تدهور مزمن: الطريق الدوليّ في ضهر البيدر يتصدع...و قرار عاجل بإقفال طريق آخر
أشارت بلدية بعبدات في بيان، الى انه "يهم البلدية احاطة المواطنين، بأنه حضر جهاز فني من وزارة الأشغال صباح اليوم وقام بالكشف على جسر العرعار طريق بعبدات مار موسى وتبين بأن الجسر المذكور متصدّع بشكل كبير وبات يشكل خطرًا على المواطنين والسلامة العامة، لذلك تم أخذ القرار بإقفال الطريق المذكور لكل السيارات الصغيرة والشاحنات أيضًا".
من ناحية أخرى،
نهار الأحد الفائت، 21 كانون الثّاني الجاري، أعلن وزير الأشغال العامة والنّقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حميّة، "حالة طوارئ لكل طرقات لبنان وليس فقط لطريق ضهر البيدر". وعلى قدر ما يبدو هذا الإعلان سورياليًّا حدّ الاستثناء، على قدر ما لم تكن سيرة أزمة البنى التّحتيّة والكهرباء والطرقات المتهالكة والمياه، وسرديّة الإنهيار الدراماتيكيّ لكل ما يتصل بمقومات الدولة البنيويّة، خبرًا استثنائيًّا. بل لعلّه النمطيّ والمُكرّر في لبنان الذي تصدق فيه كل الأخبار والأحداث المُرعبة ومنقطعة النّظير.
طريق ضهر البيدر
وحالة "طوارئ الطرقات" كما سمّاها حميّة، تمّ استشرافها منذ ما قبل حلول شتاء 2023 – 2024، وتحديدًا بعدما باتت أرقام الحوادث المروريّة المرتبطة برداءة الطرقات اللّبنانيّة وحدها (راجع "المدن")، دافعاً لصيانة الطرقات المهترئة، والتّي تفتقر إلى القدرة على استيعاب الزيادة المستمرة في حركة السّير وتشوهاتها.. من حُفر وطُرق غير مُعبدة. ولما كانت شبكة الطرق القديمة في يوم من الأيام قادرة على ضمان السّلامة والتسهيلات لحركة السّير والتّكيف معها (منذ عشرات السّنوات)، إلا أنها لم تعد تلّبي متطلبات الواقع الحاليّ الناتج عن النمو السّكاني المتزايد. وما غياب الصيانة لهذه الطرقات التّي شُقت بعضها في عهد الانتداب الفرنسيّ مطلع القرن الماضي، سوى مُحرّكٌ ديناميكيّ لهذا الانهيار.
وقد يكون طريق ضهر البيدر "الدوليّ"، النموذج الأبرز لهذا الإهمال المتراكم. فبعد الجرف التّرابي الهائل (انهيار الجبل المحاذي) في هذا الطريق وعلى مقربةٍ من "جسر النمليّة"، منتصف الشهر الجاري، الذي تسبب في زحمة سير خانفة، علّق فيها المواطنين لساعات، وتزعزع في البنى التّحتيّة للطريق الدوليّ المزدحم على مدار السّاعة، وما لحق ذلك من تحرك المديريّة العامة للأشغال في منطقة البقاع، التّي كان محافظ البقاع كمال أبو جوده قد أوعز لها القيام بدراسة فنيّة حول حالة طريق ضهر البيدر عمومًا منذ ما قبل وقوع الانجراف، وفقًا لتقارير صحافيّة.
وعوضًا عن اتخاذ إجراءات لإعادة تأهيل دعائم الطريق المتصدع، أو الجبل المحاذي له، والذي ينجرف لدى كل تساقط للأمطار والثلوج، قامت الوزارة والهيئات المولّجة، وكحلٍّ ترقيعي بوضع بعض العرائض البلاستيكيّة والصخور، بغية تحذير المواطنين من المرور. ويُذكر أن طريق ضهر البيدر هو ممرّ جبليّ يربط محافظة جبل لبنان بالبقاع، ودمشق ببيروت. وشريان حيويّ للاقتصاد اللّبنانيّ ولأهالي منطقة البقاع الأوسط والشماليّ.
غياب التّمويل؟
وتجدّدت الانهيارات على امتداد جسر "النمليّة"، حين انهار جزء آخر من حائط الدعم (المُشيّد منذ نحو ثمانين سنة) منذ يومين. ولحق ذلك إعلان الوزير الذي سبقه قرار محافظ البقاع، الذي منع بموجبه الشاحنات من سلوك طريق ضهر البيدر بشكل كلّي، عازيًا ذلك الى إنزلاقات جديدة حصلت في الطريق، وتبيّن أنها تقع على بعد كيلومترات قليلة من الإنزلاق الأول. وذلك بعد أن كان وزير الصناعة جورج بوشيكيان قد تواصل مع محافظ البقاع كمال أبو جوده، لحثّه على زيادة عدد الساعات التي يسمح فيها للشاحنات بسلوك هذا الطريق، بعد قرار اتخذته المحافظة منذ التصدعّات الأولى التي شهدها الطريق في الأسبوع الماضي، بالحدّ من ضغوط الشاحنات المضاعفة عليها.
وأكد وزير الأشغال خلال تفقده طريق ضهر البيدر، بعد أن شهد الانهيار الجديد لحائط دعم جسر النمليّة الذي يقع فوق الطريق، أن "الوزارة تتحمل المسؤولية كاملة في هذا الموضوع". وشدّد أنّه "إذا كانت موازنة الوزارة في العام 2024 أقل من 350 مليون دولار، فسنرى طرقات عدّة تنهار ولا قدرة للوزارة على صيانتها". وبذلك ربط الوزير الصيانة بتوافر الأموال، وإذ لم يتم تخصيصها فالانهيارات لم تعد في يدّ الوزارة.
انهيار جديد
لكن وبالرغم من هذين الإعلانين ظهر أمس الثلاثاء 23 كانون الثّانيّ الجاري، ظهرت تشققات أرضيّة على الطريق نفسه. والمشهد المُفزّع للطريق المشقوق إلى قسمين، دفع بجمعية اليازا للسلامة المروريّة لنشر بيان عبر منصة "إكس" قالت فيه: "في ظلّ عدم الاكتراث المزمن لأصحاب القرار لصيانة الطرقات الدولية، فإن اليازا تطالب المجلس الأعلى للسلامة المرورية للانعقاد برئاسة رئيس مجلس الوزراء، للبحث في صيانة الطرقات الدولية. وتطلب من المجلس ومن حكومة تصريف الأعمال ومن المجلس النيابي، ضمن إطار سلطته الرقابية، مناقشة وتقييم فعالية صرف قرض البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار أميركي نقدًا". وأضافت: "صرف هذا المبلغ 200 مليون دولار من دون تأمين صيانة الطرقات الدولية، هو أمر غير مقبول على الإطلاق، وينبغي أخذ العبر منه كي لا يقع المسؤولون بهكذا أخطاء جسيمة في المستقبل".
بينما أشار وزير الصناعة جورج بوشكيان في حديث إلى إحدى الإذاعات المحليّة إلى "أولوية صيانة هذا الطريق بصفته الشريان الحيوي للمنطقة"، مشيراً إلى أن "هذه المشكلة مزمنة وقد تمت إحالة الملف إلى النيابة العامة". ووصف الوضع بـ"الكارثي"، محذراً من "مشكلة إهمال صيانة الطرق". وأوضح أن "الورش التابعة لوزارة الاشغال تمكنت من فتح طريق ترشيش كتحويل موقت في ظل ما يحصل".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|