المجتمع

محاولة ترحيل معارض سوريّ: تجارب مروعة لـ"العائدين" قسراً

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يزال إعلان النائب غسان حاصباني عن مبادرة جديدة تحت عنوان "كلّ مواطنٍ خفير"، منتصف الشهر الفائت، يتفاعل، مثيرًا الجزع في صفوف المجموعات اللاجئة، إزاء هذه المبادرة التّي تتضمن سلسلةً من الإجراءات المتاحة ضمن تطبيق سُميّ بـ"تبليغ"، حيث يُمكن لأي مواطن استخدامه للإبلاغ عن مخالفات قانونيّة، خصوصًا تلك التّي ترتكبها "الجماعات غير الشرعيّة" في الأشرفيّة والمناطق المحيطة. ويعمد المستخدم إلى التقاط صورة بهاتفه الجوّال، وبعد ذلك يحدّد نوع المخالفة من قائمة محدّدة، ثمّ يرسل البلاغ إلى مركز مخصص، يحيله بدوره  إلى السّلطات المختصّة لاتخاذ المقتضى القانونيّ، على قاعدة أن التّطبيق "يُمثّل آلاف العيون المراقبة باستخدام التّكنولوجيا".

وبصرف النّظر عن كون "المبادرة" آنفة الذكر، هي محاولة رديئة لاجتذاب الفورة الشعبيّة ومراكمة النفوذ والسّلطة وانتهاك الحقوق المقونن بحجة الإصلاح أو الأمن؛ فلا شكّ أنّها محاكاة للمقاربة التّي حاولت السّلطات اللّبنانيّة، ترسيخها طيلة العام السّابق، كنمطٍ من أنماط الدولة البوليسيّة/ الاستخباراتيّة، ولطرح سلوك  يبعث تاريخًا عابقًا بالفتنة والعنصريّة والشقاق الشعبيّ، لترقيع الفشل في صياغة أي حلٍّ أو سياسة لائقة للتعاطي مع ملف اللجوء السّوريّ.

ترحيل معارض سوريّ
وفي جديد الإجراءات الرسميّة التّمييزيّة وغير القانونيّة، ضجّت وسائل التّواصل الاجتماعيّ منذ أيام بقرار الأمن العام اللّبنانيّ بترحيل اللاجئ السّوريّ "ياسين محمد العتر" (31 سنة) إلى سوريا، وذلك بعد الإفراج عنه، بعد أن أمضى حكمًا بالسّجن 10 سنوات، (قضى منها 7 سنوات) بتهمة "الانتماء إلى عصابة مسلّحة، وتنظيم إرهابيّ"، وقد سبق وأصدرت محكمة التّمييز العسكريّة حكمها بحقّ العتر في حزيران 2022، وقرّرت في كانون الأوّل 2023، إخلاء سبيله مقابل كفالة ماليّة تبلغ 300 مليون ليرة لبنانيّة ومنعه من السّفر.

وقرار المحكمة القضائيّ بمنعه مع السّفر، يوائم وضع عتر القانونيّ في سوريا، نسبةً لكونه معارضًا شارك في النشاطات المعارضة في الثورة السّوريّة، ويتحدر من عائلة معارضة أيضًا من مدينة القصير- محافظة حمص، وهو مطلوب للنظام السّوريّ، فيما لا يزال والده "محمد العتر" مخفيًا قسرًا ومحتجزًا لدى النظام؛ ويمنع القرار بالمقابل "الأمن العام" من ترحيله من لبنان، ضمن موجة التّرحيلات التّعسفيّة الأخيرة، سندًا إلى قانون مناهضة التّعذيب والحكم القضائيّ الصادر بحقه.

