لبنانيون عالقون في غزة… أين السفارة اللبنانيّة؟
"درج": جنى بركات - صحافية لبنانية
سجّل 33 لبنانياً في غزة معلوماتهم في السفارة اللبنانية في القاهرة، ومع عائلاتهم يرتفع العدد إلى 104 لكن لا يوجد إحصاء دقيق لعدد اللبنانيين المقيمين في غزة. هؤلاء عالقون أيضاً ولا يجدون سبيلا للخروج.
“صرلنا أكثر من شهر منتواصل مع السفارة اللبنانية بمصر حتى نطلع أمي اللبنانية من غزة بس لهلق ما صار إشي”، هذا ما قاله محمد أبو راس، نجل خديجة محمد رضا، لبنانية من بلدة مركبا في جنوب لبنان، العالقة في غزة منذ بداية الحرب لـ”درج”، أي بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة “حماس” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
خديجة رضا متزوجة من فلسطيني من غزة منذ عام 1995، ومذاك أصبحت مقيمة شمال القطاع، إلا أنها نزحت مع زوجها وأبنائها جراء القصف المتواصل والعنيف إلى مستشفى الأمل في خان يونس، والذي حاصرته إسرائيل منذ أكثر من عشرة أيام تقريباً، حيث يعمل ابنها سالم أبو راس مع الهلال الأحمر الفلسطيني.
المعارك في خان يونس بين “حماس” والجيش الإسرائيلي محتدمةٌ، ولا تنوي إسرائيل الانسحاب منها قبل فرض سيطرتها عليها. لذا، أجبر أهالي الغزة على النزوح مجدداً من خان يونس، التي زعمت إسرائيل أنها منطقة آمنة بداية الحرب، إلى مدينة رفح، التي تتشارك الحدود مع مصر.
تعيش عائلة أبو راس اليوم في خيمة في إحدى مناطق رفح، وهذا فقط ما يعرفه محمد عن مكان أهله، وفق ما أوضح لـ”درج”، بسبب صعوبة التواصل معهم كونه مقيماً في بلجيكا. ويبلغ عددهم 10، وهم بانتظار إشارة من السفارة اللبنانية في مصر.
السفارة اللبنانية: المشكلة مع إسرائيل
يحاول محمد مع شقيقه سالم التواصل مع السفارة اللبنانية منذ كانون الأول/ ديسمبر، حتى أن ابنة خالتهم المقيمة في لبنان تواصلت مع السفارة عبر البريد الإلكتروني، فطُلب منها إرسال جميع البيانات في 17 كانون الأول. وحتى اللحظة، لا يحصلون سوى على ردود ضبابية. فيما تحاول العائلة التواصل مع شخص من داخل السفارة، والذي يجيبهم بجملة واحدة: “انتظروا السفارة”. مع ذلك، قال محمد إنه لم يتلقّ أي اتصال من السفارة اللبنانية منذ بداية الحرب للاطمئنان على أفراد عائلته، ومعرفة ما إذا كانوا أحياء أو جرحى أو في أمان.
من جهتها، تدّعي السفارة اللبنانية أن إسرائيل هي من تعرقل خروج اللبنانيين من غزة، وهذا ما أكده السفير اللبناني لدى مصر، علي الحلبي، في اتصال هاتفي مع “درج”، إذ قال إنه على تواصل مع الخارجية المصرية، التي تشدد في كل مرة على أن إسرائيل ترفض عبور اللبنانيين إلى مصر ولا يعرف السبب وراء هذا القرار. والإجابة الأخيرة التي حصل عليه الحلبي من الخارجية المصرية كانت، حسب قوله، “لا وعود”.
قد يبدو هذا الموضوع غريباً، خصوصاً أن إسرائيل تسعى إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه، لذلك هي تدمّر وتقتل وتدفع السكان الى النزوح من الشمال إلى الجنوب، ومنها إلى مصر تمهيداً لخطة “الترانسفير” التي تطرحها إسرائيل على الحكومة المصرية مقابل تسديد جزء من ديونها، أي أن من مصلحة إسرائيل إخلاء غزة حتى تصبح في قبضتها.
كذلك، أبدى محمد استغرابه حيال ذلك لأنه تواصل، على سبيل المثال، مع إحدى شركات السياحة سعياً الى خروج عائلته من غزة، فطلبت منه 10 آلاف دولار أميركي للفرد الواحد مقابل الخروج بأمان من القطاع وعبور معبر رفح بشكل طبيعي. وأضاف: “إذا أنت تحكيلي في مشكلة بالجنسية وإسرائيل مش موافقة، كيف بنفس اللحظة في ناس تطلع مقابل مصاري وشو كانت جنسيتها ما بتفرق؟”.
الرحلة إلى المعبر
الانتقال إلى معبر رفح ليس سهلاً، حتى قبل الحرب أيضاً، وعلى رغم فتحه وإغلاقه في أوقات محددة لإجلاء مزدوجي الجنسية والأجانب، إلاّ أن هناك سلسلة من الإجراءات التي يجب اتباعها قبل العبور إلى مصر.
أولاً، يجب الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على الأسماء المفترض انتقالهم عبر المعبر، إذ ينبغي أن توافق على الأسماء وفقاً للبيانات المقدّمة، ولا يُسمح لمن لا ترد أسماؤهم العبور، وذلك بحسب كل من الحلبي ومحمد.
بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، يحدَّد موعد العبور، يتم التدقيق في الأسماء والهويات، وفي حال وافقت إسرائيل عليها يعبرون، وإن لم توافق فقد يكون القتل أو الاعتقال مصيرهم.
النجاة أو الموت
سجّل 33 لبنانياً في غزة معلوماتهم في السفارة اللبنانية في القاهرة، ومع عائلاتهم يرتفع العدد إلى 104، وفقاً للحلبي، لكن لا يوجد إحصاء دقيق لعدد اللبنانيين المقيمين في غزة، حتى منذ ما قبل الحرب.
لدى محمد صديق تونسي تواصل مع سفارته بعد تواصل عائلة محمد مع السفارة اللبنانية على حدّ قوله، فتم إجلاء صديقه خلال وقت وجيز، علماً أنه لا اتفاقية سلام بين إسرائيل وتونس، ما يشير إلى أن المشكلة لا تكمن في عدم التواصل مع إسرائيل مثلاً أو الاتفاق معها.
الجيش الإسرائيلي دمّر منزليْ عائلة أبو راس شمال قطاع غزة، إذ لم يبقَ منه شيء سوى بعض من الذكريات. أما محمد الذي كبر وترعرع في شوارع الحي واضطر لمغادرته لاجئاً إلى بلجيكا سعياً الى حياة أفضل، فقال بغصّة: “ما بقي إشي، البيت بس ناقصه هد”، مشدداً على أن والدته لن تغادر غزة من دون عائلتها، هذا في حال استطاعت الخروج منها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|