزانة الملابس. فتّش الجنود الشقة، ولم يعثروا على خليل.
بعد خروج الجنود من العمارة، أطلقوا تجاهها القذائف والقنابل الحارقة، فاشتعلت فيها النار، خرج خليل من الشقة باتجاه المصعد الكهربائي الذي سقط في الطابق السفلي.
مكث خليل في الفيلا بعض الوقت، ومن التعب نام حتى الظهر، ثم صعد إلى سطح الفيلا، حيث شاهد خيماً لجنود إسرائيليين وحولها عدد كبير من الدبابات والآليات، فنزل عن السطح وأرسل رسالتين نصيتين من جواله لزوجه ومدير الجمعية التي يعمل فيها وأخبرهما بالظروف التي يمر بها.
في نحو الساعة 03:30 مساء يوم الأربعاء/15/11/2023، اقتحم الجنود الإسرائيليون الفيلا وهم يطلقون النار، ووصلت أضواء الليزر إلى حيث اختبأ خليل فبدأ بالصراخ : “ريجا.. ريجا” أي توقفوا بالعبرية، و “اتسيلو…أتسيلو”، أي النجدة.
توقف الجنود عن إطلاق النار، وطلب منه أحد الجنود خلع ملابسه، باستثناء اللباس الداخلي السفلي (بوكسر)، والركوع على ركبه والنظر إلى الأرض. يقول خليل: “قيدني الجنود بقيود بلاستيكية خلف ظهري، ووضعوا عصبة على عينيّ، ثم خرجوا بي من الفيلا إلى منزل آخر”.
حين رفعوا العصبة عن عيني خليل، وجد نفسه في منزل يحوي حوالى 20 جندياً يرتدون زياً أخضر اللون مموهاً، ومن دون مقدمات ضربوه على جميع أنحاء جسده بأيديهم لبعض الوقت، ما تسبب في كسر بعض عظام الصدر.
الركل أمام جهاز كشف الكذب
يقول خليل إن الجنود أحضروا جهاز كشف الكذب، وأوصلوه بجسمه وسألوه عن سبب وجوده في المنطقة التي اعتُقل فيها، فأجاب سارداً كل التفاصيل. ثم سأله الجندي “هل أجريت اتصالات من جوالك؟”، قال خليل: “نعم”، فأصدر جهاز كشف الكذب صوتاً مميزاً، فضربه الجنود وصعقوه بالكهرباء.
صحّح خليل إجابته قائلاً: “لم أتصل من جوالي وإنما أرسلت رسالتين نصيتين لزوجتي ومديري في العمل”، وعلى رغم إجابته الصادقة، ضربه الجنود، ثم عرضوا عليه صور نفق، واتهموه بأنه خرج منه.
يتم “التحقيق” في المنزل، خليل محاط بالجنود، الذين قرر أحدهم بعد انتهاء “الاستجواب”، توجيه تهم عدة الى خليل، وهي: “خطف إسرائيليين وأميركيين، الانتماء إلى قوات النخبة في حماس، نقل معلومات عن الجيش الإسرائيلي، الوجود في منطقة قتال ممنوع الوجود فيها”.
أنكر خليل هذه التهم، فتعرض للصعق بالكهرباء 5 مرات بواسطة جهاز يحمله الجنود، الذين اعتدوا عليه بالضرب الشديد على جميع أنحاء جسمه. يقول خليل:” كان الألم شديداً بسبب كسور عظام صدري والجروح في رأسي، وعدم قدرتي على التحمّل، فاعترفت بكل التهم الموجّهة إلي”.
بعد اعتراف خليل، نُقل مقيّد اليدين خلف ظهره ومعصوب العينين ومن دون ملابس، (باستثناء اللباس الداخلي)، في ناقلة جنود، التي سارت نحو مكان مجهول، ثم توقفت. يقول خليل: “أنزلني الجنود على الأرض، ثم قاموا بضربي مرة أخرى، وبصقوا وبالوا عليّ أيضاً”.
الطريق إلى إسرائيل معبّد بالشتم والركل
أعيد خليل إلى ناقلة الجنود، التي كانت تسير ثم تتوقف عند مواقع تمركز جنود آخرين، وفي كل توقّف، كان خليل يتعرض للضرب، لينتهي به الأمر في منزل مدمر مكث فيه طوال الليل.
في المنزل المدمر، أجبر الجنود خليل على النوم على الأرض، حيث الزجاج المحطم وُركام المنزل المدمر. يضيف خليل: “كان الجنود يمشون فوقي، ما تسبب بجروح في أنحاء جسمي، وفي الصباح نُقلت في ناقلة الجنود إلى داخل إسرائيل”.
بامبرز وحبوب هلوسة
عُرض خليل على محقّق، عرّف عن نفسه بأنه محقق عسكري من فرقة جولاني، وأجبره على شرب حبة دواء، يصفها خليل بأنها “حبة هلوسة”، بوعد شربها مع كمية محدودة من الماء، طلب خليل شرب المزيد من الماء لكن المحقق رفض.
يتابع خليل: “ألبسني الجنود حفاظة (بمبرز) وأفرهول بني أو زيتي اللون، واستلقيت على سرير بعد وضع طوق من الحديد (أسورة) حول رأسي وقيود حديد في قدميّ استُخدمت لصعقي بالكهرباء في رأسي وقدميّ بشكل متقطع”.
بدأ المحقق يذكر كلمات محددة وينتظر من خليل الإجابة مثل (السلاح – حماس – المختطفين – الانفاق – 7 أكتوبر)، وعندما لم يرد أو لم تعجب المحقق إجابة خليل، كان يصعقه بالكهرباء.
يقول خليل وكأن “الحبة” أخذت مفعولها: “كنت أشعر بشيء غريب، كأنني أحلق في السماء،كنت غير واعٍ بدرجة كافية للرد على الأسئلة، وبقيت على هذا الوضع أياماً عدة، أجبر على شرب حبوب الهلوسة وأصعق بالكهرباء، وأتخيل نفسي في منزلنا وأنادي على أهلي”.
لم يقدَّم لخليل الطعام أو الماء، وبقي مرتدياً الحفاظة، ولم يشعر برغبة في الذهاب لدورة المياه، و بعد أيام عدة لم يستطع خليل تحديدها، نُقل إلى معتقل لم يتمكن أيضاً من تحديد مكانه أو اسمه بواسطة حافلة سارت ساعات عدة بينما خليل داخلها مقيد اليدين ومعصوب العينين”.
عُرض خليل على مجموعة من الأطباء داخل عيادة المعتقل (السجن)، لاحظ الأطباء حالة الإعياء التي كان فيها، فقرروا احتجازه من دون تحقيق لمدة يومين في غرفة من دون نوافذ وفيها سرير.
أول أمنية بالموت
بعد مرور اليومين، نُقل خليل الى التحقيق، وقف أمامه محققان، قال أحدهما إنهما من الشاباك، كان معهم 5 أفراد ملثمين، وقفوا خلف الكرسي الذي قُيدت إليه يداه خلف ظهره، بينما القيود في قدميه تثبّته في في أرجل الكرسي.
قبل بداية الاستجواب والتحقيق، أُجبر خليل على شرب حبة دواء (هلوسة)، ثم جذب الملثمون يديه الى الخلف بقوة لـ”شبحه”، يقول خليل “تسبب ذلك بألم شديد لي، فغبت عن الوعي لبعض الوقت، ثم بدأ استجوابي وتكررت الاتهامات لي بأنني أنتمي الى حركة حماس وعضو في نخبة القسام وشاركت في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر”.
أنكر خليل كل التهم، فشبح من يديه خلف الكرسي، يقول: “تمنيت الموت للراحة من الألم والعذاب، واستمر ذلك ساعات عدة على فترات متقطعة، بعد ذلك أخرجوني لساحة المقر لبعض الوقت ووضعوا قيوداً بلاستيكية في يديّ (عضاضة)، وكل ما أحرك يديّ تشتد القيود حولها، وهو ما سبب جروحاً فيهما لا تزال آثارها واضحة على المعصمين”.
أُعيد خليل إلى غرفة التحقيق، حيث “شبح” من يديه الى الخلف على طول باب الغرفة لساعات عدة، وبعد ذلك نًقل الى سجن قد يكون اسمه “إيتمار” حسب ما تعرف عليه بعض المعتقلين في ما بعد.
السجن الذي بقي فيه خليل عبارة عن أقفاص من الحديد، وكل قفص فيه حوالى 100 معتقل، ويحيط به سلك شائك، وكل المعتقلين مقيدو اليدين للأمام بقيود بلاستيكية ثم قيود حديدية، ومعصوبو الأعين.
يرتدي المعتقلون زياً موحداً رمادياً، ويحصل الواحد منهم على فرشة وبطانية، أما الطعام فـ 3 وجبات قليلة جداً، ولا تكفي شخصاً واحداً، وبصعوبة يُسمح للمعتقلين بالذهاب الى الحمام.
زيارة من “العصافير”
كان روتين السجن يتكرر بشكل يومي، من الساعة 05:00 صباحاً حتى الساعة 12:00 منتصف الليل، ويجبر الجنود خلالها المعتقلين على الجلوس على الأرض على ركبهم، ويمنعونهم من التحدث لبعضهم البعض طوال الوقت، يتخلل ذلك نقل غالبية المعتقلين الى التحقيق كل يومين.
في إحدى جلسات التحقيق، واجه خليل محققاً قال إنه من جهاز الموساد، وإنه حضر للتحقيق مع خليل بحجة تورّطه في خطف أجانب، بخاصة أميركيين. يقول خليل: “هددني بالقتل إذا لم أعترف، واعتدى علي عدد من المرافقين له بالضرب بأيديهم، ونقلوني إلى غرفة ثانية”.
في الغرفة، يصف خليل ما اختبره تحت تأثير حبّة هلوسة، من دون أن يعلم الحقيقة من الوهم قائلاً : “سمعت صوت إطلاق نار، وتمثل هروب للجنود الإسرائيليين، وسيطرة أفراد من حماس على المكان، ودخولهم الغرفة التي أوجد فيها، وسألوني عن الكتيبة التي أنتمي لها ومكان سكني و المسجد القريب مني”.
يقول خليل إنه كرر إجاباته السابقة، مؤكداً أنه يعمل مُسعفاً، ولا ينتمي الى حماس أو القسام، ويشير هنا إلى أن من “رآهم” يصنفون كـ”عصافير”، التسمية التي تطلق على عناصر استخباراتيّة في السجون الإسرائيليّة، مهمتهم خداع المعتقلين واستخراج اعترافات منهم.
البحث عن السنوار
يقول خليل إنهم تركوه، دخل بعدهم جنود ونقلوه إلي مكان آخر، حاوية حديدية (كونتينر) فيها محقق، لفت الى أنه من وحدة جولاني. ربط الجنود بعدها قدميّ خليل بجنزير ورفعوهما إلى السقف، ليتدلى رأسه الى الأسفل. يضيف خليل، “غمروني في وعاء فيه ماء، ومن العطش شربت كمية كبيرة من الماء، واستمر غمر رأسي في الماء لبعض الوقت، ثم شبحوني من يديّ وقدميّ بحيث لا تلامسان الأرض على سلك مشبك أمام غرفة التحقيق لساعات عدة، وبعد إنزالي أعادوني إلى الغرفة”.
في الغرفة، رسم المحقق سيارة إسعاف على الحائط، وطلب من خليل الذهاب بها لإحضار السنوار، زعيم حماس. فأجاب خليل: “لا يوجد بنزين في سيارة الإسعاف”، فصعقه المحقق بالكهرباء بواسطة جهاز كان يحمله. يتابع خليل: “مثلت قيادتي سيارة الإسعاف والتوجه الى حي تل الهوى في مدينة غزة، وبعد عودتي قلت له: السنوار ذهب إلى مصر”، ضحك المحقق وقال إنه سيذهب إلى حي النصر في مدينة غزة، ويحضر السنوار.
بعد ذلك، دخلت مجندة وأعطت خليل قطعة شوكولاته ثم أعادوه إلى “القفص”، وفي إحدى جولات التحقيق، أخرجوه إلى ساحة عارياً عدا الثياب الداخليّة السفلية، يقول خليل: “سكبوا ماء بارداً على جسمي، وشغلوا مراوح تجاهي فتجمدت من البرد”. يلفت خليل الى أنه أثناء وجوده في القفص داخل السجن، توفي أحد المعتقلين في القفص نفسه، وثار المعتقلون وحملوه، وهتفوا بأنه” شهيد التعذيب “، فاقتحم الجنود القفص الذي يوجد فيه والأقفاص المجاورة وألقوا القنابل الصوتية، واعتدوا على كل المعتقلين بالضرب بالهراوات.
تشييع داخل القفص ثم ركض نحو المعبر
بعد يومين، توفي معتقل ثان من ذوي الإعاقة (مبتور القدم) في قفص مجاور نتيجة الضرب الذي تعرض له على رأسه خلال اقتحام أقفاص السجن. وعلى الرغم من العصبة على عينيه، إلا أن خليل كان يلاحظ شبح معتقلين آخرين في البرد والمطر، سواء أثناء التحقيق معهم أو بسبب عقابهم لأنهم تحدثوا مع بعضهم البعض. يقول خليل: “كنت أسمع أسماء معتقلين ينادي عليهم الجنود للتحقيق أو للعقاب أو للشبح، ومن الأسماء التي سمعتها اسم الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء في مدينة غزة، والدكتور سيف الجمل، والدكتور عبد ربه الذي لا أعرف اسم عائلته”.
يؤكد خليل أنه تعرض للشبح على السلك مرتين بسبب حديثه مع معتقل بجواره، وفي آخر ليلة له في السجن، نادى الجنود على حوالى 30 معتقلاً، كان خليل من ضمنهم، نُقلوا بعدها في حافلة سارت بهم ساعات عدة، مقيدي اليدين والرجلين ومعصوبي العينين.
تعرض خليل ومن معه في الحافلة للضرب طوال الطريق، حتى وصلوا إلى معبر كرم أبو سالم في مدينة رفح، وبعد وصولهم طلب منهم جنود حرس الحدود جمع الورق وتنظيف ساحة داخل المعبر لبعض الوقت.
بعد التنظيف، قال لهم الجنود: أركضوا باتجاه الغرب، نحو نقطة للأونروا، وعندما وصلوا استقبلتهم موظفة في الأونروا من جنسية أجنبية، وقدمت لهم طعاماً وشراباً (أرز ولحوم وبسكويت وشكولاته وشاي وقهوة).
سار خليل ومن معه حتى وصلوا إلى معبر رفح، هناك قابلوا أفراداً قالوا إنهم من الأمن الداخلي، وسجلوا بياناتهم الشخصية، وسمحوا لهم بعدها بالذهاب، فصعدوا حافلة صغيرة أوصلتهم إلى مدينة رفح.
بعد وصوله إلى رفح إلى منزل بعض الزملاء، عرف أن التاريخ هو يوم 23/12/2023، وبذلك تكون فترة اعتقال خليل نحو 41 يوماً.
يجمع الكاتب مصطفى ابراهيم، النازح في رفح من قطاع غزة، شهادات أشخاص اعتقلهم الجيش الإسرائيلي وقام بإذلالهم، أشباه العراة الذين لم يُعرف عنهم خبر الى حين إطلاق سراحهم، يصفون ما شهدوه في رحلة الإذلال التي اختبروها منذ اعتقالهم حتى إطلاق سراحهم. هنا حكاية أبو محمد، العامل في البناء.
ما زالت صور اعتقال الفلسطينيين وإذلالهم في قطاع غزة تُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وقوانين الحرب، تبرره إسرائيل بشبهة “الانتماء الى حماس”، لتقود المعتقلين إلى معسكرات اعتقال مجهولة، يختبرون فيها أنواع التعذيب والإذلال حسب التقارير الصحافيّة، ناهيك بموت بعضهم.
لا يستطيع المعتقلون التواصل مع العالم الخارجي، إذ تمنع إدارة السجون دخول المنظمات الدولية والمحامين وأقرباء المعتقلين، ليكون مصدر الشهادة الوحيد، المعتقلين الذين أُفرج عنهم. ناهيك بتفعيل ما يسمى “قانون المقاتل غير الشرعي”، الذي يتيح إصدار أمر باحتجاز “المقاتل غير شرعي” لمدة 45 يوماً بدلاً من 7 أيام، وأن تتم المراجعة القضائية خلال 75 يوماً بدلاً من 14 يوماً، ومنع المعتقلين من لقاء محاميهم لمدة 180 يوماً.
الشهادة التالية تمسّ الكاتب والناشط الحقوقي مصطفى ابراهيم شخصياً، كونها عن أبو محمد، صديق طفولته في المدرسة. كُتبت كلها بضمير المتكلم، وتم تحريرها وإعادة ترتيب الضمائر للضرورة الصحافية، كل ما ورد فيها من وصف وتفسيرات وإحالات وأحداث يعود إما الى مصطفى ابراهيم أو أبو محمد.
خلال الفترة الماضية، التقيت عدداً من المعتقلين الذين أفرج عنهم من معبر كرم أبو سالم. ومن خلال مشاهدتي، كانت تظهر عليهم حالات الإعياء والتعب والإرهاق والمرض، ناهيك بآثار الضرب الواضحة على أجسادهم، واحد منهم كان أبو محمد، الذي أُفرج عنه في اليوم الخامس للهدنة 28/11/2023.
أبو محمد، رجل ستيني، (يعاني من إعاقة في النطق والسمع منذ الصغر)، وجاري في النزوح في رفح وزميلي في المدرسة الابتدائيّة. اعتُقل أبو محمد لمدة أسبوعين، أثناء عمله في البناء، من الشرطة الإسرائيليّة في مدينة رهط.
منذ وصول خبر اعتقاله، اتّصل ابنه الكبير الذي علم باعتقاله من أحد العمال الذين أفرج عنهم، وطلب مني المساعدة لمعرفة مكان وظروف اعتقاله، وقد فشلت جميع المحاولات للحصول على أي معلومات حول اعتقاله.
أخبرني أبو محمد بعد إطلاق سراحه، أنه نُقل من مدينة رهط إلى معسكر للجيش الإسرائيلي في مدينة القدس، كان معه المئات من المعتقلين، غالبيتهم من العمال الذين لم يتمكنوا من العودة إلى غزة.
قال لي أبو محمد إنه بمجرد وصوله إلى مبنى السجن وهو معصوب العينين ومقيد اليدين والقدمين، وُضع في إحدى الغرف. استُدعي لاحقاً الى التحقيق في ساعات الصباح وهو مقيدٌ ومعصوب العينين.
نُقل أبو محمد بعد انتهاء التحقيق إلى ساحة خارجية، ليعاني من البرد لساعات، وهو ما زال مقيداً ومعصوب العينين. تكررت جلسات التحقيق ثلاث مرات، وتمت بالطريقة نفسها. لكن بسبب سنّه، لم يتعرض للضرب.
أخبرني أبو محمد عن ظروف الاعتقال قائلاً، إن التجربة كانت قاسية، إذ لم يتوقف الجنود عن ضرب المعتقلين. وتعرض بعضهم، بخاصة الشباب، لتعذيب، واختبروا معاملة عنيفة ولا إنسانية.
يضيف أبو محمد أن “الغرف” كانت مُكتظّة بالمعتقلين الذين ناموا مُلتصقين ببعضهم البعض، وخُصصت لكل معتقل بطانية واحدة، ولم يوفروا لهم ملابس. كما حصل كل معتقل على أربعة سجائر، وثلاث وجبات طعام، لكن الكميّة لم تكن كافية.
حُرم المعتقلون من الاتصال الخارجي، ولم يعرف ذووهم أماكن احتجازهم، ومُنع التواصل مع المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية والفلسطينية، وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
فجر اليوم الخامس للهدنة، علم المعتقلون أنه سيتم الإفراج عنهم، فعُصبت أعينهم وقُيِّدت أيديهم الى الخلف، كما قُيدت أرجل كل اثنين مع بعضهما البعض.
ثلاث ساعات كان طول الرحلة من القدس إلى معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرقي رفح، بالقرب من معبر رفح، وفي الباص لم يتوقف الجنود عن الاعتداء بالضرب والسب والشتم على المعتقلين.
أبو محمد الآن لا يستطيع العمل، ولا العودة إلى منزله، هو زميلي في النزوح في رفح، وانتظار انتهاء الحرب.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|