إلا أن الصادم، كان قرار الأمن العام، الأسبوع الماضي بترحيله، رغمًا عن الحكم. وقد راجت أخبار عن ترحيله بالفعل، وعليه تواصلت "المدن" مع المحامي محمد صبلوح، الذي تبلغ بقضيّة العتر، عبر الخطّ السّاخن التّابع لمركز سيدار للدراسات القانونيّة، الذي أشار بالقول: "رغم صدور قرار إخلاء السّبيل بقي العتر محتجزًا من قبل الأمن العام، بطريقةٍ غير قانونيّة، وقد تقدمنا بكتابٍ لمدعي عام التّمييز للتأكيد على خطورة تسليمه للنظام السّوريّ، خوفًا من الإخفاء القسريّ والتّعذيب والقتل، مرفقًا بقرار منع السّفر، وأبلغنا المفوضيّة بالوضع. ولدى محاولة الأمن العام ترحيله بناءً على  قرار مدير عام الأمن العام بالوكالة، تمّ التراجع عن تسليمه، وقد توقف مبدئيًا القرار بانتظار مدعي عام التّمييز لإصدار القرار النهائيّ".

واستطرد صبلوح، بتوجيه رسالة عبر "المدن"، قائلًا: "الغريب في الأمر أننا دائمًا نسعى لإبطال القرارات التّعسفيّة وغير القانونيّة، بحمل القضيّة وعرضها على الرأي العام، أكان في وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو في الإعلام، في حين يتوجّب على السّلطات أن تلتزم القانون جهارًا أو خفيّة. اليوم لدينا في لبنان مجموعات لاجئة ومهاجرة، حوالى العشرة بالمئة منها من المعارضين، فإذا سلمنا جدلًا أن الدولة تعتزم ترحيلهم خلافًا للنصوص القانونيّة، فلتراعي على الأقلّ وضعهم، فلتنسق مع الجانب التّركيّ، وترسلهم إلى شمال سوريا (مناطق سيطرة المعارضة)، على الأقلّ؛ أضعف الإيمان هو تجنيبهم ما فروا منه".

حملة التّرحيل والدهم المستمرة
هذا فيما تستمر عمليات الدهم الاعتباطيّ لمساكن ومخيمات اللاجئين السّوريّين على امتداد الأراضي اللّبنانيّة، وما يليها من اعتقال تعسفيّ وترحيل قسريّ للاجئين، وآخرها كان في 21 من كانون الثاني الفائت، حين داهمت قوة من مخابرات الجيش اللّبنانيّ مخيمات اللاجئين السّوريين في بلدة قبّ إلياس - قضاء زحلة. فصادر معدات اتصال بالإنترنت واحتجز سيارة من نوع "فان" شرعية، واعتقل لاجئاً من المخيم نفسه، يدعى خالد. ص. حيث تبين أنه تم ترحيله إلى سوريا قسرًا في اليوم ذاته. كما تعرض اللاجئ م. ج. للاعتقال التعسفي والضرب وسوء المعاملة، رغم أنه يمتلك أوراق إقامة شرعية، وذلك بسبب رفضه تفتيش هاتفه المحمول. وقد تم إطلاق سراحه في وقت لاحق.

عصابات خطف
وحسب ما نقلت تقارير حقوقيّة، فقد جرى وبحادثتين منفصلتين، اختطاف 13 لاجئًا سوريًّا في لبنان من بينهم نساء وأطفالاً. وفي الحالة الأولى، تم اختطاف لاجئ سوري يدعى "م.هـ" من قبل عصابة منظمة بعد استدراجه إلى بيروت بهدف تأمين طريق للهجرة إلى أوروبا، ثم نقله الخاطفون إلى منطقة وادي خالد الحدوديةّ، حيث تم تعذيبه وتصويره وهو عاري الجسد ومكبّل بالسلاسل. أرسلت العصابة مقاطع الفيديو إلى عائلته، مطالبة بفدية قدرها 15,000 دولار أميركي. أما في الحالة الثانية، فتم اختطاف 12 لاجئًا سورياً من بينهم أربع نساء وطفلين، من قبل عصابة تحمل اسم "شجاع العلي". حيث تم الاعتداء عليهم والتهديد بقتلهم. وطالب الخاطفون بفدية مالية قدرها 20,000 دولار أميركي. وتستمر عمليات التفاوض للإفراج عن المخطوفين حتّى اللحظة.

وقدرت أعداد المُرحلين بين 8 آلاف و12 ألف مُرّحل، كحصيلة لسنة 2023 الفائتة، والمعتقلين من دون أي سند قانونيّ، حوالى 1080. كل هذا وسط إجراءات بلديّة خانقة (راجع "المدن")، وانخفاض في التّمويل الأمميّ لميزانية الاستشفاء والتّعليم والدعم الماليّ والغذائيّ للاجئين. وإن كان من العصيّ إحصاء حالات الاعتداءات التّي طاولت اللاجئين في غضون هذه الفترة، فغالبية المُعتدى عليهم ومن غير الحاملين لأوراق إقامة أو الداخلين خلسةً على وجه التخصيص لم يقدموا أي شكاوى للأجهزة الأمنية والقضائيّة المولجة مخافة الاعتقال والتّرحيل. وقد شملت الاعتداءات حسب ما تُشير التقارير الصحافيّة والحقوقيّة غالبًا عنفًا وتعديًا لفظيًا وتهديدات وصلت في بعض الحالات للاعتداء الجسدي بالضرب وأحيانًا الاعتداء الجنسيّ على الأطفال والنساء.

مصير الضحايا بعد التّرحيل
وفي سياقٍ متصل، وعلى متن متابعتها الموصولة لأوضاع اللاجئين قدمت منظمة ACHR تقريرًا أعدّته وعنونته بـ" ماذا بعد ترحيل اللاجئين قسرًا من لبنان؟" تناول في مضامينه الحملة الأمنيّة ضدّ اللاجئين السّوريين في لبنان، رصدت فيه 1080 حالة اعتقال و763 حالة ترحيل بشكل غير قانونيّ، وانطوى على شهادات تصف التّجارب المرّوعة ما بعد التّرحيل على يد قوات الأسد والميليشيات المسلّحة، من اعتقال تعسفيّ وتعذيب وتحويل إلى الخدمة العسكريّة، والتّهديدات التّي تجعلهم غير قادرين على العودة إلى مناطقهم الأصليّة، ورحلة العودة إلى لبنان بالتّهريب مجدداً.

ويتضمن التقرير 13 شهادة للاجئين سوريين تم ترحيلهم قسرًا إلى سوريا معظمهم عاد إلى لبنان لاحقًا، وذلك من بين ما مجموعه 299 مقابلة أجراها فريق الباحثين الميدانيين في عام 2023. ومن بين حالات الترحيل الـ13، تم التأكيد على أن 10 منهم دخلوا بطريقة نظامية، وأحدهم كان يحمل إقامة نظامية. وبين هؤلاء اللاجئين أيضًا، إثنان قاصران وأربع من النساء. أيضًا 12 منهم مسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بصفة لاجئ. أظهر التقرير أن الأفراد الذين تم ترحيلهم قسرًا، والتي وثقها مركز وصول لحقوق الإنسان، قد ارتفعت بنسبة تصل إلى 496% في عام 2023، مقارنة بعام 2022 حيث تم توثيق ترحيل 154 شخصًا. كما ارتفعت نسبة الأفراد الذين تم اعتقالهم أو احتجازهم تعسّفيًا بنحو 384% في عام 2023، مقارنة بعام 2022، حيث تم توثيق 281 حالة. وشمل التّقرير إحصاءات أخرى وتفاصيل عن الحملة الأمنيّة والسّياسيّة لما سُميّ "بتنظيم اللجوء السّوريّ في لبنان" منذ نيسان 2023 حتّى الآن، ناهيك بتوصيات المنظمة لكل من الحكومة اللّبنانيّة والمفوضيّة والمجتمع الدوليّ والمانحين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا