قرار تعيين رئيس أركان الجيش.. ما له وما عليه
تعيين حكومة تصريف الأعمال لرئيس أركان الجيش اللواء حسان عودة بعد ما يزيد عن 15 شهرا على شغور المركز، كان حدثا مهما، لأن ملف الجيش اللبناني يختلف عن ملفات الوحدات الحكومية الأخرى. والجيش يشكل ضمانة للاستقرار ويحمي الدولة في ظل أسوأ وضع يمر به لبنان، بسبب الفراغ الرئاسي والأزمة الاقتصادية وكثافة عدد النازحين على أرضه والعدوان الإسرائيلي على الجنوب.
رئيس لجنة الدفاع الوطني النيابية جهاد الصمد قال: لا يجب ادخال المؤسسة العسكرية في بازار الانقسامات السياسية والحزبية، بينما أشادت غالبية القيادات النيابية والروحية بخطوة الحكومة، لأن الجيش كان يعيش أوضاعا غير طبيعية، وطالبت بضرورة استكمال التعيينات لباقي أعضاء المجلس العسكري ليتمكن المجلس من توفير استقرار اداري كامل للمؤسسة.
رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط، الذي كان له دور متقدم في الوصول إلى توافق حول رئاسة الأركان، أكد أكثر من مرة على أهمية تعيين مدير عام الإدارة ومفتش عام الجيش ايضا، وأن اللقاء الديمقراطي لم يجر مروحة الاتصالات لتوفير أرضية وطنية لتعيين رئيس الأركان على خلفية مذهبية (كون رئيس الأركان من حصة الموحدين الدروز) بل لتحصين الجيش في هذه الظروف الصعبة، وكي لا يطيح الفراغ المشؤوم في سدة رئاسة الجمهورية بما تبقى من ركائز الدولة.
من الصعب الدخول في كل تفاصيل القوانين والأسباب الموجبة وما قيل حول دستور الطائف لناحية صلاحية الوزير، وبعض ما قيل صدر عن شخصيات كانت تهاجم اتفاق الطائف حتى الأمس القريب. وجزء مما كتب يخدم أجندات حزبية وشخصية أكثر مما يقارب الوقائع الدستورية والوطنية. لكن لابد من تأكيد مسألتين أساسيتين في هذا السياق:
٭ أولا: الدستور وفي المادة 65 أعطى لمجلس الوزراء السلطة الإجرائية وصلاحية تعيين موظفي الدولة والسهر على أعمال المؤسسات العسكرية والأمنية. والمبدأ الدستوري الذي أقرته الدول الديموقراطية، ومنها فرنسا، يؤكد أن من لديه السلطة على الكل يملك الحق بالسلطة على الجزء من هذا الكل، كما أن الاجتهادات الدستورية المختلفة اعتبرت أن شكليات القرار لا تلغ جوهره، ومقررات الحكومة هي التي تنشئ الحق، وبالتالي تكون نافذة بذاتها، ولا يمكن إلغائها بموجب صلاحيات شكلية تتعلق بالمراسيم الإعلانية التي تشهرها، وهذه الوقائع تؤكد من دون أي شك أن قرار تعيين رئيس أركان الجيش نافذ حكما.
٭ ثانيا: القول إن ما جرى تجاوز لصلاحيات وزير الدفاع ليس في محله في الحالة المطروحة، لأن القانون 102/1983 ألزم الوزير بضرورة رفع 3 أسماء يقترحهم قائد الجيش مؤهلين لتولي المركز إلى مجلس الوزراء، وجرى العرف الإداري على أن يحصل ذلك قبل 3 أشهر من الاستحقاق، والوزير تمنع عن القيام بالمهمة المناطة به برغم أن المعلومات أكدت أن قائد الجيش حدد الأسماء المؤهلة، ورئيس الحكومة طلب من الوزير أن يرفعهم اصولا، وهو امتنع عن ذلك من جراء موقف سياسي يرفض فيه أي تعيينات بغياب رئيس الجمهورية، بينما ترى الحكومة ومعها غالبية القوى البرلمانية، أن الانتظام في عمل الجيش ضرورة وطنية ملحة لا يمكن تأجيلها، وتعيين رئيس للأركان جاء بتمن من جهات خارجية صديقة ايضا لأنه الوحيد القادر قانونا على تولي صلاحية قائد الجيش وكالة، والمؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي يجري التحضير له بجهود إيطالية وفرنسية، يفرض حضور القائد، وسفر العماد جوزاف عون مستحيل في حالة عدم وجود رئيس أركان.
وزير الدفاع موريس سليم الذي اعترض على قرار تعيين رئيس الأركان، يتعاطى بإيجابية مع القرار، وعلى عكس ما يشاع في بعض الأوساط الإعلامية، وهو لن يطعن به، واعلانه رفض توقيع المراسلات التي يرفعها اللواء عودة نيابة عن القائد، يحمل اعترافا ضمنيا بقرار التعيين من جهة، ويحفظ له ماء الوجه مع مرجعيته التي أغاظها القرار لأسباب شخصية من جهة ثانية.
ناصر زيدان - الانباء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|