محليات

إلى مسؤولي لبنان... حبّذا لو "تخرّفون" مثل بايدن فتكشفون عمليات الاحتيال...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا مجال للمقارنة طبعاً، ولكننا لا نظنّ أن الاقتصاد الحرّ، والنظام الليبرالي، والمبادرة الفردية... بنسختها اللبنانية، مهمّة أو مُستحقّة للتوقّف أمامها كثيراً، كما هي عليه الحال في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً.

الوجبات الخفيفة

ورغم ذلك، وبمعزل عن أي كلام سياسي أو ذات أهداف سياسية لجذب الناخبين في العام الانتخابي الرئاسي في أميركا، فإننا نستمع الى الرئيس الأميركي جو بايدن يدعو شركات الوجبات الخفيفة في بلاده الى وقف الانكماش الحاصل، عبر تقليص حَجْم المنتجات مع إبقاء الأسعار ثابتة، واصفاً هذه الممارسات بأنها عملية احتيال.

وتحاول بعض الجهات الأميركية الرسمية مراقبة واحتساب مدى انتشار مثل تلك السّلع، ونِسَب عدم الالتزام بمعايير مهمّة للشفافية على مستوى تحديد الأسعار والأوزان... وذلك تمهيداً لتفعيل آليات محاسبة الشركات.

ويأتي كلام بايدن منسجماً مع دعوات أميركية مستمرّة منذ أكثر من عامين لتخفيض أسعار المتاجر الكبرى، وأسعار عدد من السلع.

فقبل أشهر مثلاً، شنّ الرئيس الأميركي حملة لملاحقة شركات الأدوية الكبرى، داعياً إلى التفاوض مع الحكومة الفيدرالية لخفض أسعار 10 أدوية بحلول عام 2026، ومنها تلك الأكثر استخداماً والباهظة الثمن مثل أدوية أمراض القلب، والسكري بما فيها الإنسولين، و(أدوية) علاج الجلطات، والسكتة الدماغية، وأمراض المناعة، وهي سلع تكلّف الأفراد وبرامج الرعاية الصحية مبالغ بقيمة مليارات الدولارات سنوياً.

كما لفت بايدن مراراً الى ضرورة فرض ضرائب على شركات النفط ومعاقبتها، لكونها تستغلّ بعض الظروف لرفع الأسعار، ولجني الأرباح الهائلة على حساب الناس.

هذه كلّها أمور تصل الى حدّ العمل على فرض ضوابط رسمية على الأسعار وحرية الأسواق، في أكبر بلد للحريات الاقتصادية وغير الاقتصادية في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية.

وبمعزل عن الانتقادات الداخلية والخارجية لإدارة بايدن بسبب تلك الأمور وغيرها، نسأل عن سبب غياب أي حديث من هذا النوع في لبنان، حيث لا يمكن الحديث مع أي تاجر، أو مع أي مسؤول عن أي شركة... بحجة الاقتصاد الحرّ، وهوية لبنان الاقتصادية، فيما كل شركة لبنانية هي دولة قائمة بذاتها، وحيث كل قطاع هو دولة بذاتها أيضاً، وسط فوضى هائلة يدفع ثمنها أضعف ضعفاء البلد، في دولة أوقفت الدعم عن كل شيء، وجلست "تتشمّس" تحت أشعة الأزمة الاقتصادية والمالية كحجة لعدم دعم المحتاج بشيء، ولترك أبواب الفساد والسرقات مُشرَّعَة.

أشار الكاتب والباحث في الشؤون الاقتصادية زياد ناصر الدين الى أن "الأحوال في لبنان كانت في الماضي مزيجاً بين اقتصاد حرّ، واقتصاد مدعوم، واقتصاد ذات بُعْد اشتراكي على مستوى التقديمات الاجتماعية. ولكن كان ذلك يتمّ على حساب الاقتصاد والدولة، بمعنى أن الشركات الخاصة حقّقت أرباحاً هائلة دفع ثمنها المواطن اللبناني والدولة اللبنانية باقتصادها".

وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أنه "عندما تسمح دولة لشركات بأن تعمل على أراضيها، فيجب أن يحصل ذلك ضمن القوانين الصادرة عنها، وبما يمنحها امتيازات معيّنة تمكّنها من التأثير لجعل الكلفة أقلّ. وبالتالي، كان يتوجّب على الدولة اللبنانية أن تفرض ضرائب تحاكي نِسَب الأرباح الكبيرة التي تجنيها الشركات".

وأكد ناصر الدين أن "الاقتصاد الأميركي يُعتبر الأكبر عالمياً، ولديه أكبر ناتج محلي في العالم بقيمة 21 ألف مليار دولار. ولكن ديونه وصلت الى 31 ألف مليار دولار، وهي أعلى نسبة ديون هائلة عالمياً بالنسبة الى اقتصاد بهذا الناتج. وبالتالي، إذا أردنا قياس الأرباح، نجد أن تلك التي تعود الى الشركات أصبحت هائلة جدّاً، وبدأت تتحكم بالاقتصاد في شكل أكبر حُكماً، ومن دون أن تأخذ في الاعتبار مستوى الدخل الفردي".

وأضاف:"أرباح شركات الأدوية، والسيارات، والتكنولوجيا العاملة بمجالات الشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعي تحصد أرباحاً كبيرة جداً أيضاً، ولا تأخذ في الاعتبار القدرات المتوفرة للأفراد والدخل الفردي، وإمكانية تكبير الاقتصاد والناتج المحلي في الدول. وبالتالي، صارت الشركات تتحكّم بالقرار السياسي، وحتى بذاك الإداري المرتبط بالضرائب. ولهذا السبب، رأينا أن الولايات المتحدة كانت أول من ابتدع الضريبة التصاعدية، التي تُعتبر نظام ضريبة مهمّ وناجح جداً، باعتبار أن أي شركة تُصبح مُجبرة على دفع ضرائبها بقدر أرباحها. وهذا إذا أُقرّ في لبنان، سيكون الإصلاح الضريبي الأهمّ على الشركات".

ولفت ناصر الدين الى أن "الأزمات والصدمات العالمية، سواء كانت وبائية كما حصل خلال حقبة "كوفيد - 19"، أو غيرها، تُثبت وجوب أن تحتفظ الدول والحكومات باليد العليا والسيطرة على الاقتصادات. ففي أوقات المِحَن، تلجأ الشعوب الى الدول لا الى الشركات. فتلك الأخيرة تهتمّ بالأرباح السريعة جداً، وليس بكيفية التعاطي مع الواقع والخَلَل الاجتماعي، وهو ما يرفع الحاجة الى الدول لتأخذ دورها بين الشركات والمواطن. وهذا هو التحدّي الجديد للدول والاقتصادات القادمة، الذي تحوّل الى عنصر أساسي في البرامج الانتخابية للمرشّحين في أي نوع من الانتخابات حول العالم".

وتابع:"أهمّ أنواع الدعم الذي تقوم به أي دولة في العالم لشعبها، والذي يجب أن يحصل في لبنان أيضاً، هو توفير العدالة للجميع على مستوى عدم التخلّي عن تأمين التعليم والطبابة للجميع. فهذه من أكثر الأمور التي يُنفق عليها الإنسان في حياته، والتي تؤمّن له استمرارية أساسية. هذا فضلاً عن إمكانية التوجُّه الى دعم أدوية "جينيريك" مُصنَّعَة في لبنان مثلاً، ودعم سلع مُصنَّعَة محلياً بما يسمح لها بأن تُصبح مُنافِسَة في السوق، وبأن تكون مُناسِبَة للقدرة الشرائية لدى الناس. فدعم قطاع الصحة مثلاً، والتعليم، وبعض مصانع المنتجات المحلية الأساسية، بتفاصيل مهمّة كتخفيف كلفة الكهرباء عليها مثلاً، وغيرها من الأمور، يوازي العمل على القيام بتصحيح اقتصادي".

وختم:"بالوضع الحالي، يمكننا القول إن القطاع الاقتصادي في لبنان عشوائي. ولكن التصحيح مُمكن من خلال رؤية اقتصادية، تحدّد دور لبنان الاقتصادي، ووظيفته الاقتصادية، وكيفية التخطيط للاقتصاد عموماً في وقت لاحق. وهذا ما نفتقده حتى الساعة".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا