الصحافة

مع اشتداد الضربات الأميركية... لبنان "المقيم في المصيدة" على أعصابه!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع الفصل الأكثر تصعيداً في ما يُصطلح على تسميته بـ «لعبة القط والفأر» بين الولايات المتحدة وإيران وأذرعها، الذي شكّلته الموجةُ الأولى من «الضربات الانتقامية» الأميركية لمواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معه في العراق وسورية، بدت بيروت «على أعصابها» وهي ترصد الارتجاجاتِ المتماديةَ في إقليمٍ، لا أحد يريد التورط في جرّه إلى «المعركة الكبرى»، ولكنّ عناصر مثل هذا الانفجار تتراكم فوق «بركان غزة» الذي كلما اقترب من ترتيبٍ، ولو موقت، لإخماده تظهّرتْ التعقيداتُ العميقة التي بات لها تأثير أشبه بـ «الاحتباس الحراري» المانِعِ لتنظيم درجات السخونة في منطقةٍ يتمدّد فيها «قوس النار» فوق ساحاتٍ كأنها براميل بارود وفي مقدّمتها جبهة جنوب لبنان.

وغداة مباشرة واشنطن ضرباتها «الثأرية» رداً على مقتل 3 من عسكرييها على الحدود الأردنية - السورية، شخصتْ الأنظارُ على كيفية تلقّي طهران هذه «الرسالة» التي بدت محدَّدةَ «المكان والزمان» مسبقاً، وهل سيكون استخدام إدارة الرئيس جو بايدن «الخشونة الناعمة» معها - رغم إبقائها خارج «دائرة النار» – ومع أذرعها كفيلاً بتحقيقِ ردْعٍ يبدو بحسب أوساطٍ متابعة متناقضاً مع سقفِ «لا نريد الذهاب إلى حربٍ» والذي سلّفتْه أميركا باكراً لـ «الجمهورية الإسلامية» وظهرتْ معه في عملياتها أول من أمس وكأنها هي مَن التزمت بخط أحمر وضعتْه إيران حيال أي ضربةٍ لأهداف داخلها، عوض فرْض أن تلتزم الأخيرة بمعادلة «قتْل أي من الجنود الأميركيين خط أحمر».

وفي حين كانت «الجرعةُ» التي اختارتْها واشنطن للضربة، توضع في «الغربال»، من حلفائها في المنطقة وخصومها، كما في الداخل الأميركي حيث انهالتْ الانتقاداتُ لـ «الهجوم المتأخّر» والذي سبقتْه «برقية الى العالم، بما في ذلك إيران، تنبّه الى الردّ وطبيعته»، وللإفراط «في القلق العلني وإرسال الإشارات» وترْك الوقت الكافي لقادة من الحرس الثوري والمجموعات الموالية لإيران لـ إما المغادرة وإما إعادة التموْضع وتخلية مراكزهم لتقليل الخسائر البشرية، فإنّ المؤشرات الأولى بعد الضرباتِ في العراق وسورية لم تُعطِ انطباعاً بأن أذرع طهران اقتربتْ من تغيير سلوكها، رغم التعاطي مع إعلان الولايات المتحدة أن «هذه بداية، والردّ سيستمر في الأوقات والأماكن التي نختارها» على أنه في إطار رفْع الضغط على هذه المجموعات وجعْلها في وضعية دفاعية انكفائية على جبهةٍ بات مسارها واحداً: استهداف القواعد الأميركية ودعْم غزة.

وفي موازاة إعلان «المقاومة الاسلامية في العراق» مهاجمة قاعدة خراب الجير الأميركية في سورية، بعد تبني ضرب قاعدة حرير الجوية في اربيل (وهو ما نفاه مصدر حكومي في اربيل)، حملتْ إدانةُ «حزب الله» اللبناني «العدوان الأميركي السافر على العراق وسورية» إشاراتٍ بارزةً في تأكيده «نعتقد أنّ هذا العدوان الإجرامي يدفع الشعبين العراقي والسوري إلى التمسّك بنهج المقاومة ‏لتحرير بلديهما ‏من الاحتلال الأميركي ومواصلة دعم وإسناد قطاع غزة المظلوم حتى وقف ‏العدوان الصهيوني وإجرامه».

وإذ ذهبتْ بعض القراءات لمستوى الردّ الأميركي، الذي بدا منسوب «التردّد» فيه مرتفعاً، إلى ربْطه بعدم الرغبة في التأثير سلباً على المساعي المستمرة للتوصل الى صفقة لتبادُل الأسرى بين اسرائيل و«حماس» مع وقف القتال لفترةٍ محددة، والتي ما زال يلفّ مصيرها الكثير من «الغبار» على قاعدة «الشياطين في التفاصيل» وإمكان أن يعرقلها بنيامين نتنياهو أو أن تُقدَّم له مثل هذه «الفرصة» على متن تصعيدٍ مفرط على جبهة غزة أو أي من «أخواتها»، فإنّ الخشيةَ في لبنان ارتفعتْ جراء ارتسام ملامح عملية فصْل قد تلجأ إليها تل أبيب بين أي هدنة في القطاع وبين المواجهات على الحدود مع لبنان على ما عبّر عنه أمران:

* كلام وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت خلال جولة له في المنطقة الشمالية عن أنه «إذا اعتقد حزب الله أنه عندما يكون هناك وقف لإطلاق النار في الجنوب، سيوقف إطلاق النار ونحن سنفعل ذلك أيضاً، فإنه بذلك يرتكب خطأ كبيراً»، مضيفاً «ما دمنا لم نصل إلى وضع يمكن فيه إعادة سكان الشمال بأمان، فلن نتوقف. عندما نصل إلى ذلك، إما من خلال تسوية أو بطريقة عسكرية، سنكون قادرين على أن نكون مطمئنين».

* تقارير اسرائيلية عن أن أي سماحٍ بعودة الجبهة مع لبنان إلى ما كانت عليه قبل 7 اكتوبر، ولو خلال أي هدنة في غزة، ستعني تمديد إقامة سكان مستوطنات الشمال خارج منازلهم، ما لم يتم بلوغ ترتيب، على البارد او الساخن، يجعل «حزب الله» يبتعد عن الحدود لمسافة كافية لتشكيل «منطقة أمان» بالنسبة إليهم (اقله بين 7 إلى 8 كيلومترات).

وفيما يعكس إرساء اسرائيل أرضية لـ «الفصل بين جبهتي لبنان وغزة» في أي «استراحة محارب» توافق عليها، أن «بلاد الأرز» ما زالت في «عين العاصفة» رغم الانطباع في دوائر قريبة من محور الممانعة بأن تل ابيب التي تهدّد منذ نحو 4 أشهر لن تقدم على «المغامرة الكبرى»، فإن هذا المناخ يجعل الحركةَ الديبلوماسية الغربية التي ستستمر تجاه بيروت تكتسب أبعاداً أكثر أهمية ولا سيما في ضوء بقاء جبهة الجنوب على «التهابها» مع مضي الجيش الاسرائيلي في استهدافات تدميرية لقرى وبلدات في جنوب لبنان وردّ «حزب الله» بعمليات ضد ثكن وتجمعات ومواقع لجنوده.

وفي موازاة الزيارة التي يبدأها وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن للمنطقة، فإن لبنان سيكون بعد غدٍ على موعد مع محطة لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في سياق جولته على عدد من دول الاقليم، في حين تقاطعت المعطياتُ عند عودةٍ وشيكة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين تبدأ من تل ابيب ولا يُستبعد أن تشمل بيروت مباشرةً أو بعد أيام، هو الذي كان في آخِر محادثات له مع المسؤولين اللبنانيين قدّم اقتراحاً لحل مرحليّ على قاعدة وقف العمليات عبر الجنوب وابتعاد «حزب الله» لبضعة كيلومترات، بمعزل عن مآلات الوضع في غزة - وذلك في انتظار إنجاز تَفاهُم بري يَعمل عليه منذ ما قبل «طوفان الأقصى» فيشكّل «المنصة» الواقعية لتطبيق القرار 1701 - ولكن عرضه رُفض في ظل إصرار «حزب الله» على ربط أي كلام عن تهدئة أو ترتيبٍ لليوم التالي في جنوب لبنان بوقف الحرب على القطاع.

وبرزت أسئلةٌ عما إذا كان التحرّك المرتقب لهوكشتاين يأتي في إطار مساعٍ متجددة لإحياء الطرح نفسه، ولكن هذه المَرّة مستفيداً من تَفاهُم محتمل على خط «حماس» واسرائيل حول صفقة تَبادُل وهدنة لأسابيع، رغم الاقتناع بأن أي جواب مُغايِر لن يحصل عليه باعتبار أن «حزب الله» أرسى تَلازُماً بين أي «كلمة» حول القرار 1701، جزئياً أو في شكل شامل، وبين إنهاء حرب غزة والتأكيد على أن الالتزامات الاسرائيلية الموجِبة هي الأكبر في هذا الإطار (انسحاب من أراضٍ محتلة لبنانية ونقاط متنازَع عليها ووقف الخروق البرية والبحرية والجوية)، وهو الموقف الذي غطاه لبنان الرسمي.

ولم يكن عابراً عشية وصوله الى بيروت، أن يعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن سيجورنيه «سيشدد خلال جولته مع محاوريه على الحاجة الى ايجاد حل ديبلوماسي بين لبنان واسرائيل وسيعبّر عن رسالة تدعو الى ضبط النفس لجميع الأطراف». وإذ حذر «جميع المراهنين على تصعيد التوترات في المنطقة»، قال: «كما تعلمون تشعر فرنسا بقلق بالغ إزاء الوضع على الحدود بين لبنان واسرائيل، ونحن ما زلنا ناشطين وسنستمر حتى لا يزداد الوضع سوءاً».

وكانت سفارة المملكة المتحدة في لبنان وزعت بياناً عن خلاصات محادثات وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في بيروت يوم الخميس موضحة أنه «أثار مخاوفه من التوترات المتزايدة على طول حدود لبنان مع إسرائيل وشدد على التزام المملكة المتحدة بدعم وقف تصعيد العنف».

وأفاد البيان أن كاميرون«رأى خلال زيارته إلى قاعدة رياق الجوية العسكرية في البقاع، عَمَلَ المملكة المتحدة ولبنان معاً بشكل وثيق لتوفير التدريب لأفواج الحدود البرية الأربعة. وأكد من جديد على الشراكة الطويلة الأمد والفخورة مع الجيش اللبناني، وقال إن المملكة المتحدة تعمل للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومنع أي تصعيد إقليمي مدمر».

وقال السفير البريطاني في لبنان هايمش كاول إن كاميرون شدد في لقاءاته «على ضرورة وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701. وهذا أمر بالغ الأهمية إذا أردنا أن نرى حلا طويل الأمد للسلام».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا