الصحافة

هل تُشكّل عودة الحريري نقطة تحوّل مستجدّة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

فيما تبدو المنطقة على برميل بارود ربطا بما يجري في غزة وامتدادا الى الجنوب اللبناني فالهجمات على القواعد الاميركية في العراق وسوريا بالاضافة الى اعتداءات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الاحمر ، تخفت او تتراجع كل المساعي لاعادة الانتظام الى الحياة السياسية فيما برز نشاط سفراء مجموعة الدول الخماسية الاسبوع الماضي بمثابة تحد كبير امام عواصم دولهم ازاء امكان النجاح من عدمه. هذا التحدي سيتواصل في قابل الايام على رغم عدم وجود مقدار كبير من التفاؤل ربطا بتطورات المنطقة واسترهان لبنان لاجندات اقليمية اكثر من اي وقت مضى. ومن المرجح ان يضيف الى الرهان على هذا التحدي في ظل جدية اكثر حزما تظهرها الدول المعنية ، رهان اخر من جانب مراقبين سياسيين يتمثل في العودة المرتقبة للرئيس سعد الحريري الى بيروت في الذكرى ال ١٩ لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط علما ان الرئيس سعد الحريري كان علق نشاطه السياسي قبل سنتين تماما في 24 كانون الاول 2022.

وقد اظهر تعليق الحريري عمله السياسي وعمل تياره كذلك اختلالا هائلا في التوازن الطائفي والسياسي في البلد بحيث ان مدة عامين كشفت عدم امكان ملء هذا الاختلال او معالجته وعدم امكان الاستمرار من دونه فيما انه كان محورا لتحالفات طائفية كانت تستهدفه لغايات ومصالح شخصية ولكن ايضا لاهداف ومصالح اقليمية . واستثمار عودته المرتقبة الى اكثر من مجرد احياء ذكرى اغتيال والده يبقى مرتبطا بجملة اعتبارات اقليمية ومحلية بالمقدار نفسه وعلى نحو يحتمل ان تشكل هذه العودة اذا صح انها قد تتجاوز في المرحلة المقبلة رمزيتها الى اكثر من ذلك ، عنوانا لتوافق اقليمي ومؤشرا الى ان كل المساعي الراهنة ستعلق نجاحها على امكان الاستفادة من المتغير او من نقطة التحول الجديدة التي يمكن ان تضاف الى الوضع الداخلي.

فهناك وعلى رغم كل الضباب الذي يحوط بطبيعة الاتصالات الجارية في المنطقة حوار سعودي ايراني في العمق وفق معلومات مصادر سياسية يتناول جملة امور حول التعاون في المنطقة ، ومن غير المستبعد ان يكون لبنان من بينها . ولا ينبغي اهمال او تجاهل اللقاء الذي عقده سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري مع نظيره الايراني في لبنان مجتبى اماني في هذا الاطار على رغم ان بخاري يوسع شأنه شأن دبلوماسيته مروحة اتصالاته ومساعيه لتشمل اطرافا متعددة كانت في موقع الخلاف سابقا .

لم يثر ما قاله النائب في "التيار الوطني الحر" الان عون في جلسة مناقشة الموازنة عن الحريري واستذكاره مدى المرونة السياسية التي يتمتع بها اهتماما يذكر انطلاقا من خلفية ان التيار وزعيمه التاريخي كما رئيسه كانوا من ابرز الاسباب الدافعة الى تيئيس الحريري وابعاده عن العمل السياسي وادى عدم التعاون المقصود والمتعمد معه ما بعد 2019 في تسريع انهيار البلد، في حين ان الان عون بالذات لم يكن من خصومه.

ولكن "الندم" على الحريري يشكل عنوانا لمسار مناقض للسابق لا يغيب عن لاعبي السياسة وقد فشلوا جميعهم في المساهمة في الدفع بزعامة سنية اخرى الى الواجهة من اجل التعاون معها وفشلت الطائفة السنية نفسها في ملء الفراغ الذي احدثه تعليق الحريري عمله السياسي فيما ان احدى ركائز قيام اتفاق او تسوية من اي نوع كانت وعلى اي مستوى تحتاج الى الركيزة السنية التي لا بد منها . وهذا يسري على الثنائي الشيعي على رغم تنسيقه وتعاونه مع الرئيس نجيب ميقاتي الى حد كبير لا بل انطلقت انتقادات قوية ضد الاخير لتبنيه موقف " حزب الله" من ربط الحل في لبنان بانهاء الحرب على غزة ، كما يسري في شكل خاص على الافرقاء المسيحيين على اختلافهم .

اذ في الجانبين الشيعي والمسيحي محاولة اجتزاء تعاون او تحالف ودعم في الوسط السني انما من دون القدرة على استقطاب الرأي العام السني الذي تلمس الدول العربية والخليجية صعوبة استثماره على نحو ايجابي في سياق الواقع الانهياري والانقسامات في لبنان. فلم يملأ احد الفراغ السياسي الذي خلفه الحريري ولا ساهم في انهاض بيئته او الطائفة السنية فيما هي مفتوحة على الاستغلال والتوظيف في ضوء ما شهدته التطورات الاحدث المتعلقة بالجنوب على سبيل المثال لا الحصر .

ثمة كثر في الاوساط السياسية على اقتناع بان العائق امام استئناف الحريري عمله السياسي يتصل باعتبارات اقليمية وسعودية تحديدا اكثر منها محلية من دون اهمال هذه الاخيرة او التقليل من شأنها . بعض المعلومات القليلة المتوافرة تتحدث عن علاقات متجددة تتحسن بين الحريري والقيادة السعودية وان هذه الاخيرة تعتمد سياسة واقعية جدا على نحو يتيح التركيز على تطور المملكة وانمائها.

وتزخيم مقاربتها اخيرا للوضع في لبنان بعد مرحلة ابتعاد على رغم مشاركتها في اللجنة الخماسية يبنى عليه على قاعدة احتمال متغيرات في هذه المقاربة لن تنجح ما لم تتم مقاربة الوضع لدى الطائفة السنية على نحو مختلف. وهذا ما يأمله او يتطلع اليه كثر من منطلق ان اي تسوية جديدة تفتقر الى الثقل السني الذي يمكن ان يلعب دورا محوريا ومؤثرا ستكون عرجاء وستترك انعكاسات خطيرة على البلد في حال صح انها يمكن ان تركب من دون هذا الثقل ، وهذا غير مرجح . ولذلك يقول المراقبون ان ليس انهاء الحرب على غزة ما يستمهل اعادة انتظام الوضع السياسي في لبنان بل احداث نقلة نوعية في الداخل اللبناني لئلا يبقى ميزان التوازن مختلا فيما يستأثر الثنائي الشيعي بالقرار علما ان تصحيح الامور قد لا يكون جاهزا للحصول غدا بل يحتاج الى المزيد من الوقت لكي تنضج جملة عوامل كذلك .

"النهار"-روزانا بومنصف

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا